تسعى بعض الأطراف إلى استخدام منصات القضاء الدولية لتحقيق أهداف سياسية بعيدة عن غايات العدالة الحقيقية.
الدعوى التي رفعها الجيش السوداني ضد دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية تمثل نموذجًا واضحًا لهذه المحاولات التي تفتقر إلى الأدلة الحقيقية، وتستند إلى اتهامات غير مستندة إلى حقائق ملموسة، ولا تعتبر طعن في موقف دولة الإمارات الإنساني فحسب، بل محاولة لاستغلال القضاء الدولي لأغراض سياسية دون الالتزام بالقانون الدولي.
منذ اندلاع الصراع في السودان في أبريل 2023، كان الموقف الإماراتي ثابتًا وموضوعيًا، بعيداً عن الانحياز إلى أي طرف في الحرب، وركزت الإمارات جهودها على تقديم الدعم الإنساني العاجل والمساعدة الطبية للمدنيين الذين أصبحوا ضحايا النزاع، وتأسيس مستشفيات ميدانية في المناطق الحدودية، في دور نبيل يعكس التزام عميق في تحقيق السلام، بعكس الاتهامات التي تسعى بعض الأطراف السودانية إلى ترويجها.
الدعوى المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية تأتي في توقيت يشهد فيه الجيش السوداني وحلفاءه من التيارات الإسلامية الإخوانية عزلة داخلية وخارجية، ويعكس محاولة لتغطية الفشل في إدارة الأزمة الداخلية من خلال تصدير الاتهامات ضد أطراف خارجية.
من الناحية القانونية، تسعى حكومة البرهان في هذه الدعوى إلى إثبات دعم الإمارات المباشر لقوات الدعم السريع عبر تهم غير موثوقة مثل تقديم أسلحة ومركبات، واستخدام المستشفيات الميدانية لأغراض غير إنسانية، عبر الاستناد إلى مزاعم تفتقر إلى أي دليل ملموس يمكن تقديمه أمام محكمة العدل الدولية. لم يقدم الجيش السوداني أي أدلة قاطعة تدعم هذه الاتهامات، بل اعتمد على تكرار ادعاءات غير مبنية على أسس قانونية واضحة. وعلى العكس من ذلك، قدمت الإمارات بيانات مفصلة ووثائق قانونية تنفي تمامًا كل ما وُجّه إليها من اتهامات، موضحة أن أي مساعدات كانت قد قُدمت للجانب السوداني كانت بموجب اتفاقيات قانونية رسمية قبل بداية النزاع.
ليس من السهل على محكمة العدل الدولية أن تصدر حكمًا في قضية تكون فيها الأدلة ضئيلة أو غير موجودة، بل على العكس، فإنها ستعتمد على المعايير القانونية الصارمة التي تحكم أي قضية في محكمة دولية. فهذه الدعوى التي لا تحمل أي دليل ملموس، ليست إلا هجومًا سياسيًا على دولة الإمارات دون مسوغ قانوني. ولذلك لن يكون لهذه القضية أية قيمة قانونية!
من الملاحظ أن هذه الدعوى السياسية تنطوي على محاولة لتحويل الأنظار عن سجل الانتهاكات والجرائم المرتكبة من قبل الجيش السوداني نفسه والتي يتحمل مسؤوليتها الكاملة مع حلفائه من الميليشيات الإخوانية. وبالتالي، فإن محاولة تحميل الإمارات مسؤولية ما يحدث في السودان لن تصب إلا في مصلحة أطراف تسعى إلى تشويه الصورة الدولية لدولة الإمارات التي عُرفت بجهودها الإنسانية في مختلف مناطق النزاع.
رد فعل الإمارات على هذه الدعوى كان سريعًا وحاسمًا، حيث وصفتها بأنها “حيلة سياسية” و”تشويه إعلامي غير مسؤول”. دولة الإمارات لم تكن في يوم من الأيام جزءًا من الصراع السوداني، بل كانت وما زالت تسعى لحل الأزمة من خلال الحوار الوطني والتعاون مع المجتمع الدولي، والمواقف الثابتة في العمل الإنساني والدبلوماسي تثبت أن الإمارات لم تكن في يوم من الأيام مسببًا للصراع، بل كانت دومًا داعمة للسلام.
من وجهة نظر القانون الدولي، لا يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تقبل مثل هذه الدعوى التي تفتقر إلى الأدلة الصلبة. المحكمة تعتمد على أدلة ملموسة، وليس على المزاعم الإعلامية أو الهجمات السياسية. كما أن الدعوى تفتقر إلى المنطق الأخلاقي، حيث لا يمكن تحميل دولة الإمارات التي قدمت دعمًا إنسانيًا ضخمًا للسودان طوال السنوات الماضية، مسؤولية الفظائع التي ارتكبها الجيش السوداني.
إذا كان هدف هذه الدعوى هو الضغط على الإمارات أو تشويه سمعتها، فإن الحقيقة ستظل واضحة أمام العالم. العدالة الحقيقية لا تُصاغ بالأكاذيب ولا تُبنى على مزاعم زائفة. الحقائق لا يمكن التلاعب بها أو تغييرها. الإمارات سعت دائمًا وستظل تسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار في السودان والمنطقة والعالم بأسره، ولن تنجح حملات التشويه في تغيير ذلك، ولا يمكن للقوى التي تعتمد على الأكاذيب والمناورات السياسية أن تفوز في معركة الحقيقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة