في زمن تتزاحم فيه الأصوات والصور على شاشاتنا، لم يعد كافياً أن يكون المحتوى جذاباً بصرياً أو لغوياً فقط، بل الأهم أن يكون موجهاً بدقة، بسيطاً في بنيته، وعميقاً في أثره.
إعداد المحتوى المتميز اليوم يقوم على فهم الجمهور، وإدراك أن الناس لا يبحثون عن كثافة المعلومات، بل عن رسائل واضحة تلامس احتياجاتهم أو مشاعرهم مباشرة.
واحدة من أبرز الاستراتيجيات الحديثة لصناعة المحتوى هي “قاعدة الرسالة المركزة”، التي تقوم على إيصال فكرة واحدة فقط في كل محتوى، مدعومة بثلاث إلى خمس نقاط داعمة على الأكثر. هذه القاعدة تنطلق من حقيقة أن الجمهور، وسط الضجيج الرقمي، يميل إلى التفاعل مع الرسائل التي يمكن فهمها فوراً دون عناء فك الشيفرات.
تطبيق هذه القاعدة في الواقع العملي يمكن أن يكون بسيطاً لكنه فعّالاً. على سبيل المثال، حملة توعوية بعنوان “كلمة تقدير تغيّر يوم شخص ما”، ترافقها صورة حقيقية من بيئة العمل أو الحياة اليومية، قد تترك أثراً أقوى بكثير من سلسلة منشورات طويلة أو مفرطة في التعقيد.
الرسائل ذات الطابع العاطفي، خاصة تلك التي تعكس لحظات إنسانية قريبة من التجربة اليومية، تظل الأكثر تأثيراً واستمرارية في ذاكرة الجمهور. ليس لأن العاطفة تضعف المحتوى، بل لأنها تمنحه صدقاً وسهولة في الارتباط الشخصي.
ومن الاستراتيجيات الداعمة أيضاً ما يُعرف بنموذج “أعمدة السياج”، الذي يبني المحتوى كسلسلة مترابطة ومتناسقة، حيث يقود كل جزء إلى الآخر، ما يعزز الشعور بالاستمرارية ويوجه الجمهور نحو متابعة المحتوى خطوة بخطوة.
اليوم، ومع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان اختبار قوة الرسالة قبل نشرها، وضبط توقيت النشر بدقة، ومعرفة تفاعل الجمهور لحظة بلحظة، مما يساعد في صياغة محتوى أكثر فعالية وتأثيرًا.
المحتوى المتميز لا يحتاج إلى تعقيد، بل إلى وضوح، وإحساس حقيقي، ورسالة واحدة تصل في الوقت المناسب. ففي عالم يعج بالمعلومات، البساطة المقصودة قد تكون أعظم أدوات التأثير.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة