طالبان و"المنطقة الخضراء" بكابول.. ماذا حدث لأطلال الإمبراطورية؟
كان وسط كابول قبل عام أشبه بأطلال إمبراطورية انهارت، لكنه عاد ينبض بالحياة بعد أن اتخذت حركة طالبان الحي الدبلوماسي مقرا لها.
فمنذ وقت ليس ببعيد، كان الحي، المعروف باسم المنطقة الخضراء، مقرا للبعثات الدبلوماسية وشاهدا على جهود حرب تكلفت مليارات الدولارات في أفغانستان.
ووفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية "كانت المركبات المدرعة تعج في شوارع الحي تنقل الدبلوماسيين الغربيين والمسؤولين الأفغان رفيعي المستوى، فيما كان صوت المروحيات الأمريكية لا يتوقف في السماء".
لكن المنطقة تشهد هذه الأيام ضجيجا من نوع آخر مع دخول طالبان المنطقة وجعلها منطقة خاصة بهم.
وتضيف الصحيفة:" أصبحت المنطقة الخضراء، مثل بنادقهم وعربات الهمفي والزي العسكري الذي زودتهم به الولايات المتحدة، أحدث بقايا المجهود الحربي الغربي الذي أعادت طالبان توظيفه أثناء قيامهم ببناء جيشها وحكومتها".
واستقر المسؤولون الأثرياء مع إدارة طالبان وعائلاتهم في البنايات التي هجرها المسؤولون الغربيون عقب انهيار الحكومة السابقة في أغسطس/ آب عام 2021 وهروب معظم سكان المنطقة الخضراء.
تغيرت معالم المنطقة بشكل كبير، فتحول مجمع السفارة البريطانية السابق إلى مدرسة دينية جديدة، فيما تحول المقر السابق لحلف الناتو إلى مركز لقوات الأمن التابعة للحكومة الجديدة.
تحول الحي وجدرانه المقاومة للانفجار إلى دليل على الإرث الدائم للاحتلال وتذكيرًا بأنه حتى عندما تغادر القوات الأجنبية فإن البصمة المادية التي تتركها مشهد البلاد غالبًا ما يستمر إلى أجل غير مسمى.
وخلال الحرب التي استمرت لعقدين، احتلت المنطقة الخضراء مكانًا فريدًا في الوعي الجماعي لكابول. كانت المنطقة ذات يوم عبارة عن حي أخضر مورف تقطنه الطبقة المتوسطة العليا مع شوارع تصطف على جانبيها الأشجار وفيلات أنيقة وشارع واسع، لكن المنطقة تحولت إلى قلعة رمادية باهتة من حواجز خرسانية يبلغ ارتفاعها 16 قدمًا.
وبالنسبة لبعض الأفغان الذين لم يتمكنوا من دخولها، حيث كانت المنطقة التي لا يمكن اختراقها والتي تمتد عبر وسط كابول مصدر استياء عميق– نظرا للترتيبات الأمنية للمسؤولين الغربيين التي تعيق حياة الأفغان اليومية.
وكان بناء الأسوار الشاهقة في زمن الوجود الغربي نذيرًا بخسارة الحرب رغم مزاعم الجنرالات الغربيين بشأن الانتصارات في ساحة المعركة والمعالم التي تم تحقيقها، لكن البناء المستمر للجدران والحواجز المقاومة للانفجارات كان التقييم الأكثر صدقًا لإخفاقات الغرب في كبح جماح الحرب.
عندما سيطرت طالبان على كابول، انتابتهم الريبة تجاه هذه المباني الخرسانية. وظل عملاء الاستخبارات التابعون لإدارة طالبان يتنقلون من مبنى إلى آخر يفتشون المباني التي أحاطها الغموض لنحو 20 عامًا.
وكانوا يعتقدون أن كل مبنى منها يحتوي على أسلحة مخفية وكانت كل كاميرا مراقبة بالنسبة لهم علامة على التجسس.
ووفقا للصحيفة، يعكس الوجود الكبير لحراس الأمن في المنطقة انعدام الأمن الذي يهدد السلام الهش في البلاد منذ انتهاء الحرب التي قادتها الولايات المتحدة، ولا تزال الهجمات الانتحارية من الجماعات الإرهابية تعصف بالمدينة.
كما لا تزال السفارة الأمريكية خاوية لم يمسها أحد.