كابوس كاخوفكا.. سباق الحياة في بانوراما عائمة
مياه تجتاح الشوارع والمنازل، وسكان يهرعون بما امتلكت أيديهم، وجثث تطفو على جانبي نهر دنيبرو، ومدينة تتحول لبانوراما مائية وحطام عائم.
ومع بدء ارتفاع منسوب المياه الغاضبة من سد كاخوفكا، تحدثت تقارير إعلامية عن إجلاء حوالي 4000 شخص في المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية والأوكرانية، وفقا لمسؤولين من كلا الجانبين.
لكن جزءا بسيطا من حوالي ٤١ ألف ساكن تقدر أوكرانيا أنهم معرضون للخطر، من الفيضانات.
من قصف السد؟
وفيما لم يتضح بعد سبب انهيار السد، وسط اتهامات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا، قال خبراء إن انفجارا متعمدا وقع داخل السد الخاضع للسيطرة الروسية منذ بداية الحرب، تسبب على الأرجح في انهيار الهيكل الهائل للخرسانة المسلحة بالفولاذ.
فالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتهم روسيا بالوقوف وراء الحادث، مشيرا إلى أن موسكو استخدمت "الفيضان كسلاح".
في المقابل، ألقى المسؤولون الروس باللوم على القصف الأوكراني في إلحاق الضرر بالمنشأة.
وتعرّض السد الكهرمائي الواسع الذي يعود إلى الحقبة السوفياتية، للانهيار، في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء، ما أدى إلى تدفق مياه الفيضانات عبر مساحات شاسعة من منطقة الحرب في جنوب أوكرانيا.
وارتفعت مستويات المياه في نهر دنيبرو بشكل حاد، ما أدى إلى غمر الأراضي الزراعية والقرى والبلدات، بما في ذلك جزء كبير من العاصمة الإقليمية خيرسون.
والشوارع التي كانت في السابق على بعد مئات الأمتار من ضفة النهر، أصبحت الآن مغمورة بالمياه، وتم إنشاء أرصفة للتنقل بواسطة قوارب صغيرة.
في هذه الأثناء، أفادت وسائل إعلام روسية بوفاة ٥ أشخاص غرقا بعد تدمير سد كاخوفكا في خيرسون، فضلا عن تصريحات للشرطة الأوكرانية جاء فيها أن هناك ٣ أشخاص في عداد المفقودين.
ونقلت المصادر ذاتها عن فلاديمير ليونتييف رئيس بلدية نوفا كاخوفكا قوله "قضى ٥ أشخاص كانوا يرعون الماشية غرقا"، مشيرة إلى أنه تم نقل حوالي 40 شخصا إلى المستشفات.
وفي بلدات متفرقة بمدينة خيرسون، يواصل رجال الإنقاذ مساعدة السكان الذي تقطعت بهم السبل في مناطق غارقة بالمياه، لانتشالهم والوصول بهم إلى بر الأمان.
فهذا أوليكسي كوليسنيك الذي وصل إلى الشاطئ من الجانب الأوكراني، ووقف مرتجفا على أرض جافة لأول مرة منذ ساعات، بعد أن أمضى الفجر جالسا فوق خزانة في غرفة المعيشة التي غمرتها المياه.
يقول كوليسنيك لصحيفة "نيويورك تايمز": "لقد جاءت المياه بسرعة كبيرة.. لقد حدث ذلك بسرعة".
وإلى جانب السكان، يتدافع عمال الإنقاذ لإنقاذ آلاف الحيوانات التي حوصرت بسبب مياه الفيضانات في مدينة خيرسون.
إذ يتعرّض العديد من الكلاب والقطط والحيوانات الأليفة الأخرى للخطر بعد أن هجرها أصحابها عند فرارهم من مياه الفيضانات الناجمة عن انهيار السد.
ووصلت إيرينا بوخونسكا، رئيسة قسم تربية الحيوانات في مدينة ميكولايف المجاورة، إلى خيرسون، يوم الثلاثاء، للمشاركة في جهود الإنقاذ.
وبحلول وقت الغداء في ذلك اليوم، قالت بوخونسكا إن فريقها أخذ بالفعل 10 كلاب إلى ملجأ، وجلب 30 آخر إلى الشاطئ.
وتمتد مدينة خيرسون، مركز الصناعة الزراعية الأوكرانية في الجنوب، على منحدرات على الضفة الغربية لنهر دنيبرو.
وكانت العديد من الأحياء بمنأى عن الفيضانات، لكن المناطق المنخفضة بحلول يوم أمس الأربعاء كانت عبارة عن بانوراما للمياه والحطام العائم.
لاريسا خارتشينكو، ممرضة متقاعدة، اعتقدت أن منزلها بعيد عن الفيضانات، بالأمس، لكن سرعان ما باغتتها المياه للتسرب من بابها.
تركيا تدخل على الخط
في مكالمتين منفصلتين مع زيلينسكي وبوتين، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى "تحقيق شامل" من قبل لجنة تضم ممثلين عن الأمم المتحدة، بالإضافة إلى خبراء روس وأوكرانيين.
وقال أردوغان إن التحقيق يجب أن يتم "بطريقة لا تترك مجالا للشك".