بالفيديو.. قصة فيلمين فضحا خامئني وتنبآ بسقوطه
"الرئيس وخفايا حياة خامنئي"، فيلمان للمخرج الإيراني المنفي محسن مخملباف فضح فيهما نظام خامئني وتنبأ بسقوطه
"الموت للديكتاتور".. شعار رفعه الشعب الإيراني في مظاهراته الأخيرة ضد خامئني حاكم إيران في أعنف انتفاضة يتوقع أن تحدث تغييرات جذرية خلال الأيام المقبلة.
ولأن الفن الصادق غالباً ما يعبر عن هموم الناس ومشاكلهم، بل أحياناً ما يحمل إرهاصات وتنبؤات قد تتحقق بعد حين، فربما يكون فيلم (الرئيس) للمخرج الإيراني المنفي منذ عدة سنوات محسن مخملباف من هذا النوع، حيث يتناول هذا الفيلم نهاية حكم ديكتاتوري جراء انقلاب عنيف، وبعد أن يصبح الديكتاتور الأول مطلوباً يفر مع حفيده البالغ من العمر 5 أعوام ويتنكران في زيين موسيقيين بالشارع، ليكتشف الطاغية معاناة الشعب وعمق مشاعر الكراهية ضده.
والفيلم الذي عرض في فرنسا وسويسرا ومهرجان البندقية ومهرجانات أخرى وحقق نجاحاً كبيراً، قام على بناء ثنائية خاصة بإحساس المخرج المميز حول العلاقة بين الديكتاتور المسن وحفيده الصغير في مقابلة مع ثنائية الفساد والظلم في مواجهة البراءة والاكتشاف المبكر للأشياء، بالإضافة للانتقال من عالم الغنى الفاحش والسعادة المصنوعة إلى التعرف على حجم البؤس والمعاناة والظلم في حياة الناس اليومية.
وفي الفيلم نرى الديكتاتور يرحل مع عائلته (زوجته وابنتيه) إلى الخارج في طائرة خاصة، إلا أن الطفل يصر على البقاء مع جده الذي كان على ثقة من أنه سيسحق التمرد ومن ولاء جيشه وتابعيه له، لكن كل شيء يتغير بانقلاب الجيش عليه، ليتحول إلى مطارد مع بعض المقربين منه كسائقه وحارس أمنه الشخصي الذي يقتل دفاعاً عنه.
وينهي مخملباف فيلمه مع مشهد اكتشاف الرئيس في مخبئه، بعد أن لمحه أحد الفلاحين يتنكر كخيال مآتة عند مرور الجنود الباحثين عنه، فيبلغ سكان القرية الذين يطاردونه في لحظة وصوله إلى البحر منتظراً من سيأتي إلى تهريبه لبلد أجنبي، وهو مشهد مستوحى من نهايات معاصرة في الواقع العربي.
ومخملباف الذي يعمل حالياً رئيس أكاديمية السينما الآسيوية، ويقيم في لندن، وهو عضو تحكيم متنقل في مهرجانات السينما العالمية، حاولت السلطات الإيرانية اغتياله مرتين في باريس، فالأمر يتجاوز فيلم (الرئيس) إلى 7 أجزاء كاملة قبلها قدمها في فيلم وثائقي بعنوان «خفايا حياة خامنئي»، حيث عرى شخصية مرشد الثورة، وقدمها للناس على حقيقتها، بكل ما فيها من ترف، بعكس ما يصوّره الإعلام في إيران الذي يظهره زاهداً ومتواضعاً، كي يضفي هالة من القداسة على شخصه.
والفيلم في أجزائه يفضح كيفية تبذيره أموال الشعب على نفسه وعائلته وحاشيته وجيوشه المنتشرة في المنطقة، فيما الفقر والعوز يهددان البلاد، كما يكشف عن كل ما يتعلق بتفاصيل حياته وعلاقاته الشخصية وطريقة عيشه، وأسلوب إدارته للبلاد، وكيف يصل الرعب بالديكتاتور إلى استحضار جهاز خاص من أمريكا بخمسمائة ألف دولار لأجل أن يتأكدوا من عدم تسمم الطعام الذي يقدم له، حيث يضيفون على الطعام مادة ويضعونها في الجهاز وعلى الطباخ أن يأكل أولاً.
ومن مظاهر الترف والبذخ التي يشير إليها الفيلم أن لديه مائة من الخيل قيمتها 40 مليون دولار، كما أن لديه ما يشبه مغارة علي بابا التي تحتوي على خواتم وعقيق بملايين الدولارات، حيث يملك خامئني تشكيلة نادرة من الخواتم الثمينة، تعدادها 300 خاتم لا مثيل لها في العالم، ثلاثة منها وصلت إليه من مدينة القدس من جهة غير معروفة، تعتبر تحفاً فنية تاريخية، وهناك خاتم رابع من العقيق النادر الكثير القدم، يتجاوز ثمنه 500 ألف دولار، بالإضافة للعصي الأثرية المرصعة بالعقيق، ناهيك عن وجود مهرج يقول النكت الساقطة اسمه جودي، وطبعاً عند الديكتاتور ناقلو أخبار (بصاصين) ثابتون، ولديه زوجتان زواج متعة منذ أيام الشاه، ليثبت المخرج أن مرشد الثورة ليس سوى «شاه» آخر، وأن كان الأخير يدعي الشرف والزهد.
ويتضمن الفيلم وجود نظام خاص للطعام يشمل أسماك السلمون المرقط، الذي يرسل إليه من مزارع خاصة على ضفاف نهر «لار»، إضافة إلى الكافيار الرشتي، وهو من أجود أنواع الكافيار الإيراني الذي لا يعثر عليه إلا في أوقات معينة من السنة في بحر الخزر مقابل شواطئ مدينة رشت في الشمال، كما يتناول السمان والنعام لخلوها من الدهون والكوليسترول .
هذا هو العالم السري الذي فضحه المخرج الإيراني محسن مخملباف، والذي عانى من الديكتاتور ومطاردته حتى النفي، فكانت هذه السلسلة وأخيراً فيلم الرئيس، وكلها تكشف وتتنبأ في سياقها بالمصير المتوقع لأمثال هؤلاء الفاشيين الذين ترفع ضده الآن المظاهرات وتطالب بالموت له، ليثبت الفن الصادق أنه قادر على التنبؤ أحياناً بما لا يستطيعه الآخرون.