كريمة مختار.. "ماما نونة" تعيش في قلب البيوت العربية
في 12 يناير 2017 ترحل "ماما نونة" عن عمر ناهز 82 عاماً، وتتركنا بعدما حجزت لنفسها مكاناً في قلب كل البيوت العربية
كل الذين اقتربوا من الفنانة الراحلة كريمة مختار أجمعوا أن شخصيتها في الحقيقة كانت شديدة القرب من الشخصيات التي قدمتها على الشاشة، وأنها كانت أماً لكل الفنانين، تسمع مشاكلهم وتمدهم بالنصيحة، لذا تركت عند رحيلها مساحة كبيرة من الحزن في قلب كل البيوت العربية.
وُلدت كريمة مختار في 16 يناير/كانون الثاني عام 1934 وسط أسرة متوسطة الحال، حصلت على بكالوريوس الفنون المسرحية، ورغم حبها للتمثيل عانت كثيراً في دخول الوسط الفني، إذ رفضت أسرتها الأمر في البداية لذا لجأت إلى الإذاعة وعملت في برنامج "بابا شارو" خلال فترة الخمسينيات.
من خلال أثير الإذاعة لمع صوت كريمة مختار وتم الاستعانة بها في تقديم الأعمال الدرامية الإذاعية، وشاءت الأقدار أن تلتقي بالمخرج نور الدمرداش، ونشأت قصة حب بينهما وتزوجا عام 1958، لم يقف الدمرداش في طريق زوجته، ولأنه مؤمن بموهبتها رشحها للعمل في فيلم "ثمن الحرية" عام 1964.
ونجحت "مختار" في جذب الأنظار، وتوالت عليها العروض في السينما، ومنها: "المستحيل، نحن لا نزرع الشوك، رجل فقد عقله"، وقدمت أيضاً على شاشة التلفزيون أعمالاً مهمة مثل "الضباب، ذكريات بعيدة، أشجان، القاهرة والناس".
وعلى عكس كل بنات جيلها كانت كريمة مختار جريئة في الانتقال إلى تقديم دور الأم على الشاشة، فقد لعبت هذا الدور مبكراً وبرعت في تقديمه بدقة، وصارت بمرور الوقت وتعدد الأدوار أفضل ممثلة تجسد دور الأم المصرية في السينما والتلفزيون في العصر الحديث، وفي هذه المنطقة قدمت أعمالاً جميلة ولافتة مثل فيلم "الحفيد".
وفي 7 فبراير/شباط 1994 توفي نور الدمرداش إثر أزمة قلبية مفاجئة وشعرت كريمة مختار أنها فقدت عرابها ورفيق عمرها، لذا عاشت في دوامة من الحزن دفعتها للتفكير في الاعتزال والابتعاد عن الساحة.
وبالفعل غابت عن الساحة 3 سنوات، إلا أن أبناءها الـ4 "شريف وأحمد وهبة ومعتز الدمرداش" نجحوا في إقناعها بالعودة للتمثيل واستئناف نشاطها الفني.
وبعد العودة قررت "نونة" تقديم أعمال تناقش قضايا اجتماعية جريئة، ونجحت في ذلك بالفعل واستطاعت أن تقدم أعمالاً مؤثرة، مثل "ساعة ونص، الفرح، البخيل وأنا".
ولاقت كل أدوارها إعجاب الجمهور والنقاد، إلا أن دور "ماما نونة" الذي قدمته في مسلسل "يتربى في عزه" أمام الفنان الكبير يحيى الفخراني شكل نقلة نوعية في مشوارها الفني، حيث جسدت دور الأم الحنونة التي لا تغضب ابنها ولا تعارضه مهما كانت تصرفاته وقراراته طائشة، ومنحها الجمهور لقب "ماما نونة" بدلاً من ماما كريمة.
وفي 12 يناير/كانون الثاني 2017 رحلت "ماما نونة" عن عمر ناهز الـ82 عاماً، ماتت بعدما حجزت لنفسها مكاناً في قلب كل البيوت، تاركة خلفها 22 فيلماً و33 مسلسلاً ومسرحية وحيدة هي "العيال كبرت".