طالبت واشنطن قبل ثلاثة أيام أنقرة بضرورة الإفراج الفوري عن عثمان كافالا.
الناشط الحقوقي ورجل الأعمال التركي المعروف في أوساط المجتمع المدني، وذلك بعد نحو ثلاثة أسابيع من دعوةٍ مماثلة لإطلاق سراح المرشح الرئاسي السابق صلاح الدين دمّيرتاش، وهو أيضاً الرئيس المشارك الأسبق لحزب "الشعوب الديمقراطي".
المختلف في هذه الدعوات أنها تأتي في وقتٍ تشهد فيه العلاقات التركية-الأمريكية توتراً كبيراً بعد وصول الرئيس "الديمقراطي" جو بايدن إلى البيت الأبيض، وهو الذي لا يحظى بعلاقةٍ جيدة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، علاوة على أن صفقة صواريخ إس- 400 التي أبرمتها أنقرة مع موسكو قبل سنوات تشكل حجر الأساس في هذه الخلافات، حيث جددت واشنطن رفضها لتلك الصفقة التي ترى فيها خطراً على حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وعلى الرغم من أن أنقرة أعربت عن استعدادها للتفاوض مع واشنطن حيال الصفقة الروسية، إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية جددت يوم العاشر من فبراير/شباط الجاري عدم تغيير موقفها من حصول تركيا على تلك الصواريخ، وهو ما يعني الاستمرار في فرض ضغوطاتٍ إضافية على الجانب التركي ريثما تتخلص من مخاطر تلك الصفقة، خاصة أنها كانت قد فرضت أيضاً عقوباتٍ على قطاع الصناعات الدفاعية التركية أواخر العام الماضي.
إن دعوة واشنطن لأنقرة بالإفراج الفوري عن معارضين بارزين يقبعان في السجون التركية منذ سنوات، توحي بوضوح عدم وصول كلا الجانبين لحلول فيما يتعلق بالملفات العالقة بينهما، كما أنها تنذر بمزيدٍ من التصعيد إن لم ترضخ أنقرة للشروط الأمريكية المتمثلة بالتخلي كليًّا عن صفقة الصواريخ الروسية، لا سيما وأن الجانب التركي رفض دعوات واشنطن المتكررة بالإفراج عن كافالا ودميرتاش، إذ يقبع الأول في السجن منذ أكتوبر/تشرين الأول من عام 2017، والثاني منذ 5 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2016.
ومقابل الإصرار الأمريكي على حريّة كلا المعارضيْن اللذين يتمتعان بشعبيةٍ كبيرة في الداخل التركي، ترفض أنقرة رسميًّا ما تسمّيها بـ"توجيه أوامر" لمحاكمها. لكن مع ذلك يبدو أن ملف حقوق الإنسان الذي يشهد تراجعاً كبيراً في تركيا، سيكون بمثابة ورقة ضغط تساهم في حصول واشنطن على تنازلاتٍ تركية، وهو ما دعاها لتكرار مطالبتها بالإفراج عن كافالا ودميرتاش مرتين متتاليتين في غضون ثلاثة أسابيع.
من الواضح حتى الآن أن الرئيس الأمريكي الجديد لن يتراجع عن وعوده التي أطلقها قبل وصوله إلى البيت الأبيض، والتي تمثلت بدعم المعارضة في تركيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيدٍ من التوترات في العلاقات التركية-الأمريكية، لا سيما وأن أنقرة غاضبة بالفعل من الإدارة الأمريكية الجديدة بعد تعيينها لمسؤولين تربطهم صلات وطيدة مع "قوات سوريا الديمقراطية" التي تحاربها أنقرة، وكان من بين هؤلاء المسؤولين بريث ماكغورك الذي عيّنه بايدن كمستشارٍ للأمن القومي الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بطبيعة الحال، من المحتمل أن تقدّم أنقرة بعض التنازلات لواشنطن إذا ما رفضت إطلاق سراح معارضيها، لكن هذا الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً، وهو ما يعني فعليًّا استمرار التوتر في العلاقات التركية-الأمريكية حتى إشعارٍ آخر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة