مجزرة جبلة بالعراق.. "خدعة كبرى" تكشفها إقالات وتحقيق
أصدر رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، اليوم الإثنين، جملة قرارات تضمنت إقالة مسؤولين أمنيين، بشأن مجزرة راح ضحيتها 20 شخصاً الأسبوع الماضي، خلال مداهمة أمنية، جنوب العراق.
قرارات الكاظمي تكشف، حسب متابعين، "خدعة كبرى" في دوافع المجزرة ويرجح رواية ذكرها مطلعون على المجزرة تخالف الرواية الرسمية الأولى للوقائع.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان، حصلت "العين الإخبارية"، على نسخة منه، إن "القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، تابع باهتمام بالغ تفاصيل المجزرة الدامية التي ارتكبت في منطقة جبلة بمحافظة بابل".
وأضاف البيان أن الكاظمي أمر بتولي جهاز الأمن الوطني التحقيق في الجريمة؛ للتوصل إلى الحقائق حول تفاصيلها، والمتورطين بها، وأيضا تأشير الخلل في المنظومة الأمنية".
وأوضح البيان أن هذا الخلل "سمح بنقل معلومات استخبارية غير دقيقة لأغراض شخصية، وتسبب بسقوط أبرياء، أو السماح بتضليل المراجع الأمنية والرأي العام حول حقيقة الحادث وملابساته".
وفي وقت سابق قرر رئيس الوزراء العراقي سحب ملف التحقيق في المجزرة من وزارة الداخلية وإسناده إلى جهاز الأمن الوطني.
واعتبر مراقبون محليون أن تكليف جهاز الأمن الوطني بدلاً عن وزارة الداخلية يكشف عن عدم ثقة رئيس الوزراء بقيام الأخيرة بإجراء متوازن ومهني لتورط عناصر تابعة لها بالحادث.
وكانت مواجهات وقعت في شمال بابل في قضاء الجبلة بمنطقة الراشدي، استمرت لأكثر من ساعتين بين قوات أمنية وأحد المطلوبين في محافظة بابل، أسفرت عن إصابة 2 من القوات الأمنية، ومقتل 20 شخصاً من عائلة المطلوب للقضاء، بينهم 12 طفلا.
وأشارت مصادر إلى أن المطلوب هو من قام بقتل أطفاله وعائلته داخل الدار بعد مواجهات مع القوات الأمنية، لكن رواية أخرى ثبت قربها للصحة بحسب الإجراءات اللاحقة تقول إن عملية الإبلاغ وترتيب إجراءات المداهمة تمت بسبب خلافات عائلية وبدافع ثأري.
وقرر الكاظمي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، تشكيل فريق تحقيق أمني برئاسة رئيس أركان الجيش، وكذلك إقالة قائد شرطة بابل ومدير استخبارات بابل، ومدير استخبارات جبلة، وإحالتهم إلى التحقيق الفوري، وتقديم كل المتورطين بالجريمة إلى القضاء لتنفيذ أقصى العقوبات بحقهم.
وفي وقت لاحق، حدد الناطق باسم مكتب القائد العام اللواء يحيى رسول، الخلل الأساسي الذي سمح بحدوث جريمة جبلة بمحافظة بابل.
وذكر رسول أن "المعلومة الاستخباراتية يجب أن تدقق قبل أن تخرج قوة وتداهم كما حصل في الحادثة وهذا خلل مهد لحدوثها".
وأشار إلى "تصديق أقوال 14 من المتهمين بالقضية ممن نقل المعلومات الكاذبة والمشاركين بالجريمة وهناك توجيه بمنع التداخل الأمني والاستخباراتي".
وعن اعترافات المتهمين أكد رسول، أن "المتهمين جميعهم من القوة المنفذة والاعترافات الآن أمام القضاء وهو قادر على إحقاق الحق، وتم الاستماع للشهود من جيران عائلة الضحايا".
وكانت الرواية الرسمية التي قدمتها أجهزة الأمن التابعة للداخلية ادعت أن قوة من الاستخبارات داهمت منزلاً لتاجر مخدرات يؤوي اثنين من الإرهابيين في منزله.
غير أن التفاصيل اللاحقة أظهرت رواية تتقاطع تماماً مع الرواية "الزائفة" الأولى، حيث تبيّن من مصادر كثيرة، أمنية وصحافية ومن أقارب الضحايا، أن مفرزة من الاستخبارات تعمل في مجال مكافحة المخدرات جاءت من العاصمة بغداد لإلقاء القبض على رب الأسرة، رحيم كاظم الغريري، بذريعة متاجرته في المخدرات، وإيوائه لإرهابيين، ومن دون علم محافظ بابل.
وكذلك تبين، بحسب أقارب الضحايا، أن الرأس المدبر للهجوم كان نسيب الغريري النقيب شهاب عليوي طالب الذي يعمل في مديرية مكافحة المخدرات، نتيجة خلافات عائلية بينهما. وما زال النقيب هارباً بعد وقوع الجريمة.
وتظهر الصورة التي نشرتها وسائل إعلام مختلفة لمنزل الضحايا حجم الأسلحة التي استخدمت في العملية، وتفيد بعض المعلومات بأن القوة التي هاجمت المنزل كانت بإمرة ضابط برتبة عقيد واستخدمت أسلحة متوسطة وثقيلة وقنابل غازية لاقتحام المنزل، ما أدى إلى قتل واختناق جميع أفراد العائلة.
وما زال الحادث المروع يثير المزيد من النقاشات والجدل بشأن عمليات الاعتقال التعسفية التي تتهم بها القوات الأمنية، وكذلك يثير المزيد من مشاعر القلق حول وجود أعداد غير قليلة من العناصر غير المنضبطة داخل الأجهزة الأمنية التي تستثمر رتبها ومناصبها لتحقيق أهدافها الخاصة.
بدورها، رأت مفوضية حقوق الإنسان، أن "كل عملية اعتقال بالإمكان أن تكون جبلة أخرى".