العراق.. تحولات سياسية كبرى في 2022
يغادر العراق عام 2021، على وقع متغيرات عديدة يصنف بعضها بالهام والمفصلي، إذ من شأنها رسم مسارات مستقبل البلاد.
وإذ يودع العراق عام 2021، على وقع إعلان القضاء النهائي عن نتائج الانتخابات التشريعية، ينتظر في العام الجديد تغييرا كبيرا في تراتبية المشهد السياسي، وتشكيلة غير مسبوقة في أعضاء البرلمان.
وضمن تقارير استشرافية تعدها "العين الإخبارية"، نحاول في هذا التقرير معرفة كيف يرسم العراقيون ملامح مستقبل الوضع السياسي في البلاد، خلال العام الجديد 2022.
انتخابات تاريخية
تدخل الأرقام المعلنة في الانتخابات المبكرة مرحلة الإعراب والتحول لأوزان حكومية، بعد أن صادقت المحكمة الاتحادية، أعلى هيئة قضائية في العراق، على النتائج التشريعية، عقب أكثر من شهرين ونصف، من إجرائها في أكتوبر/تشرين الأول.
وتأتي الانتخابات المبكرة كواحدة من أهم الأحداث التي شهدها العراق، ليس في عام 2021 فحسب، وإنما على مستوى الممارسات الديمقراطية الخمس التي عاشتها البلاد ما بعد 2003.
وتتمثل المفارقة في اقتراع أكتوبر/تشرين الأول، بأنها جاءت بوقائع وأرقام هيأت لتراجع قوى "اللادولة" التي حكمت العراق طوال العقدين الماضيين، وفتحت في الوقت ذاته الباب أمام قوى وأحزاب مناوئة للمصالح الإقليمية، على حساب مصلحة العراق، فضلاً عن وصول شخصيات وقوى مستقلة تشكل بمجموعها قوة لا يستهان بها في البرلمان المقبل.
إسكات البنادق
وعلى ما يبدو فإن "احتجاجات تشرين" الشعبية التي عمت أرجاء العراق في خريف 2019، بدأت بحصد ثمارها بعد عامين من انطلاقها، بإضعاف صوت بنادق الظل، وتقدم سطوة الصوت الوطني وإرادات التصحيح في المسارات المتعرجة التي خطتها الحكومات المتعاقبة.
وبعد احتجاجات 2019 وانتخابات 2021 يترقب العراقيون 2022 مستقبلاً تتوافر فيه البيئة المناسبة التي تقوم عليها أسس البناء الصحيح، الذي من شأنه تقليل الهوة بين الدولة ومؤسساتها، وتقليم مخالب المليشيات المتغولة في مفاصل الحياة السياسية والمدنية.
وبتراجع العناصر التي مثلت أدوات كبح وتعطيل لصناعة مؤسسة حكومية وطنية، يدخل العراق عام 2022 بمعطيات دولة من شأنها إذا ما أحسن التعامل مع تلك المدخلات، أن تشطب الكثير من الأخطاء السياسية التي جعلت البلاد لسنين طوال تحت وطأة الفوضى وعدم الاستقرار، يقول محللون وخبراء.
كسر التابوهات
يقول المحلل السياسي علي الكاتب إن "انتخابات تشرين كانت نتاجاً لمرحلة وعي شعبي مختلفة، وهو ما أكدته النتائج التي جاءت فيها بكسر (التابوهات) بما يهيئ مستقبلاً بإسقاطها على نحو تام"، في إشارة إلى "قدسية المليشيات".
ويؤكد الكاتب، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "هنالك إرادة مجتمعية كبيرة على نبذ المفاهيم الخاطئة التي كانت حتى الأمس القريب تخدع بها الجماهير، وتساق أصواتها ومواقفها بمحركات الطائفية والتمذهب والدين"، مستدركاً بالقول: "لكن الأمر يحتاج لوقت ليس بالقصير لاسترجاع الوعي الوطني المغيب".
ويلفت الكاتب إلى أن "العراق أمام استحقاقات كبيرة ومهمة على مستوى صناعة القرار السياسي والحكومي وطبيعة التعامل مع التكليف بمهام مسؤوليات إدارة الدولة".
من جانبه يرى إحسان الشمري، رئيس مركز "تفكير" السياسي، أن العراق بمفهوم أدائي استطاع في المرحلة التي رافقت احتجاجات أكتوبر، وليس انتهاءً بانتخاباته المبكرة، تثبيت بنى تحتية، من الممكن أن يقوم عليها بناء صالح للاستخدام المؤسساتي.
ويضيف الشمري، قائلا لـ"العين الإخبارية"، إن "الحكومة المقبلة أمام مسؤولية مختلفة لا تتقبل الأخطاء الكبيرة، بعد أن استنزفت جميع موارد الدولة، بما أنتجت من معادلة معقدة لا تتحمل التجريب والمغامرة مجدداً".
ويلفت الشمري إلى طبيعة التغير الحاصل في شكل السياسة الخارجية للعراق، بالتحرك نحو الفضاء الدولي والعالمي، وبانعتاقه من المقبض الإقليمي الأحادي، وهو ما يمثل قفزة كبيرة وتطورا مهما، عما كان عليه الحال، طوال المرحلة الماضية، وهو ما يدفع بفرص نجاة أكبر للبلاد من إخفاقاتها البنيوية نتيجة تلك السلوكيات.
وأسهم وصول رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى القصر الحكومي في مايو 2020، في إعادة توجيه البوصلة العراقية من مناطق النزاع الإيراني الأمريكي، إلى الحاضنة العربية والدولية، على أساس المصالح والعلاقات المشتركة.
فضلاً عن ذلك، وبحسب آراء خبراء ومحليين سياسيين، استطاعت حكومة الكاظمي ورغم عمرها الذي يتجاوز عامه الثاني، من كبح جماعات الفصائل المسلحة المقربة من إيران وتقليص دوائر نفوذهم في القرار السياسي للبلاد.
ومع كل تلك الرهانات على عراق مختلف خلال المرحلة المقبلة طبقاً لمعطيات الحاضر السياسي، تبقى قدرة القوى الصاعدة والواعدة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، من يحدد مديات ذلك التغيير المنشود والمتوقع.
aXA6IDMuMTI4LjIwMS4yMDcg جزيرة ام اند امز