أصبح الناس مع وسائل التواصل الاجتماعي جنود مسيرين غير مخيرين في ضرب الأهداف التي صنعت لأجلها هذه الأخبار
صورة وصلتني لرؤوس مقطعة ومصفوفة بعضها إلى بعض وأكوام لأجساد مشوهة، والتعليق يبكي العين ويدمي القلب، فقد كان المشهد يحمل عتباً لكل مسلم وهو يشاهد هذه الصور، فالتعليق يقول إنها لأبناء المسلمين في تلك البلاد ذنبهم الوحيد أنهم يقولون " لا إله إلا ﷲ، ﷴ رسول ﷲ ﷺ!!
وعندما تمحصت وبحثت عن أصل الصور وجدت أنها لعصابتين في البرازيل يتزعم كل منهما مناصفة أحد أشهر السجون خطورةً في العالم، وأن الخلاف بين هذه العصابتين على زعامة السجن قد وصل أوجه، وبلغ منتهاه، فانتهى بينهم التهديد والوعيد إلى معركة بالسيوف والسواطير، نتج عنها ما أبكى أعيننا من صور ظننا أنها لمسلمين مستضعفين!!!
حقيقةً أقولها، فاليوم لم يعد الخطر في هذا الزمان يخيف الأمم من سلاحٍ حديث ومتطور صنع في تلك البلاد أو في ذلكم المكان، فالدول أصبحت تعزز قدراتها الدفاعية بشتى الطرق هنا وهناك، فالأسلحة كلما زاد خطرها قل عدد ممتلكيها، ولكن الخطر الحقيقي يأتينا من أسلحة بسيطة أضحت اليوم في متناول الجميع صغيراً وكبيراً، وأداة تفعيلها بسيطة جداً بمجرد "كبسة زر" أو شاشة لمس، الخطر العظيم اليوم من الأخبار المغلوطة والشائعات ناهيك عن التحريضية والعنصرية منها والتي تدس السم في العسل.
الخطر الحقيقي يأتينا من أسلحة بسيطة أضحت اليوم في متناول الجميع صغيراً وكبيراً، وأداة تفعيلها بسيطة جداً بمجرد "كبسة زر"
فالواقع اليوم أصبح يفرض علينا زخماً إعلامياً مختلفاً بعضه عن بعض ، فكرةً ومضموناً وهدفاً ، وأصبح الناس مع وسائل التواصل الاجتماعي جنود مسيرين غير مخيرين في ضرب الأهداف التي صنعت لأجلها هذه الأخبار، وخلال دقائق معدودة تجد أن الخبر أصبح متداولاً وربما يصبح قضية رأي عام إما مثيرة للجدل أو سبباً في فتنة مؤقتة قابلة للاشتعال مع تراكم مثيلاتها فوقها، ولعل الجدير بالذكر عزيزي القارئ أن أهم هدف لهذه الأخبار هي العقيدة لدى المتابع وهذه العقيد لا يمكن اجتثاثها ولا يقوى على إزالتها مرةً واحدة أي سلاحٍ في العالم مهما كان حجمه ومهما كانت قوته، ولكنها قد تتغير وتنقلب رأساً على عقب بالنخر في أركانها بسلاح التشكيك والطعن ، فهناك ملايين بل مليارات تدفعها دول ومنظمات لإنشاء منصات إعلامية واجتماعية لنشر فكر وأيديولوجيا معينة في مجتمعٍ ما ، وخذ على سبيل المثال بعضاً من هذه المنصات مثل صحيفة "بوابة القاهرة" و "العربي 21" التي أقيمت منصاتها بالدولار والباوند والريال وجمعت عبدة المال خلف أقلامها ، ويديرها شياطين الإنس من تنظيم "الإخوان المتأسلمين" ومحتضنيهم الذين لا يألون جهداً في ربط كل سيئة صغيرة كانت أو كبيرة تحدث في العالم بالإمارات وحلفائها ، فمخيلاتهم لا تقف عن حياكة الإشاعات وتلفيق الاتهامات في كل شيء ضد الإمارات وحلفائها ، وتعمل على زعزعة عقيدة شعوبنا بقيادتهم و وحكوماتهم ، من خلال استغلال أتباع التنظيم من الخونة الهاربين وغيرهم ممن باعوا دينهم وشرفهم وأماناتهم لأجل حفنة من المال لا تغني ولا تسمن من جوع .
وبالأمس خرج علينا من يدعي نفسه بأنه كاتب وصحفي وهو لا يمت لهذه المهنة النبيلة بأي صلة ، البريطاني ديفيد هيرست في مقال له نشره بموقع "ميدل إيست آي" الذي لا يكاد يخلو خبر من أخباره من إقحام دولة الإمارات العربية المتحدة أو جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وقيادتها في مضمون أخباره بشكل مباشر أو غير مباشر ، هذا الكاتب الوضيع والذي يُنشر له في موقع يمكن لأبسط قارئ يبتغي الحقيقة أن يعلم من يملك هذا الموقع ومن يديره وما هي توجهاته ، المدعو ديفيد تحدث مطبلاً ومدافعاً عن تنظيم الاخوان المتأسلمين وأنهم ضحية لمؤامرات تحاك ضدهم من دولة الإمارات وحلفائها ، في محاولة منه ومن التنظيم الذي يموله ويملئ بطنه بالباوند البريطاني نحو تغييب الشعوب العربية عن دناءة هذا التنظيم ، وكيف قلب الوطن العربي رأساً على عقب بخطب مشايخه ودعاة الفتنة ، الذين يعملون منذ سنين لتلك اللحظة التي تصدر فيها تنظيمهم القبيح مشاهد السلطة في الوطن العربي ، وتناسى هذا الكاتب أو يحاول عبثاً أن ينسي الشارع العربي غباء وجشع وطمع هذا التنظيم ، الذي ما إن استلم السلطة في مصر وتونس وليبيا إلا وانتشر من بعدهم الفساد والإرهاب ، وعبثوا في أقل من سنتين ما يعادل عبث 30 سنة من عبث من قبلهم ، هذا الكاتب وغيره من عبيد الدولار والريال ، يوجهون سهامهم نحو الإمارات وقيادتها وحلفائها كل يوم ، وجديد صراخهم بأن الإمارات وحلفائها هم من يقفون خلف الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب في نيته المعلنة عن إدراج تنظيم الإخوان المتأسلمين في قائمة المنظمات الإرهابية ، فهم يعلمون أن عهد الرئيس الذي راهن على نجاحهم قد انتهى ، وأن أحلامهم تلاشت وأملهم الأخير في أن تنقذهم أرضٌ تحتضنهم ولا تملك سوى أموال طائلة لا تعلم كيف تتصرف بها ، ورئيس دولة يلهث خلف حلم الخلافة باستغلال أبواق التنظيم التي تسوق وتلمع اسمه حتى في خطب الجمعة خصوصاً وأنهم يعلمون أن طبيعة العربي المسلم يعشق الشجاعة والجرأة ولا يفرق كثير منهم بين الشجاع والتهور ولا بين الأفعال والأقوال ، والحقيقة أن الهجوم على الإمارات وحلفائها لن يتوقف فالحقد غدى دفيناً بعد الهزيمة التي تلقاها هذا التنظيم ، بطعنه في مقتل وهدم اللعبة فوق رأسه ، وتوعية الشعوب وخاصة المصري الذي كان البيئة الخصبة لمشروعهم الماسوني ، هذا الهجوم المتتالي واليومي على كل من حارب هذا التنظيم ومشروعه الخبيث في الوطن العربي لن يتوقف باختلاف اشكاله وأنواعه ، واعلم أن هناك دولا قد وقعت في جحر الأفعى وسلمت رأسها للشياطين ولا يمكنها التخلص من خبث هذا التنظيم إلا بعد عشرات السنين حين يولد فيهم رجل يعلم مصلحة وطنه ، وأن هذا التنظيم لا مناص من خبثه وشره إلا باجتثاثه ، وتمسك عزيزي القارئ بحبك لوطنك وقادتك واعلم أن الشجرة المثمرة لن تمتنع عنها يد الرامي ولا الحجارة ، واعلم أن هذه المنصات تعمل جاهدة ليل نهار على عقل المتابع العربي بالدرجة الأولى إما لسلب عقيدته الدينية أو زعزعة استقرار وأمن وطنه أو لقتل الوحدة الوطنية بالعنصرية والطائفية أو لخلق أكبر عدد ممكن من المتطرفين والإرهابيين ، وذلك كله في سبيل استهداف عقيدة بني البشر خصوصاً من يعيش على أرض هادئة ومستقرة آمناً مطمئناً ، فتجد أن عجلة الإشاعات مستمرة في سبيل زعزعة عقيدة الإنسان ، وبكبسة زر تجدنا نساهم في أن يصل سلاح الإشاعات والأخبار المغلوطة إلى هدفه ، فتجد أن خبراً قد قرأناه قبل عشرين سنة يعود اليوم لينتشر بقوة بصيغة يندى لها الجبين ، ولأننا "عرب" نعشق جلد الذات فتجد من بيننا من يستغل الأحداث التي تدور حولنا لينسب قولاً لغير صاحبه أو مقطعاً مصوراً لغير زمانه ومكانه ومناسبته ويضيف تعليقاً عليه يركز من خلاله على سلبياتنا ويتغاضى تماماً عن إيجابياتنا ، والمضحك المبكي أن هذا الخبر أو المادة قد تأتي لنا كل سنة بصيغة جديدة ومختلفة عن سابقتها وللأسف نتداولها بصياغتها الجديدة ، وكثير منا يدرك خطر " كبسة الزر " ولكن تأبى نفسه أن يظل صامتاً لا ينشر ولا يشارك من حوله بكل ما يصل من أخبار ومقاطع صوتية ومصورة ، ودون أي تمحيص لمحتوى المادة التي وقعت عليها عينه يقوم بنشر هذا الخبر المغلوط والكاذب إلى المئات من المشتركين في مجموعات التواصل الاجتماعي على مختلف منصاتها وأشكالها ، دون أن يدرك بأنه بهذه الكبسة قد نشر ما يسيئ لدينه ويضر وطنه وشعبه وقيادته .
أصبح الناس مع وسائل التواصل الاجتماعي جنود مسيرين غير مخيرين في ضرب الأهداف التي صنعت لأجلها هذه الأخبار
وبعض الناس اليوم أصبح مشهوراً وله صوت مسموع في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب أنها أضحت المتنفس الأول والأفضل للمتابعين كي يقضوا أوقات فراغهم في مشاهدة كل جديد تشرق به شمس الأخبار بمختلف إشعاعاتها ، ، ولربما يقوم هذا المشهور بتبني رأي لأحد متابعيه أو يتحمس فجأة حين يشاهد ذلك المشهور قد وجد مادة دسمة تعطيه زخماً بين متابعيه ، ليقوم صاحبنا المشهور بالبحث خلف كل ما من شأنه أن يجعل له انتشاراً بين المتابعين ويزيد من عدد متابعيه ، فتجده قد قرأ خبراً مغلوطاً أو إشاعة أو شكى إليه أحدهم عن حالة يمر بها دون أن يكاشفه بالحقيقة كاملة ، فيقوم صاحبنا و " يدق صدره " ويتبنى الموضوع ويبدأ بإثارته في وسائل التواصل الاجتماعي ، ويثير الرأي العام بحجة أنه ناصر للمظلوم ومعين للمساكين ، ويبدأ الناس بتداول مقاطعه وآرائه ومن ثم يختلط الحابل بالنابل ، ويبدأ الناس كلٌ يدلو بدلوه بين مؤيد ومعارض ، وتتفاقهم الأمور إلى أن تنطلق منصات القذف والسب والاتهام بين السابحين في بحر هذا الموضوع لتمتلئ مراكز الشرطة بالحانقين والغاضبين المطالبين بفتح بلاغات ضد هذا وذاك ، لتعج أروقة المحاكم بقضايا كان من الأسلم والأولى لأطرافها النأي بأنفسهم عن هكذا أمور يعلمون نهايتها واختاروا المجازفة في سبيل الشهرة وزيادة المتابعين ، ناهيك عن الحسابات الوهمية التي تتخذ مسميات اماراتية وهي تقتات من أموال التنظيم الإرهابي وتعيش في دول للأسف تبدو لنا صديقة وشقيقة ، حسابات تبث الشائعات وتستغل كل ما يطرح في منصات التواصل الاجتماعي وتصنع منه خبراً وتبثه عبر منصات إعلامية دنيئة كالتي ذكرتها آنفاً ، ولا نغفل عن الخونة الهاربين أتباع تنظيم الإخوان المتأسلمين الذين امتطوا صهوة المنصات الاجتماعية ويعملون ليل نهار في البحث عن أي موضوع ليكون جوادهم نحو مضمار بث التشكيك والطعن بالوطن والقيادة .
الأخبار المغلوطة والشائعات هي أسلحة تصنع في مصانع ما يسمى بـ " الإعلام الأصفر " وهو الإعلام المشبوه والذي يسكن في مهب المال، فأينما هب الدولار تلاشت معه مبادئهم وأخلاقهم!!
وكلما زادت قوة هذه الريح زاد إبداعهم في صناعة المادة الإعلامية من خلال استراتيجية محكمة قصيرة وطويلة الأمد ، فتجدهم يبدؤون بصناعة الشخصيات أولاً ، فتدخل هذه الشخصية إلى قلوب الناس من خلال الوسطية والاعتدال تارة والقصص الخيالية والكاذبة تارةً أخرى ، من بوابة الدين حيناً وبوابة الأخلاق حيناً آخر ، وكلها تظهر بمظهر يجعل الحياة في حضرتهم ومشاهدة وجوههم بسيطة وجميلة ولا تستدعي أكثر مما يجب لأن يكون الإنسان سعيداً مستقراً مطمئناً ، وحين يستقر حب أولئك الجنود في قلوب المشاهدين والمتابعين ، وبمجرد إعلان " الدولار " لساعة الصفر تخرج الشياطين من جحورها لتتبدل الأقنعة وتنقلب الأحوال وتبدأ الأسلحة في بث سمومها من خلال هذه الأبواق البشرية ، فهذا يبث القصص الخرافية وذاك يقسم ويحلف بأنه رأى ما لم يحمد عقباه ، وذاك يؤجج محبيه ويحرضهم ضد أوطانهم وذلك يحرضهم ضد قادتهم وحكوماتهم ، وللأسف بعض المشاهدين وهم كثر وليسوا بقلة يفقد عقيدته المتهالكة في تلك اللحظة وينقلب حاله ليصبح مطيةً يمتطيها المحرضون نحو تدمير وطنه والإساءة لدينه وسمعته ، دون أن يلاحظ بأنه ضحية لإعلام أصفر متقلب لا يهدأ له بال حتى يعيث في الأرض والحياة فساداً ، وخذ عزيزي القارئ أبسط مثال من تسمي نفسها بالكاتبة إحسان الفقيه الهاربة من وطنها والتي كانت في يوم من الأيام لا تألوا جهداً في قذف المملكة العربية السعودية وقادتها وانقلب حاله بين يوم وليلة لتصبح محبة وعاشقة وتفدي المملكة بروحها مقابل أن تصبح الشقيقة الكبرى عدواً مباشراً لشقيقتها بدماء الشهداء دولة الامارات العربية المتحدة ، وهناك البوق الإخواني المذيع لقناة الجزيرة أحمد منصور الذي شهدنا جميعا دموعه وهو يشاهد سقوط أسياده في مصر بغباء تنظيمهم القبيح ، ها هو يصرخ مرة اخرى عل وعسى أن لا يصبح تنظيمهم في زمرة القوائم الإرهابية بقرار من الرئيس ترامب .
هذه المنصات تعمل جاهدة ليل نهار على عقل المتابع العربي بالدرجة الأولى إما لسلب عقيدته الدينية أو زعزعة استقرار وأمن وطنه
" كبسة زر " سلاح بيد كل منا وعلينا أن نحاول جاهدين أن نتمحص ما نود نشره من منطلق الدين " الأجر والثواب " أولاً ثم من باب مصلحة الفرد والجماعة، فليس من المعقول أن ينشر مقاطعاً لمثير فتنة ومحرض ضد وطن، ويقول الناشر "خذ الزين واترك الشين" ما نشرنا إلا الطيب من كلامه أما الخبيث امتنعنا عنه!!
وهذا للأسف هو الخطر والخطأ بأم عينه فأنت بنشر مقاطعه وما نسب إليه من كلام جميل ومنمق إنما تنشر محبته في المقام الأول وبالتالي أنت شريك في دس السم بالعسل ، "كبسة زر" لم تعد اليوم متمتعة بالحرية المطلقة بتاتاً ، فحريتك مقيدة بقوانين تعاقب على نشر الإشاعات وكل ما من شأنه أن يثير الفتن ويحرض على الكراهية ويثير العنصرية والتطرف بين أفراد المجتمع، "كبسة زر" سلاح ذو حدين فلنختر الحد الذي تحمد عواقبه ، ولنتجنب ما لامس الشك قلوبنا من خطره وضرره ، ولنحرص على أسرار بيوتنا وحياتنا قدر المستطاع ولنحافظ على أسرار أعمالنا و وظائفنا ، فلا ثقة في نشر أي معلومة وخصوصا ما تمت لقواتنا المسلحة والأمنية والشرطية ، فالسر يقال إن خرج من بين اثنين لم يعد سراً ، ونحن في زمن إن "خرج السر من بطن صاحبه لم يعد سراً" ، فليحرص كل منا على أن لا يكون ثغرة لدخول المتربصين العابثين إلى وطنه من خلال نشره لمواضيع في عمله أو مؤسسته حتى وإن لم يكن قد ختم عليها بـ"سري للغاية"، فما نعتقد أن نشره هين ولا يضر بشيء يراه المتربص كنزاً ثميناً يشتري به الكثير من أمن واستقرار وطننا وحياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة