أهم ما يميز الإمارات منذ نشأتها في بداية سبعينيات القرن الماضي على يد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أنها لا تعرف المستحيل
أهم ما يميز دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأتها في بداية سبعينيات القرن الماضي على يد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أنها لا تعرف المستحيل، ولا تقف عند سقف محدد للطموح، وإنما تمتلك دوماً الإرادة القوية للنجاح والتطلع الدائم للمستقبل، ما دامت تعمل من أجله وتمتلك أدواته، هذه هي فلسفة العمل التي وضعها الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وصارت نهجاً يقتدي به الجميع، قيادة وشعباً، حتى أصبحت الإمارات الآن أيقونة للنجاح، ومصدر إلهام للدول التي تسعى إلى التطور والتقدم.
انطلاق القمر الصناعي "خليفة سات" في التاسع والعشرين من هذا الشهر بنجاح كبير إلى الفضاء الخارجي من المحطة الأرضية في مركز "تانيغاشيما" الفضائي في اليابان على متن الصاروخ H-IIA يمثل انجازاً نوعياً جديداً تدشن به الإمارات عهد التصنيع الفضائي الكامل، ويؤكد بوضوح أن حلم الشيخ زايد في معانقة الفضاء يحققه اليوم "عيال زايد"، المتسلحون بالعلوم والمعارف العصرية الحديثة، الذين يؤكدون يوماً بعد الآخر أنهم يستطيعون الانتقال بالإمارات إلى صفوف الدول المتقدمة والعظمى.
انطلاق "خليفة سات" إلى الفضاء خطوة نوعية وحضارية للإمارات والعرب جميعاً، ليس فقط لأنها تترجم التطور الحضاري والتقني والعلمي والمعرفي الذي وصلت إليه الإمارات، وإنما أيضاً لأنه يبعث برسالة أمل وتفاؤل إلى الشعوب العربية بأن العرب يستطيعون الإسهام في الحضارة الإنسانية
لقد بدأ مشروع الإمارات للفضاء بفكرة تولدت أثناء لقاء الشيخ زايد طيب الله ثراه، في سبعينيات القرن الماضي مع فريق وكالة ناسا المسؤول عن رحلة أبولو إلى القمر، ثم تحولت الفكرة إلى طموح مشروع لدخول عصر الفضاء، ثم ترجم هذا الطموح إلى خطوات عمل لتأسيس قطاع وطني للفضاء، بداية من تأسيس شركة الثريا للاتصالات في أبريل 1997، ثم شركة الياه للاتصالات الفضائية "ياه سات" بعد عشر سنوات في عام 2007، ثم إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في السادس عشر من يوليو 2014، إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية، والتي تتولى مسؤولية قطاع الفضاء، عبر إقامة الشراكات والبرامج الأكاديمية والاستثمارات في مشاريع الأبحاث والتطوير والمبادرات التجارية، ودفع عجلة أبحاث علوم الفضاء واستكشافه.
انطلاق "خليفة سات" إلى الفضاء خطوة نوعية وحضارية للإمارات والعرب جميعاً، ليس فقط لأنها تترجم التطور الحضاري والتقني والعلمي والمعرفي الذي وصلت إليه الإمارات، وإنما أيضاً لأنه يبعث برسالة أمل وتفاؤل إلى الشعوب العربية بأن العرب يستطيعون الإسهام في الحضارة الإنسانية، في حال امتلكوا ناصية العلم والتخطيط السليم والاستشراف الجيد للمستقبل مثلما فعلت دولة الإمارات، التي استطاعت أن تكسر الصورة النمطية التي كانت سائدة عن الدول العربية والإسلامية باعتبارها دولا "جامدة" لا تتحرك، لصالح صورة جديدة تقوم على المشاركة في صنع الحضارة الإنسانية، والانخراط في المجالات النوعية الدقيقية القائمة على الابتكار والإبداع، كالتصنيع الفضائي وصناعة الطيران وغيرهما من المجالات التي تتطلب بنية فكرية ومعرفية وتقنية عصرية.
مشروع الإمارات للفضاء، بما يتضمنه من برامج طموحة لإعداد الكوادر المواطنة التي تمتلك الخبرة في علوم الفضاء، ومن خطط مستمرة لتطوير منظومة التعليم في الدولة كي تواكب متطلبات هذا القطاع الحيوي، ومن جهود متواصلة لتوطين التقنيات الحديثة، إنما يؤكد في دلالاته العميقة على تميّز تجربة التنمية والتطور في الإمارات، التي تنطلق دوماً إلى الأمام بطموحات جديدة وأهداف عظيمة، فما حققته من نجاحات وما تسعى إلى إنجازه في المستقبل لم يأت من فراغ، وإنما هو نتيجة التخطيط الجيد للمستقبل، والاستثمار في أجيال المستقبل التي تمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين، ولهذا فإنها قادرة دوماً على إضافة منجزات حضارية تحسب للعرب والمسلمين جميعاً، لقد دخلت بإطلاق "خليفة سات" عصر التصنيع الفضائي الكامل، وتواصل العمل ليل نهار من أجل إرسال أول مسبار إماراتي (مسبار الأمل) إلى كوكب المريخ في العام 2021، الذي يتزامن مع احتفالات الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيسها، وتطمح إلى إيصال البشر إلى الكوكب الأحمر خلال العقود المقبلة، من خلال مشروع (المريخ 2117)، الذي يتضمن برنامجاً وطنياً لإعداد كوادر علمية بحثية تخصصية إماراتية في مجال استكشاف المريخ، من أجل بناء أول مستوطنة بشرية على الكوكب الأحمر خلال مائة عام.
مشروع الإمارات للفضاء يمثل مبعثاً للفخر والاعتزاز للإمارات والعرب جميعاً، وكم كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محقاً حينما وصف إطلاق خليفة سات ، بأنه "إنجاز إماراتي غير مسبوق؛ لأنه جعل من أحلامنا في معانقة الفضاء حقيقة يصنعها عيال الذين يسطرون مرحلة جديدة من التحدي العلمي، تبرهن أن العرب قادرون على المنافسة والريادة"، نعم هو إنجاز حضاري ومعرفي كبير يستنهض الهمم العربية، ويعيد الأمل والتفاؤل إلى الشباب العربي الذي يعاني الإحباط واليأس، كي يشارك بفاعلية في مسيرة البناء والتنمية والتطور في عالمنا العربي، وهذه هي رسالة الإمارات الحضارية التي تؤمن بأن العرب أصحاب الحضارة العريقة الموغلة في التاريخ قادرون على استئناف حضارتهم مجدداً، والمساهمة بفاعلية في إثراء الحضارة الإنسانية من جديد.
إن تزامن إطلاق " خليفة سات" مع عام زايد الذي تحتفي فيه الإمارات بمناسبة مرور مائة عام على مولد الشيخ زايد، طيب الله ثراه، هو خير احتفال وتقدير للقائد المؤسس، لأنه يؤكد أن إرثه الطيب في العمل والبناء والطموح والتضحية بكل غال ونفيس من أجل الوطن يمثل منظومة القيم التي يتسلح بها "عيال زايد" في تحدي المستحيل والعبور إلى المستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة