في حدث نادر.. الخرطوم بلا صحف للإضراب
سكان العاصمة الخرطوم استيقظوا على مكتبات خالية من الصحف، بعد أن تسبب الإضراب العام، الذي يستمر اليوم، في حجبها عن القراء.
في حدث نادر وغير مسبوق بالسودان، استيقظ سكان العاصمة الخرطوم، الأربعاء، على مكتبات خالية من الصحف، بعد أن تسبب الإضراب العام، الذي بدأ أمس الثلاثاء ويستمر اليوم، في حجبها عن القراء.
وبدت ملامح الخرطوم، التي طالما عُرفت بمتابعة الصحف، حزينة بعض الشيء لغياب صاحبة الجلالة، رغم دعم بعض السودانيين للإضراب الساعي لتحقيق مطالب ثورتهم بالانتقال لحكومة مدنية عاجلة.
ولم تعانق أكثر من 30 صحيفة سودانية سياسية واجتماعية، القراء اليوم الأربعاء، نتيجة إضراب عمال أجهزة الـ"سي تي بي" الخاصة بتحويل الصحف إلى ألواح معدنية (بليتات)، بينما كانت نحو 4 مطابع مملوكة للأجهزة الأمنية مستعدة لطباعة الصحف؛ لكنها لا تمتلك آليات المعالجة الأولية CTP .
وانخرط غالبية الصحفيين السودانيين في الإضراب العام، أمس الثلاثاء، وعملوا على تغطية أخبار الحراك فقط، لكن الصحف تمكنت من ملء صفحاتها وإعدادها بالكامل للنشر، قبل أن تصطدم بإضراب عمال الـ «سي تي بي»، الذي حجبها قصرا عن القراء.
وقال مسؤول التوزيع بصحيفة الأخبار السودانية، بيتر لوال، لـ"العين الإخبارية" إن صحيفتهم تم تجهيزها وتم التوجه بها إلى المطبعة؛ لكنهم فشلوا في طباعتها؛ بسبب إضراب العاملين بمركز المعالجة الأولية.
وأضاف: "أجرينا محاولات مكثفة لإنقاذ الموقف، وظللنا حتى ساعات الفجر ولكن لم نتمكن من إقناع عمال السي تي بي، وهذا الأمر انطبق على جميع الصحف".
وعبر ناشر صحيفة المجهر السياسي المحلية، الهندي عز الدين، في تغريدة على حسابه الرسمي بـ "تويتر"، عن غضبه لعدم معانقة صحيفته للقراء.
وقال الهندي: "أنا غير مضرب وصحيفتي غير مضربة وليست هناك صحيفة في العالم تضرب، لكن مطابع الجيش والأمن عجزت عن أن تطبع لنا ولغيرنا لأنها لا تملك جهاز CTP".
من جانبه، قال عضو سكرتارية شبكة الصحفيين السودانيين، حسين سعد، إن الإضراب العام الذي دعت له قوى الحرية والتغيير حظي باستجابة معظم القطاعات السودانية، ومن الطبيعي أن يشمل العاملين في حقل الإعلام والمطابع الذين انحازوا من الوهلة الأولى للثورة وإرادة الشعب، فغياب الصحف عن الصدور قيمة كبيرة وحدث سيكتبه التاريخ.
وأضاف سعد في حديثه لـ"العين الاخبارية": "قيمة الثورة أنها وحدت وجدان السودانيين الذين فرقتهم سياسات الكراهية والعنصرية التي كان يمارسها نظام الحركة الإسلامية الإخواني بقيادة عمر البشير، خلال 3 عقود ماضية".
وتابع: "مسرور بالنجاح الملهم للثور التي مهرها الشهداء بدمائهم الطاهرة، وأكثر سعادة بأن يكون قطاعنا الإعلامي عصب هذا الحراك، وعدم صدور الصحف بسبب الإضراب".
وفي عهد البشير ،كانت الصحف السودانية تغيب عن القراء؛ بسبب مصادرة نسخها المطبوعة من قبل جهاز المخابرات كإجراء عقابي على تجاوزات النشر.
وفي فبراير/شباط 2015، ارتكبت حكومة البشير ما وصفته منظمات حقوقية بأنه "مجزرة صحفية"؛ حيث صادر جهاز المخابرات السوداني 14 صحيفة سياسية محلية في يوم واحد نتيجة لنشرها أخبارا لم تعجبه أو ما يندرج تحت ما يسميه بـ"الخطوط الحمراء".
واستجابت قطاعات سودانية واسعة للإضراب الذي دعت له قوى الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات، في يومه الأول أمس الثلاثاء، بينما يستمر اليوم الأربعاء بالوتيرة ذاتها، حسب متابعات "العين الإخبارية"، وبالمطالب نفسها التي يتصدرها نقل السلطة للمدنيين.
وعزل الجيش السوداني، عمر البشير عن السلطة في 11 أبريل/نيسان الماضي، بعد فترة حكم امتدت 30 عاما (يونيو 1989 – 2019)، وذلك بعد اعتصام ملايين السودانيين أمام قيادته العامة بالعاصمة الخرطوم، وتولي مجلس عسكري مقاليد السلطة الانتقالية.
ولا يزال مئات الآلاف من السودانيين يعتصمون أمام القيادة العامة للجيش بالخرطوم بالتوازي مع خطوات الإضراب العام، مطالبين بنقل السطلة لحكومة مدنية من أجل استكمال الحرية والسلام والعدالة التي رفعوها خلال الاحتجاجات التي اندلعت منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي.