"رائحة الدم تزكم الأنوف".. موجات نزوح هربا من أزيز الرصاص بالخرطوم
تحت القصف المدفعي وأزيز الرصاص المتطاير وألسنة دخان المعارك، يحاول آلاف المواطنين الهروب من العاصمة السودانية الخرطوم.
فالعاصمة المكتظة بالسكان -نحو 12 مليون نسمة- الأغلبية منهم فقراء يكسبون عيشهم يوما بعد يوم، محتجزون كرهائن في منازلهم المحاطة بالاشتباكات، فضلا عن أن النظام الصحي بات على حافة الانهيار لذلك لا خيار أمامهم سواء الفرار إلى الولايات الأخرى.
الحرب المستمرة رغم الهدنة المعلنة بين الجيش وقوات الدعم السريع أدت إلى حالات نزوح كبيرة للمواطنين من الخرطوم إلى الولايات البعيدة خوفا وهربا من الموت.
رائحة الدم تزكم الأنوف
6 أيام منذ اندلاع الحرب والمواجهات العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ورائحة الدم تزكم الأنوف، ليرتفع عدد القتلى إلى 198 وفق لجنة أطباء السودان المركزية.
ومع الانقطاع الدائم لخدمات الكهرباء والمياه في ظل الرصاص المنهمر والطائش الذي يخترق الجدران والأبواب والنوافذ، بات من المستحيل للسودانيين البقاء في العاصمة الخرطوم.
وطلبت شركة توزيع الكهرباء من السكان في العاصمة الخرطوم ترشيد استهلاك الكهرباء، جراء تعطل الخوادم المسؤولة عن عمليات شراء الكهرباء عبر الإنترنت.
كما أغلقت المدارس الحكومية والخاصة والشركات أبوابها في العاصمة منذ اندلاع القتال، مع توارد الأنباء على نطاق واسع ببدء أعمال النهب والسلب والاعتداء على منازل المواطنين في الأحياء.
كما رصد مراسل "العين الإخبارية" طوابير طويلة للمواطنين أمام المخابز ومحطات الوقود المغلقة منذ اندلاع المعارك العنيفة.
وأبلغ شهود عيان "العين الإخبارية" عن حالات هروب أسر وأفراد على متن السيارات وسيرا على الأقدام إلى المدن البعيدة، خوفا وابتعادا من الرصاص الطائش الذي يقتحم الأبواب.
محاولة فاشلة للنزوح
ويقول المواطن الجميل الفاضل: "حاولت الخروج من منزلي حوالي الساعة الثالثة عصرا وأنا أقود سيارتي مع كل أفراد أسرتي لكن إطلاق الرصاص تجاه السيارة عند التقاطع بين جامعة النيلين واستاد الخرطوم أفشل المهمة".
وذكر الفاضل في حديثه لـ"العين الإخبارية": "أوقفت السيارة على الفور واستدرت راجعا إلى منزلي".
من جهته يقول المواطن أحمد عبدالوهاب "ننام ونستيقظ على أصوات الرصاص وسقوط الدانات في الحي الذي نقطنه بالعاصمة الخرطوم".
وأضاف عبدالوهاب في حديثه لـ"العين الإخبارية": "نحاول الخروج من الخرطوم إلى الولايات، ونبحث عن وسيلة تنقلنا رغم المخاطرة وصعوبة الموقف جراء الانتشار العسكري في الشوارع".
نزوح بسلام
بدوره، يقول المواطن يوسف عبدالله: "أسرتي كانت عالقة بحي جبرة جنوبي العاصمة الخرطوم، ولكن بعد هدوء القصف المدفعي تحركت الأسرة فورا إلى ولاية الجزيرة".
وأوضح عبدالله في حديثه لـ"العين الإخبارية"، "الأسرة وصلت بسلام رغم صعوبة الحركة وانعدام وسائل الحركة في الشارع".
موجات واسعة
ويقول أسامة عثمان، سائق حافلات سفرية: "حركة النزوح من العاصمة الخرطوم إلى الولايات كبيرة جدا جراء المعارك المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع".
وأوضح عثمان في حديثه لـ"العين الإخبارية": "أسافر إلى مدينة "مدني" مركز ولاية الجزيرة (وسط) لنقل المواطنين العالقين في الشوارع والهاربين من الرصاص والقصف المدفعي".
كما تداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي صورا لأطفال بنات يوزعن المياه والمثلجات على جانبي الشارع العام الرابط بين العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة.
توفير مأوى للنازحين
ونشر مواطنون في مدن وقرى ولاية الجزيرة صورا لتجهيزات إضافية في المنازل لاستقبال المواطنين الفارين من الحرب بالعاصمة الخرطوم.
ونشر المواطن ياسين محمد عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك": "أنا أخوكم من مدينة رفاعة بولاية الجزيرة، وأستطيع توفير سكن مجهز بمائة سرير وكهرباء وماء للأهل الفارين من الحرب في الخرطوم".
كما اتجهت مجموعات كبيرة من المواطنين إلى الولايات الشمالية ونهر النيل (شمال)، والنيل الأبيض (جنوب) وسنار والنيل الأزرق (جنوب شرق) هربا من نيران المعارك المشتعلة.
وفجر الخميس، تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في العاصمة الخرطوم، رغم الهدنة المتفق عليها بين الطرفين.
ويأتي تجدد الاشتباكات رغم هدنة اتفق عليها الطرفان وبدأت في الساعة السادسة مساء الأربعاء بالتوقيت المحلي ولمدة 24 ساعة، "بغرض تيسير النواحي الإنسانية".
ولليوم السادس على التوالي، يشهد السودان اشتباكات بين الجانبين في الخرطوم ومدن أخرى، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقار تابعة للآخر بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلا منهما.