لا تجعلوا العيد وقت حزن.. مناشدات عربية وغربية بوقف القتال في السودان
من رحم أزيز الرصاص ودوي القذائف، خرجت مناشدات ورسائل إنسانية من أطراف عدة داخل وخارج السودان، لتحويل هدنة الـ24 ساعة إلى دائمة.
تلك الهدنة التي بدأت في السادسة من مساء اليوم الأربعاء، ومن المقرر أن تنتهي يوم الخميس، دخلت أطراف إقليمية ودولية على خطها، مناشدة بإسكات أصوات البنادق، ورفع راية السلام، وإعطاء المدنيين برهة من الوقت، لالتقاط الأنفاس، ومداواة الجرحى، وإيصال المساعدات الإنسانية.
آخر تلك المناشدات ذلك النداء الإنساني الذي أطلقه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، إلى الأطراف المتحاربة، قائلا، إنه "من دواعي الحزن أن يحل عيد الفطر المبارك على أهلنا في السودان، وهم مروعون في بيوتهم، خائفون على حياتهم، وفيهم المريض والطفل والمسن، بينما يتواصل القتال في المدن والشوارع، ويتطاير الرصاص وتتساقط القذائف على نحو يؤدي إلى سقوط الضحايا من المدنيين، أو إلى زيادة معاناة السكان لما يفوق الاحتمال".
أوضاع ضاغطة وخطيرة
الأمين العام للجامعة العربية، قال: "أناشد الإخوة في القوات المسلحة والدعم السريع بل وأستحلفهم باسم العروبة والإسلام والإنسانية، أن يعلنوا وقفاً لإطلاق النار في أيام العيد وبما يسمح للسكان بالتقاط الأنفاس وبالتعامل مع الحالات الإنسانية الحرجة والعاجلة".
وبدأ وقف إطلاق النار في السودان، في السادسة من مساء الأربعاء، بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش السوداني، ولمدة 24 ساعة، إلا أنه رغم ذلك الاتفاق، فإن شهود عيان قالوا لـ"رويترز"، إن القتال مستمر في الخرطوم رغم سريان وقف إطلاق النار.
وأشار أبوالغيط، إلى أنه تلقى "مناشدات عدة خلال الساعات الماضية من أهلنا في السودان وعرب يقيمون فيه من خارج السودان، بأن هناك من يعاني أوضاعاً إنسانية ضاغطة وخطيرة، مذكرا بحرمة الشهر الفضيل، وأن للصائم فرحتين، إحداهما يوم يفطر".
وأضاف الأمين العام للجامعة العربية: لا تجعلوا العيد وقت حزن لأهل السودان، بل لتكن أيام العيد هدنة يتوقف فيها إطلاق النار من الطرفين، على نحو شامل وكامل وبما يسمح للناس بالتزود بالطعام، وللمرضى بالحصول على الدواء".
وأشار إلى أن رسالته "بمثابة نداء إنساني خالص، لا صلة لها بالموقف السياسي من الأزمة، ولا مسؤولية أي طرف على اندلاعها (..) الأولوية الآن أهل السودان للمدنيين من النساء والأطفال الذين يجدون أنفسهم في موقف لم يتسببوا فيه، وإنما يتحملون أوزاره".
نداء إنساني
وتابع: إن المروءة العربية تحتم علينا مراعاة الضعفاء ممن لا يحملون السلاح، وأن ديننا يفرض علينا حتى في زمن الحرب، مراعاة القيم الإنسانية (..) لدي أمل أن يلقى هذا النداء آذانا مصغية من كل الأطراف".
وأضاف أن هذه الرسالة نداء إنساني خالص لا صلة لها بالموقف السياسي من الأزمة ولا بمسؤولية أي طرف عن اندلاعها واستمرارها، داعيا أن تكون الأولوية الآن لأهل السودان، وللمدنيين من النساء والأطفال الذين يجدون أنفسهم في موقف لم يتسببوا فيه، وإنما يتحملون أوزاره.
نداء الأمين العام للجامعة العربية، جاء في أعقاب مباحثات أجراها بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال اتصال هاتفي تلقاه اليوم من نظيره العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، تطورات الوضع في السودان.
احتواء الأزمة
وقال السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن الوزير شكري استعرض الجهود التي تقوم بها مصر لاحتواء الأزمة، والاتصالات التي تقوم بها مع الأطراف الفاعلة إقليمياً ودوليا، وعلى الساحتين العربية والإفريقية من أجل ضمان وحدة الرسالة التي يتم توجيهها للأطراف.
وأكد الوزير شكري مجددا خطورة استمرار المواجهات الحالية التي تصيب جميع أبناء الشعب السوداني بأضرار بالغة.
واتفق الطرفان على ضرورة دفع الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السودان، بما يحفظ أرواح وممتلكات الشعب السوداني.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن الاتصال تناول أيضاً ضرورة العمل على تنفيذ نتائج وتوصيات الاجتماع الطارئ الأخير لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، موضحاً أن الجانبين اتفقا على استمرار التشاور والتنسيق بشأن الأزمة خلال الأيام القادمة.
قلق مصري إسباني
في السياق نفسه، بحث شكري مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، تطورات الأوضاع في السودان، فيما أوضح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أن الوزير الإسباني أعرب عن قلق بلاده البالغ من تداعيات المواجهات العسكرية الجارية، وتأثيرها على المدنيين من أبناء الشعب السوداني والجاليات الأجنبية المتواجدة هناك.
وشدد الوزير شكري على أهمية العمل على استغلال فرصة اقتراب عيد الفطر من أجل وقف إطلاق النار وحقن دماء الشعب السوداني. كما أكد على ضرورة امتناع أي طرف خارجي عن التدخل بشكل يفاقم من حدة الصراع، وبما يسهم في إنجاح جهود الوساطة الهادفة لإخراج السودان من هذا المأزق.
مناشدات غربية
أدان البيت الأبيض الأربعاء العنف الذي أودى بحياة الكثيرين في السودان وقال إن جميع الموظفين الأمريكيين هناك بخير.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير للصحفيين إن التقديرات تشير إلى أن عدد القتلى وصل إلى نحو 270 جراء الاشتباكات المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أيام.
ودعت بعثات دبلوماسية في السودان الأربعاء القوات المتحاربة إلى وقف إطلاق النار والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحماية المدنيين والدبلوماسيين وموظفي الإغاثة الإنسانية.
وتشمل البعثات التي وجهت النداء سفارات كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا والنرويج وبولندا وجمهورية كوريا وإسبانيا وسويسرا والسويد والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ووفد الاتحاد الأوروبي.
وحثت البعثات في بيان مشترك الجيش وقوات الدعم السريع على تجنب المزيد من التصعيد وبدء محادثات لحل القضايا العالقة.
أعمال عدائية
وقالت البعثات الدبلوماسية: "يجب على طرفي القتال أن يوقفوا الأعمال العدائية فوراً وبدون شروط مسبقة"، محذّرة من أنّ المعارك الضارية المتواصلة تتخلّلها "هجمات تستهدف المدنيين والدبلوماسيين والعاملين في المجال الإنساني".
وأعربت السفارات عن أسفها لأنّ المعارك الدائرة "أسفرت عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، وهي تعرّض الشعب السوداني والدبلوماسيين وطواقم الإغاثة الإنسانية للخطر بشكل متهوّر".
ولفت البيان إلى أنّه مع دخول القتال بين الطرفين يومه الخامس "يواصل الناس في جميع أنحاء السودان الاحتماء حيث هم، خوفاً على حياتهم، في ظلّ نفاد مخزوناتهم من الوقود والغذاء والأدوية والمياه"، مضيفًا: "يجب على القادة العسكريين السودانيين الدخول في حوار بدون تأخير".
ودعت السفارات القوات المتحاربة "إلى التقيّد الصارم بالتزاماتها بموجب القانون الدولي بحماية المدنيين والدبلوماسيين والطواقم الإنسانية"، مؤكدة وقوفها "إلى جانب الشعب السوداني في دعواته من أجل مستقبل سلمي وعادل وحرّ".
الآلية الرباعية على الخط
دعا سفراء الولايات المتحدة ودولة الإمارات والسعودية وبريطانيا بالخرطوم، أطراف النزاع في السودان إلى الالتزام بسلامة وحماية المدنيين والبعثات الدبلوماسية والعاملين في المجال الإنساني.
وحث سفراء الدول الأربع، في بيان مقتضب، أطراف النزاع بالسودان على وقف القتال والعودة إلى الحوار، مؤكدين دعمهم لجهود الآلية الثلاثية.
وحث سفراء الرباعية أطراف النزاع على الالتزام بسلامة وحماية المدنيين والبعثات الدبلوماسية والعاملين في المجال الإنساني، وتوفير ممرات آمنة للعمليات الإنسانية.
وكانت الآلية الثلاثية (الاتحاد الأفريقي - الإيقاد - الأمم المتحدة) أكدت في بيان سابق الأربعاء، التزام القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بتنفيذ وقف إطلاق نار لمدة 24 ساعة اعتبارا من السادسة من مساء الأربعاء وحتى السادسة من مساء الخميس.
إلا أن محاولة جديدة لوقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم وأماكن أخرى، لم تصمد، فيما تملك من السكان الخوف من نقص الإمدادات الغذائية وعانوا من انهيار الخدمات الطبية.
ووقف إطلاق النار الذي مدته 24 ساعة، كان من المفترض أن يبدأ في تمام الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت جرينتش). إلا أن شهود عيان، في منطقتين بالعاصمة الخرطوم قالوا لـ"رويترز"، إن القتال مستمر.
تهيئة الظروف
يأتي ذلك، فيما ناشدت الآلية الثلاثية في بيانها الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، جميع الأطراف تهيئة الظروف اللازمة خلال هذه الفترة لكي يلتمس المدنيون المأوى الآمن والغذاء والرعاية الطبية.
وتواصل الآلية الثلاثية (الاتحاد الأفريقي - الإيقاد - الأمم المتحدة) التأكيد على الحاجة إلى وقف فوري ودائم للأعمال العدائية لتجنيب المدنيين الأبرياء في السودان أي أعمال عنف أخرى، مؤكدة أنها مستمرة في العمل من أجل ذلك بالتنسيق مع أصحاب المصلحة السودانيين، والرباعية، والاتحاد الأوروبي.
aXA6IDE4LjE5MS4yMzcuMjI4IA== جزيرة ام اند امز