الأحكام النهائية بقضية خاشقجي.. 5 رسائل سعودية للعالم
الرياض أثبتت للعالم مدى نزاهة واستقلالية قضائها ومصداقيتها في كشفها للحقائق ومعاقبة المدانين.
رسائل ودلالات عدة حملتها الأحكام النهائية الصادرة، الإثنين، تجاه المتهمين بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر 2018.
أحكام أسدلت السعودية بموجبها الستار على قضية شغلت الرأي العام العربي والدولي على مدار العامين الماضيين، وقطعت الطريق أمام كل محاولات الابتزاز والتحريض وحملات الافتراء الممنهجة التي تقودها تركيا وجماعة الإخوان الإرهابية، وأفشلت محاولات تسييس القضية بغرض استهدافها.
كما أثبتت الرياض للعالم كله مدى نزاهة واستقلالية قضائها ومصداقيتها في كشفها للحقائق ومعاقبة المدانين وحرصها الدائم على مواطنيها داخل وخارج البلاد.
والمتتبع لتلك القضية منذ بدايتها وحتى صدرو الأحكام النهائية، يتبين له بشكل جلي مدى تمسك القيادة السعودية بالقيم والمبادئ التي ترسخ تطبيق القانون والعدالة.
فمنذ اللحظات الأولى أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أوامر ملكية بإعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم، على خلفية قضية خاشقجي، كما تعهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بمحاسبة القتلة وتقديمهم للعدالة.
8 مدانين
وأعلن المتحدث الرسمي للنيابة العامة في السعودية ، اليوم الإثنين، عن صدور أحكام نهائية تجاه المتهمين بمقتل المواطن جمال بن أحمد بن حمزة خاشقجي.
وأكد أن المحكمة الجزائية بالرياض أصدرت أحكاماً بحق ثمانية أشخاص مدانين، واكتسبت الصفة القطعية؛ طبقاً للمادة (210) من نظام الإجراءات الجزائية.
وبين أن هذه الأحكام وفقاً لمنطوقها بعد إنهاء الحق الخاص بالتنازل الشرعي لذوي القتيل تقضي بالسجن لمدد بلغ مجموعها 124 سنة طال كل مدان من عقوبتها بحسب ما صدر عنه من فعل إجرامي.
وقضت الأحكام بالسجن 20 عاماً على خمسة من المدانين حيال كل فرد منهم، وثلاثة من المدانين بأحكام تقضي بالسجن لعشر سنوات لكل واحد منهم وسبع سنوات لاثنين منهم .
وأضاف المتحدث أن هذه الأحكام أصبحت نهائيةً واجبة النفاذ؛ طبقاً للمادة (212) من نظام الإجراءات الجزائية.
وبين المتحدث الرسمي أنه بصدور هذه الأحكام النهائية تنقضي معها الدعوى الجزائية بشقيها العام والخاص وفقاً للمادتين (22 ، 23) من نظام الإجراءات الجزائية.
دلالات ورسائل
الأحكام الصادرة اليوم تحمل في مضمونها 5 رسائل ودلالات هامة لأطراف عدة:
أولى تلك الرسائل أن القيادة السياسية أوفت بتعهدها بأن ينال الجناة الجزاء الرادع، وهو ما تحقق بصدر أحكام يصل مجموعها إلى 124 عاما ضد المدانين في القضية.
ثاني تلك الرسائل أن المملكة دولة مؤسسات و لا أحد فوق القانون، وأي مسؤول أخطأ سينال عقابه، وليس هناك مجاملة أو محاباة لأحد.
ثالث تلك الرسائل تؤكد أن استقلالية ونزاهة وشفافية قضاء المملكة أمور غير قابلة للمساومة أو الابتزاز وأن أي محاولة من تركيا لابتزاز المملكة أو مساومتها على قيمها مبادئها مصيرها الفشل.
رابع تلك الرسائل يكشف مدى ثقل المملكة وثقتها بنفسها، حيث مضت في خطواتها بثقة وثبات لإحقاق الحق وتطبيق العدالة دون أن تلتفت لحملات إعلامية ممنهجة استهدفت الإساءة لها ومحاولة تسييس القضية واتخاذها ذريعة للتدخل في سياساتها وشؤونها، ومحاولة تأليب الرأي العام المحلي بالمملكة والدولي ضدها، ذهبت جميعها أدراج الرياح، وبقيت المملكة بقيمها ومبادئها.
خامس تلك الرسائل هي أن السعودية بقيادتها ومواطنيها وشعبها عصية على أي محاولات ابتزاز رخيص أومحاولات غدر و تآمر.
فشل مؤامرة أردوغان
بصدور الأحكام النهائية اليوم تنقضي الدعوى الجزائية بشقها العام.
كما تنقضي بشقها الخاص بعد أن أعلن أبناء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في 22 مايو/ آيار الماضي، العفو عن قتلة أبيهم ابتغاء وجه الله.
أحكام نهائية تعلن رسميا فشل مؤامرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتسييس تلك القضية وابتزاز المملكة بها.
وفي أعقاب مقتل خاشقجي في الثاني من أكتوبر/ تشرين أول 2018 بسفارة المملكة في إسطنبول، اعتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه حصل على ورقة ابتزاز تمنحه صلاحية الضغط على السعودية.
اعتقد أردوغان لوهلة أن حيثيات القضية يمكن فبركتها بطريقة تقوده إلى قيادة المملكة، مستندا في ذلك على ترسانة إعلامية ضخمة لتزييف الحقائق، لكن المملكة قطعت الطريق على مساعي التوظيف السياسي للقضية، معلنة اتخاذ سلسلة من الإجراءات القانونية.
وأعلنت المملكة اعتقال المتورطين في قتل خاشقجي، وإقالة مسؤولين بينهم سعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي وأحمد عسيري نائب مدير المخابرات ومحاسبة المقصّرين، مشددة على ضرروة عدم إخراج القضية عن حيزها الجنائي.
غير أن أنقرة المختنقة تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، وموصومة بسجل حقوقي أسود خصوصا في ما يتعلق بحريات التعبير والصحافة، لم تتمكن من تقبل التمشي القضائي النزيه في غيرها من الدول، واستمرت في شن حملات إعلامية واسعة، سعيا نحو توجيه الرأي العام، ومنح القضية أبعادا سياسية.
لكن شفافية المملكة في التعامل مع القضية، وحزمها في التدابير القضائية المتعلقة بها، خيبت أمال أنقرة ، وأطاحت بالتقارير المفبركة للأساطيل الإعلامية الضخمة التي ظلت لأسابيع طويلة تلخص عملها في تناول ملابسات الملف.
في المقابل أبدت الرياض رفضا قاطع لسياسة الابتزاز التركية، ما أفقد أنقرة هامش المناورة طمعا في الحصول على تنازلات في عدد من القضايا أو على دعم مالي يبدو النظام التركي في أشد الحاجة إليه في ظل انهيار مؤشرات اقتصاده العاجز عن تحمل تداعيات فيروس كورونا.
وبأحكام اليوم التي تعكس استقلال ونزاهة وكفاءة القضاء السعودي، وضمان حسن سير العدالة، وجه القضاء السعودي صفعة قوية لأردوغان، بعد أن مضت التحقيقات في مسارها بشكل شفاف وفي إطار من القانون بما أدرى إلى الكشف عن الحقيقة كاملة ومحاسبة المتورطين.
وكانت تحقيقات النيابة قد أثبتت في وقت سابق أنه لم تكن هناك نية مسبقة لقتل خاشقجي "وكان القتل لحظياً عندما قام قائد فريق التفاوض بتفقد مقر القنصلية وظهر له استحالة نقل المجني عليه جمال خاشقجي إلى مكان آمن لاستكمال المفاوضات معه، وبعد ذلك تم الاتفاق والتشاور مع رئيس هيئة التفاوض والجناة على قتل المجني عليه داخل القنصلية"، وأكدت التحقيقات أنه لا توجد أي عداوة سابقة بين الجناة والمجني عليه.