"الخيامية".. فن مصري توارثته الأجيال لتزيين البيوت والمطاعم في رمضان
"الخيامية" أحد فنون التطريز على أقمشة القطن السميكة، باستخدام الألوان الزاهية والخطوط البارزة على الجداريات والمعلقات.
يعدّ فن "الخيامية" من أكثر الفنون ارتباطاً بشهر رمضان الكريم في مصر، حيث يُستعمل في تزيين البيوت والمطاعم والمقاهي كعلامة على حلول الشهر الفضيل.
و"الخيامية" فن التطريز على أقمشة القطن السميكة، باستخدام مجموعة من الألوان الزاهية والخطوط البارزة على الجداريات ومعلقات الحائط والحقائب.
وهناك اختلاف حول نشأة هذا الفن، لكنّ الثابت تاريخياً أن قدماء المصريين أظهروا ولعاً بفنون التطريز على القماش.
وذكر جاستون ماسبيرو، وهو عالم فرنسي من أشهر علماء المصريات في كتابه "المومياوات الملكية"، أن سرادقاً من الجلد اكتُشف مع الأسرة الـ21، ويعود تاريخه إلى الفترة بين 1054 و1009 قبل الميلاد، ما يؤكد أن "الخيامية" فن مصري قديم.
ويعدّ شارع "الخيامية" من أقدم شوارع الحرفيين في القاهرة العريقة وتاريخها الطويل، حيث يقع في حي الدرب الأحمر العريق بالقرب من شارع "تحت الربع" وسط قاهرة المعز لدين الله، ويضمّ بين جنباته العديد من الورش المتخصصة في حرف كثيرة، وفي مقدمتها مهنة "الخيامية".
وقال صانع الخيام محمود نجيب إن "الخيامية" لا تعتبر مهنةً فقط بل هي فن أصيل يحمل في طياته كثيراً من العشق والإبداع، مضيفاً: "الصنايعي لا يبدأ العمل في قطعة إلا ويحاول الانتهاء منها مثل الفنان تماماً، وكذلك يحاول كل صنايعي أن يضيف إلى قطعته شيئاً من إبداعه الخاص دون أن يقلد غيره، بل يبتكر ويجدّد كل يوم".
وأفاد بأنه بدأ العمل في الخيام اليدوية ثم القماش الخاص بالسرادقات حتى تطوّرت المهنة وأُدخِلت عليها الرسومات بجميع أنواعها الإسلامية والفرعونية والقبطية.
تاريخ المهنة وأنواعها
وقال أشرف علي الذي يعمل في مهنه "الخيامية" منذ ما يزيد على 45 عاماً: "الفاطميون كانوا يزيّنون بها السرادقات والشوادر، وهذا الفن منبثق من أصول مغربية وإسبانية، ثم بدأ الفنان المصري على وجه التحديد تطعيمه بزخم هائل من التاريخ الفرعوني والقبطي، والرؤية الإسلامية التي تحمل روحانية عميقة وعالية من خلال التقاء النقش والخط والتصوير لعصرنة الأصالة، وربط التراث بالتجربة الشكلية لهذا الفن".
ووفق الحاج أشرف، "هناك نوعان من الخيامية، الأول هو الشغل اليدوي، وهذا غالباً ما يفضّله السياح الأجانب والأثرياء العرب، لما فيه من حس جمالي وإبداعي، ويصل إلى القطع الفنية النادرة، موضحاً أن هذا النوع يكون سعره مرتفعاً، لأن تكاليفه كثيرة، وقد يستغرق العمل في صناعته شهراً كاملاً، إضافة إلى أنه يتطلب عاملاً ماهراً له خبرة عالية حتى يستطيع التحكم في القطع والوصول إلى أفضل النتائج".
تعلم المهنة
وبالسؤال عن وجود مدارس لتعليم فن "الخيامية"، أكد أحمد أشرف وعمره 38 عاماً أنه بدأ تعلّم المهنة في سن الـ8، وأنه لا توجد مدارس لتعليم فن صناعة الخيام، إلا أنها تنتقل من جيل إلى جيل آخر، مثلما حدث معه ووالده وأبنائه الذين احترفوا المهنة بدورهم، وأحبوها وتعلقوا بها منذ الصغر، حتى أصبحت عائلته تعمل كلها في المجال ذاته، وتجِد أسراً كاملة تزاول هذه الحرفة منذ ما يفوق 100 عام .
كيفية الصناعة
مصطفى محمد بدأ تعلم المهنة منذ 2001، بوضع التصميم الذي سيتم التعامل معه ونقله على ورقة "الباترون"، حيث تتم خياطته في القماش الذي سيُطرّز، وبعدها توضع بودرة مخصّصة لطبع الرسم على القماش كي تُجرى عملية التطريز، وخلالها يقوم الصانع الذي يُعرَف باسم "الخيامي" بإنجاز أكثر من وحدة من ذات التصميم، ثم يخيطها مع بعضها بعضاً بطريقة اللفق دون أن يظهر أي شيء من هذه الخياطات على السطح الخارجي للقماش.
وحسب مصطفى، فإن "أنواع الخيامية كثيرة، حيث يوجد التابلوهات والستائر والمفارش التي يصل ثمنها إلى أكثر من 2000 جنيه، وكل نوع له زبونه الذي يطلبه بالاسم، فضلاً عن السرادقات للفرح أو العزاء، والتي تختلف عن شكل الخيام الرمضانية الموجودة بالفنادق والنوادي".
ويرى أن هناك إقبالاً على تعلّم المهنة من جانب الشباب، مشيراً إلى أن إتقانها يتطلب الصبر والشغف.