ممر خوفو الخفي.. «العين الإخبارية» تكشف بالصور تفاصيل اكتشاف يترقبه العالم
أعلن عالم الآثار المصري زاهي حواس مؤخرا، أن مصر تستعد للإعلان قريبا عن اكتشاف ممر داخلي جديد بهرم خوفو، تم رصده بأجهزة متطورة.
جاء هذا الإعلان خلال جلسة حوارية أقيمت ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ44، لتثير موجة من التساؤلات حول ماهية هذا الكشف، وكيف تم تنفيذه، وهو ما تجيب عنه "العين الإخبارية" من خلال استعراض دراسة بحثية نشرتها "المجلة الدولية للاختبارات غير التدميرية وتقييم المواد NDT & E International"، وتضمنت تفاصيل هذا الاكتشاف.

ووفق الدراسة التي حصلنا على نسخة منها، فإن بداية القصة تعود إلى عام 2015، عندما كشفت تقنية التصوير بأشعة الميون الكونية، التي استخدمها مشروع "مسح الأهرامات" عن وجود فراغ يقع خلف التكوين الحجري المعروف بـ "الشيفرون" في واجهة الهرم الشمالية.
ومشروع "مسح الأهرامات"، تابع لجامعة القاهرة وجامعة ميونخ التقنية في ألمانيا، ويستخدم تقنيات غير مدمرة لاكتشاف أسرار الأهرمات، منها التصوير بأشعة الميونات الكونية.
ما هي تقنية أشعة الميونات الكونية؟
والميونات، هي جسيمات دون ذرية تتولد عندما تصطدم الأشعة الكونية القادمة من الفضاء الخارجي بالغلاف الجوي للأرض، وتمتاز هذه الجسيمات بقدرتها على اختراق الصخور والجبال والهياكل الضخمة لمسافات كبيرة، ما يجعلها أداة مثالية لتصوير ما بداخلها.
ويعتمد التصوير باستخدامها على وضع كواشف لالتقاط الميونات التي تمر عبر كتل الحجر الجيري الضخمة، وبمقارنة عدد الميونات التي تصل من اتجاهات مختلفة، تمكن الباحثون من رسم خريطة ثلاثية الأبعاد للبنية الداخلية للهرم، وقاد ذلك لاكتشاف فراغا غامضا لم يُعرف من قبل، يقع فوق الممر الكبير داخل الهرم الأكبر.
وبين عامي 2020 و2022، نفذ الفريق 3 حملات ميدانية دقيقة لتأكيد هذه النتائج، مستخدمين تقنيات أخرى، مثل الرادار المخترق للأرض، والاختبار بالموجات فوق الصوتية ، وهي تقنيات تسمح "برؤية" ما وراء كتل الحجر دون حفر أو إتلاف الأثر.
ويعمل الرادار المخترق للأرض كعين إلكترونية ترسل موجات رادارية عالية التردد إلى التربة أو الصخور، وعندما ترتد الموجات عن طبقة أو جسم مختلف في الكثافة، كجدار أثري، أو فراغ، أو أساس قديم، يسجل الجهاز زمن ارتدادها، ليحول هذه البيانات إلى صورة رقمية ثلاثية الأبعاد لباطن الأرض.
أما الاختبار بالموجات فوق الصوتية ، فهو تقنية تكميلية تعتمد على موجات صوتية عالية التردد تخترق المواد الصلبة مثل الحجر أو الخرسانة، وعندما تواجه الموجة صدعًا أو فجوة أو ضعفًا في البنية، تعود بإشارة تختلف عن المعتاد، ليعرف العلماء مكان الخلل دون تكسير أو حفر.
وبدمج التقنيتين، يستطيع العلماء اليوم "الاستماع" إلى باطن الصخور ورؤية ما وراءها في الوقت نفسه، مما يجعل التنقيب الأثري والتحليل الجيولوجي أكثر دقة وأمانا من أي وقت مضى.
ولتعزيز دقة النتائج التي أتاحتها هذه الأدوات، أجرى العلماء نمذجة رقمية ثنائية وثلاثية الأبعاد لمحاكاة سلوك الموجات داخل الحجر الجيري، ثم دمجوا الصور الناتجة باستخدام تقنية "دمج الصور" التي جمعت مزايا الطريقتين في صورة واحدة عالية الدقة.

نتائج حاسمة.. تأكيد وجود ممر هوائي
أظهرت القياسات بوضوح وجود فراغ هوائي قوي خلف كتل الشيفرون يتطابق موقعه تماماً مع ما أشارت إليه قياسات أشعة الميون الكونية.
وبتحليل الإشارات الناتجة، تمكن الباحثون من تحديد الشكل الهندسي للممر وموقعه بدقة تصل إلى بضعة سنتيمترات، وهو ممر أفقي تقريباً بارتفاع يقارب مترين وعرض مماثل، يمتد بعمق نحو تسعة أمتار داخل الهرم.
وأكدت النماذج الحاسوبية أن هذا الفراغ ليس فاصلًا بين كتل الحجر، بل فراغ حقيقي يمكن أن يكون ممرا داخليا لم يكن معروفًا من قبل. وتشير البيانات إلى أن تصميم سقفه المسطح ربما كان غير ممكن باستخدام الحجر الجيري، ما دفع البنّائين القدماء إلى اعتماد هندسة مختلفة في هذا الجزء من الهرم.
خطوة علمية نحو دخول غير مسبوق
وبناء على هذه النتائج، أعلن فريق "مسح الأهرامات" أنه سيقترح على المجلس الأعلى للآثار في مصر تحديد موقع فتحة استكشافية دقيقة القطر، ستكون الأولى من نوعها، تتيح إدخال منظار صغير لرؤية الممر السري من الداخل لأول مرة في التاريخ.
ويشير الباحثون إلى أن هذا الاكتشاف يمثل إنجازاً مزدوجاً، فهو من جهة يثبت فعالية الدمج بين تقنيات التصوير بالأشعة الكونية والفحوص غير التدميرية في مجال التراث الثقافي، ومن جهة أخرى يوفر أدلة جديدة حول البنية الداخلية للهرم الأكبر، ما قد يساعد على فهم أساليب البناء القديمة التي لا تزال موضع جدل حتى اليوم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTIg جزيرة ام اند امز