والدة وشقيقة الفلسطيني المختطف بتركيا: أردوغان يغتال الأبرياء
والدة وشقيقة الفلسطيني سامر سميح المختطف في سجون تركيا ترويان لـ"العين الإخبارية" تفاصيل ما بعد سماعهما نبأ اختطافه.
من يجالس أحد أفراد عائلة الفلسطيني المختطف في السجون التركية، سامر سميح شعبان، يدرك أن الإنسانية على المحك، والقوانين الدولية التي تنظم كرامة البشر في مهب الريح لطالما دولة مثل تركيا تنتهك حرمة الإنسان وتخطفه من بين أفراد أسرته بدون أسباب معروفة، وتغتال أعمار الأبرياء لمجرد الاشتباه بهم بعد مكيدة حاقدة.
- عم معتقل فلسطيني بتركيا لـ"العين الإخبارية": نخشى عليه من مصير زميله
- نجل الفلسطيني المعتقل بتركيا: والدي بريء.. ونناشد عباس التدخل
بصوت كئيب خفيض يشد القلوب ليوجعها على مظلومٍ في ضيق، تقول رنا سميح شعبان لـ"العين الإخبارية" إن شقيقها الوحيد سامر، دائم الابتسامة، طيب القلب، يحب الحياة، وبريء حد السذاجة، يغنم حياته بالمرح ويعشق إسعاد من حوله، وسريع الغضب والأسرع منه تسامحه، فيعيش من أجل المحبة، ولا يفكر بالانتقام حتى ممن أذوه أو تعرضوا له بضرر.
بينما والدته غادة (الحاجة أم سامر) تسمع صفات ابنها من شقيقته، تدمع عيناها على ذكرياتها معه، وتقول: "عشت عمري كله ولم يخطر على بالي أن يكون العالم بهذه السوداوية، وكم سمعت عن وجع الأمهات على أبنائهن، ولكنني عندما عشت وجعي على سامر كاد قلبي ينزع من صدري نزعاً، وجع الأم على أولادها لا يوصف، وعندما أخبروني أن سامر انتحر في السجون التركية، كأنّ الكون تحول إلى قطعة ملح على جرح انفتح في قلبي، لم أسمع بعد هذا الخبر كلاماً، ولم أر أمامي غير أشباحٍ تترنح كدمية مذبوحة".
وتابعت: "فقدت توازني ولم أتمالك نفسي بعد صرخات عديدة خرجت مني، (سامر ما مات.. سامر ما انتحر.. سامر حيّ يرزق..) مرت 4 ساعات وكأنّها دهور، رأيت الناس يتوافدون والكراسي تنصب وخيمة العزاء تحضّر على مهلٍ، والكل يمد يده ليضعها بيدي معزياً، وأنا خارج الوعي تماماً، أسأل نفسي عن الذي يجري، ولا أصدق أن سامر لم يعد في حياتي."
وأضافت والدة سامر: "وجهت وجهي للسماء ورفعت يداي مناجية الله سبحانه أن يجعل مما أنا فيه كابوساً وينتهي، ساعات مرت وشريط حياة سامر يمر أمامي لحظة بلحظة، لم أتحمل نحيب الذين يحضنوني، ولا أصوات النساء المعزيات، ولا تحويل المكان إلى بيت عزاء، صرخت من قهر ومن صدمة (سامر ما مااااات.. قلبي بقلي سااامر ما مات..)". لتنفك عصارة العاطفة فيها فتبكي وتفقد رأس الكلام...".
وتتدخل شقيقته رنا من جديد لتسبح من عاطفة صادقة إلى ضفاف القلق على شقيقها فتقول: "إن الظلم يهدم الجبال الراسيات فما البال بقلوب من دم ولحم؟!، وساعات العزاء الأربع التي عشناها كانت كصعقة كهربائية عنيفة، ولكنني كنت على يقين أن سامر لم يمت".
وأردفت شقيقة الفلسطيني المختطف في سجون تركيا: "وتماسكت بعيداً عن الجميع وانشغلت باتصالاتي على عائلة زميل سامر في بلغاريا ابنة وشقيق العميد زكي مبارك رحمه الله، لكي أتأكد من صحة الخبر، ولم أترك زوجته في إسطنبول وحيدة بهذه الحالة، وعملت بجهد كبير لأخفف عنها، ومكذّبة ما يشاع عن انتحار سامر، ساعات كعاصفة رملية في صحراء قاحلة، عشناها حتى انقشعت الظلمة وظهرت الحقيقة، ولكن الألم لم يتبدل رغم أن المصاب تبدل، ولكن على زميله زكي وليس سامر".
وواصلت رنا حديثها قائلة: "وهذه حالة وصفها معقد، لم نصب بالرضى بنجاة سامر من الموت ولكننا فجعنا بموت زميله الغريب، وبقينا في قلق وما زلنا نعيشه فمن يقتل زكي لا يأمن على حياة سامر، فالكل على يقين أن زكي لم ينتحر ولكنه قتل، وما هي الضمانات ألا يقتل سامر مثله! وكل ما نطلبه أن يفك أسر سامر المجروح بموت صاحبه، والمسجون بجسده في زنازين لا نعرف عنها شيئاً، ولم نستطع أن نصل إلى من يخبرنا عن مصيره ولو معلومة بسيطة".
ومضت قائلة: "حتى المحامي المفوض بقضيته أغلق هاتفه المحمول، بعد موت زكي، والسفارة الفلسطينية كأنّها قطعة ملح وذابت في بحر، ولا أي مستوى سياسي أو إعلامي أفادنا عن سامر بما نقر بأمانه، فكيف سيكون حالنا؟! غير أننا تركنا مشاغلنا وبيوتنا وأولادنا ومدارسهم وجلسنا ننتظر ولو خبراً متواضعاً عن سامر، فأي أخلاق هذه التي تدعيها تركيا، وأي دين هذا الذي يدينون به، ويقهرون قلوب الأمهات على أبنائهن وأهاليهم، لماذا كل هذا الجبروت؟ لماذا هذا الظلم والحقد الأسود؟ سامر مسلم وبريء يا ناس".
بتداخل الحزن والخوف مع القلق الواضح على مصير سامر، صار الكلام من الشقيقة والأم مطارق على القلوب، واستدماع يحنن الصخر في جلموده، ويا ليت اللغة تبكي لتدمع الصفحات، ليدرك السجان التركي هناك أنه يغتال أعماراً كثيرة في ظلم يرتكبه بحق بريء، فكيف إذا تحول هذا السجان إلى قاتل، حوّل قلوب أهل الضحية إلى مقابر؟!.
غادة الأم، ورنا الشقيقة، تنتظران وأفراد عائلة شعبان في الوطن والشتات، نسمة ولو خفيفة تدخل صدورهم لتنتعش الحياة فيها مرة ثانية، ولا يريدون غير خبر عن ابنهم المختطف منذ شهر في أحد السجون التركية، خبر يلم أوجاعهم في صندوق صغير ويتركونه كندبة في ذكرياتهم، خبر يقول لهم إن سامر حيّ يرزق!.
aXA6IDE4LjExNi44NS4xMDIg جزيرة ام اند امز