مقتل فلسطيني بسجون أردوغان.. صمت حقوقي مريب ومطالب عربية بتحقيق دولي
أثار صمت المنظمات الحقوقية الغربية عن جريمة قتل فلسطيني بسجون أردوغان استياء وغضب العالم العربي الذين طالبوا بإجراء تحقيق دولي.
أثار الصمت المريب للمنظمات الحقوقية الدولية بشأن جريمة قتل الفلسطيني زكي مبارك داخل السجون التركية، استياء الكثيرين بالعالم العربي الذين طالبوا بضرورة إجراء تحقيق دولي في الجريمة.
- زوج شقيقة الفلسطيني"زكي مبارك": قُتل غدرا.. وتركيا ارتكبت بحقه 3 جرائم
- مقتل فلسطيني في سجون أردوغان يؤكد دعم "ثلاثي الشر" للإرهاب
ووجه كتاب وإعلاميون وبرلمانيون ومغردون انتقادات شديدة لتلك المنظمات، متسائلين عن المعايير الحقيقية التي تعمل وفقها التي يجعلها تتجاهل الحديث عن تلك القضية، فيما تتعمد إثارة قضايا أخرى بشكل انتقائي لتحقيق أهداف محددة.
وطالبوا بفرض عقوبات دولية على تركيا إن لم تستجب لإجراء تحقيق دولي مستقل، داعين المنظمات الحقوقية لسرعة التحرك والقيام بدورها.
وقتل المحتجز الفلسطيني زكي مبارك (55 عاما)، الأحد الماضي، بسجون المخابرات التركية في ظروف غامضة، وسط ادعاءات السلطات انتحاره، بينما اتهمت أسرته نظام أردوغان بتصفيته بعد فشلها في انتزاع اعترافات بجريمة التجسس التي لم يرتكبها.
ازدواجية مرفوضة
ورغم مرور 3 أيام على جريمة قتل مبارك داخل السجون التركية، وفي ظل دعوات متنامية، بتدخل المنظمات الحقوقية الدولية لدعم مطلب ذويه بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الجريمة، فإنها لم تحرك ساكنا.
الإعلامي السعودي بندر عطيف انتقد تجاهل المنظمات الحقوقية الدولية لهذه الجريمة، وغرد قائلا "نطالب بتحقيق دولي عادل حول مقتل الشهيد زكي مبارك وتدخل هذه الكيانات التي تتعامى عن هذا الحادث وكأنها لا تراه".
المغردة سارة فهمي، وجهت بدورها انتقادات حادة لتلك المنظمات الحقوقية، مشيرة إلى أنهم "صم بكم عمي" عن الجريمة.
وقالت فهمي: "بعد مرور أيام على ذكرى مذابح الأرمن يقوم نظام أردوغان بقتل السجين زكي مبارك ليؤكد أن الوحشية والإرهاب وسفك الدماء هي اللغة السائدة في الدولة التركية".
البرلماني المصري ورئيس تحرير جريدة "الأسبوع" مصطفى بكري تساءل بدوره عن سر غياب تلك المنظمات الحقوقية، منتقدا ما اسماه بـ"الخرس" الغريب.
وأردف في تغريدة أخرى: "أين النشطاء الذين لا يكفون الحديث عن إهدار حقوق الإنسان في مصر وغيرها، هل مقتل مواطن فلسطيني في سجنه في تركيا لا يستحق منكم تحركا فاعلا وإدانة جماعية، وأين أصوات الخونة أصحاب الشعارات الكاذبة الذين يبثون سمومهم من تركيا، أنتم لستم إلا مجرد أدوات يسخرونها ضد أوطاننا كيفما يشاءون".
تساؤلات مشروعة
بدوره، تساءل الأمير السعودي سطام بن خالد ال سعود عن سر غياب هذه المنظمات عن جريمة قتل المواطن الفلسطيني في سجون أردوغان.
وتساءل: "أين هي تلك المنظمات الحقوقية والقنوات الإخبارية؟ أين هؤلاء الإعلاميون؟ الذين كانوا يعملون على مدار 24 ساعة متواصلة في قضية خاشقجي أين هم من هذا الإجرام؟ هذا دليل واضح أن المملكة مستهدفة من قبل هؤلاء المرتزقة".
تساؤلات الأمير سطام عبر عنها كثير من المغردين منهم وليد العمودي الذي تساءل "أين التحقيق الدولي العادل في مقتل الشهيد زكي مبارك؟ أين تدخّل المنظمات الحقوقية التي كأنها لا ترى هذا الحادث البشع؟".
كما انتقد المغرد معاذ العوني تجاهل المنظمات الحقوقية لتلك الجريمة، قائلا: "جعل أردوغان من سجن سيليفري مسرحًا لتصفية أعدائه وتنفيذ أقسى أنواع التعذيب في ظل انعدام الضمير الإنساني وغياب الرقابة من المنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية وكان آخر هذه الجرائم الفلسطيني زكي مبارك الذي قُتل بلا ذنب".
دعوات بتدخل حقوقي دولي
وفي مقال له بجريدة "عكاظ" السعودية تحت عنوان "في تركيا.. رباط السروال أداة قتل!،" طالب الكاتب السعودي هاني الظاهري المجتمع الدولي وهيئات ومنظمات حقوق الإنسان القيام بدورها.
ونافيا الرواية التركية عن مقتل زكي مبارك، قال الظاهري: "السيناريو الذي يمكن قبوله منطقياً لما حدث هو أن الفقيد توفي على أيدي المحققين نتيجة التعذيب الذي لم يستطع جسده المنهك تحمله، ولكي يتخلص قاتلوه من هذه الورطة تم ابتكار حكاية الانتحار الساذجة والإعلان عنها رسمياً".
وأردف مطالبا بتدخل حقوقي دولي قائلا: "هنا يأتي دور المجتمع الدولي وهيئات ومنظمات حقوق الإنسان، إذ يجب أن يتم التحرك على أوسع نطاق للمطالبة بتسليم المحققين المتورطين في الجريمة لجهات قضائية دولية مستقلة".
وبيّن أنه "على الحكومة التركية أن تستجيب لذلك أو تُعامل كسلطة مارقة وتفرض عليها بالتالي العقوبات الدولية التي تستحقها".
انتقادات للمنظمات الحقوقية
وفي مقابل صمت المنظمات الحقوقية الدولية، شجبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا قيام الأمن التركي بتعذيب الموقوف الفلسطيني زكي مبارك حتى الموت.
وطالبت بتدخل أممي في التحقيقات، مشيرة إلى أن السلطات التركية أوقفته بتهمة التجسس من دون أي أدلة، وللتغطية على جريمة التعذيب أعلنت موته منتحراً في مكان توقيفه في أحد السجون.
وطالبت المنظمة العربية المقرر الخاص بالتعذيب بإرسال لجنة من الأمم المتحدة لفحص الجثمان، وعدم السماح للسلطات التركية بإخفاء جريمتها، ودفن الجثة من دون إجراء تشريح أممي محايد.
وأشارت إلى أن حالات التعذيب حتى الموت تكررت بسجون تركيا، وقام برصدها وتسجيلها عدد من المنظمات الحقوقية التركية والدولية.
بدوره، طالب الملتقى الصحفي لحقوق الإنسان بفتح تحقيق دولي في ملابسات مقتل الفلسطيني زكي مبارك حسن في السجون التركية.
وأدان الملتقى بشدة في بيان له تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه سياسة الاعتقالات التي تقوم بها السلطات التركية تجاه المهاجرين خاصة الفلسطينيين.
وطالب بفتح تحقيق دولي جاد من دول محايدة، بشأن وفاة المواطن الفلسطيني زكي مبارك، ونشر نتائجه بوضوح.
كما طالب جميع المؤسسات الحقوقية والدولية متابعة قضية المواطن مبارك، والعمل الدؤوب على كشف الحقيقة.
مطالب بإجراء تحقيق دولي
وطالب ذوو القتيل الفلسطيني زكي مبارك في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، من أبرزهم هدى زكي مبارك، الابنة الكبرى للفلسطيني القتيل في سجون تركيا، وشقيقته سناء وشقيقه زكريا، وأنس دوخان، زوج شقيقة الفلسطيني المقتول في السجون التركية بتشكيل لجنة تحقيق دولية للكشف عن الحقيقة، وتقديم الجناة للعدالة الدولية.
وأكدوا أنهم "لا يثقون بالأمن ولا القضاء التركيين، هم تآمروا لاختطاف زكي وتلفيق التهم الكاذبة له ثم قتلوه، فكيف نأمنهم على التحقيق في جريمة قتله؟".
وزكي مبارك ضابط متقاعد يحمل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جمهورية مصر العربية، خرج من قطاع غزة بعد الأحداث الدامية في عام 2007 إلى رام الله حيث استقر فيها.
قبل أن يسافر إلى بلغاريا بعد تقاعده، ليفتح عملاً جديداً له لمواجهة ظروف الحياة والمحافظة على تماسك أسرته ومنها إلى إسطنبول.
واختطفته أجهزة أمن رجب طيب أردوغان في وقت سابق من أبريل/نيسان الماضي في تركيا بتهمة التجسس، فيما سبق ذلك اختطاف الفلسطيني سامر سميح شعبان (40 عاما) بالتهم نفسها المفترى عليهما بها.
وأعلنت النيابة العامة التركية في إسطنبول، الإثنين، أن الموقوف "زكي" بتهمة التجسس السياسي والعسكري والتجسس الدولي، وُجدَ مشنوقا بباب الحمام في زنزانته الانفرادية بسجن سيليفري، وذلك في الساعة 10:22 بالتوقيت المحلي من مساء الأحد.
وأكد خبراء أن الرواية التركية بشأن انتحار زكي تكذب نفسها بنفسها، مشيرين إلى دلائل وبراهين تؤكد كذب وزيف تلك الرواية.
ومن أبرز تلك الدلائل تأخر السلطات التركية في الإعلان عن الحادث، حتى تم تلفيق رواية انتحاره، كما أشاروا إلى أنه لا يعقل أن سجينا تتهمه أنقرة بتهمة التجسس السياسي والعسكري والتجسس الدولي، وتترك زنزانته بدون أن تكون مراقبة بالكاميرات على مدار الساعة، وليس من المنطقي بالمرة أن تكتشف حادثة انتحاره المزعومة بالصدفة من أحد موظفي السجن أثناء قيامه بتوزيع الطعام.
وبيَّن أنه من المعروف أنه لا يسمح بوجود حبال أو أي أشياء صلبة أو مواد كيماوية وكذلك يتم تجريد السجين من أي حزام أو أدوات معه قد تهدد حياته، فما بالنا بسجين تتهمه أنقرة بتهمة التجسس السياسي والعسكري والتجسس الدولي.
كما أشاروا إلى أن الزنزانة الانفرادية المحبوس بها مبارك كان تحتوي على حمام بداخلها وليس له أي باب؛ ما يكذب الرواية التركية.
ولفتوا إلى تأكيد ذوي زكي مبارك أن المحامي أخبرهم أنه ليس هناك ما يدينه وأنه كان سيخرج بكفالة الثلاثاء أو الأربعاء؛ وهو ما يجعل حادث انتحاره أمرا غير منطقي.