خداع استخباراتي في "بحر الشمال".. كيف وصل زيلينسكي لواشنطن؟
تكهنات كثيرة أحاطت برحلة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن، وطريقة خروجه من كييف بعد 10 أشهر من القتال.
وقبل ساعات فقط، أعلن الجانبان الأمريكي والأوكراني عن زيارة رسمية يجريها زيلينسكي لواشنطن، في وقت لاحق اليوم الأربعاء، وهو ما وصفته موسكو بـ"التصعيد الكبير" في مسار القتال الدائر منذ 10 أشهر.
لكن الزيارة أثارت كثيرا من التساؤلات أكثر ما قدمت من إجابات، أهمها عن طريقة خروج الرئيس الأوكراني من كييف التي لم تشهد تحليق أي طائرة مدنية منذ 24 فبراير/شباط الماضي.
وعلى مدار أشهر الحرب، كان التنقل داخل وخارج أوكرانيا صعبا للغاية.، حيث سافر قادة غربيون إلى كييف في رحلة طويلة بالقطار من بولندا.
وخلال تلك الفترة، تصدر زيلينسكي مشهد المقاومة الأوكرانية، إذ قضى معظم العام في مكان سري داخل بلاده، يناشد الدول الحصول على الدعم.
صحيفة "بيلد" الألمانية القريبة للغاية من النظام الحاكم في كييف، والتي انفردت بالعديد من الأخبار منذ بداية الحرب، وضعت نظريتين بينهما نظرية تبدو الأكثر ترجيحا بشكل طفيف عن الأخرى، إلى جانب تكهن ثالث يمكن أن يرتقي لنظرية أيضا، لكن لا يوجد دليل عليه.
النظرية الأولى
ووفق النظرية الأولى للصحيفة والتي وصفت بـ"الخروج الكبير"، استقل زيلينسكي القطار من كييف إلى الحدود البولندية الأوكرانية لمدة تسع ساعات مساء الثلاثاء، ومن هناك واصل طريقه بطائرة هليكوبتر إلى مطار رزيسزو القريب.
ومن هذا المطار، اصطحبت طائرة أحد كبار الشخصيات والتي تتبع القوات الجوية الأمريكية ومن طراز بوينج، زيلينسكي في تمام الساعة 9:15 صباحًا، باتجاه واشنطن.
ومن المتوقع أن تكون في الولايات المتحدة حوالي الساعة 5 مساءً بالتوقيت الأوروبي.
وفوق بحر الشمال، رافقت الرحلة الخاصة طائرات مقاتلة أمريكية انطلقت من بريطانيا العظمى وطائرات استطلاع أمريكية انطلقت من ألمانيا، من أجل التأمين، وهو ما بدا واضحا في مسار الرحلة على موقع "فلايت رادار".
حتى بضع دقائق مضت، كانت الطائرة الأكثر متابعة في العالم على "فلايت رادار". لكنها اختفت بعد ذلك من قائمة التتبع، وفق الصحيفة.
︎ لكن هذه النظرية أيضا تعاني مشكلة؛ فقد أعلنت الرئاسة الأوكرانية الليلة الماضية في حوالي الساعة العاشرة مساءً أن زيلينسكي سيزور الولايات المتحدة.
وإذا كانت هذه النظرية صحيحة، فإنه كان لا يزال على متن القطار بالقرب من كييف في ذلك الوقت، وهو ما يمثل خطرًا أمنيًا كبيرًا من غير المتوقع أن تقع فيه الاستخبارات الأمريكية والأوكرانية.
النظرية الثانية
لأسباب أمنية، غادر الرئيس الأوكراني، كييف، يوم الإثنين، بينما تم بث بيان وصور يوم الثلاثاء، على سبيل التشتيت، عن زيارته إلى باخموت في شرق أوكرانيا.
وفي غضون ذلك، تمكن زيلينسكي سرًا من الوصول عبر القطار ثم مروحية إلى قاعدة القوات الجوية الصغيرة في لاسك بجنوب بولندا، صباح الإثنين.
وفي القاعدة، كانت طائرة تابعة للقوات الجوية الأمريكية تنتظره هناك، والتي نقلته إلى قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا بعد ظهر يوم الإثنين.
ثم طار زيلينسكي من هناك مساء الثلاثاء، وبالتحديد في الساعة 6:55 مساءً، وهبط بعد ثماني ساعات في قاعدة أندروز الجوية بالقرب من العاصمة الأمريكية، حيث جرى رصد الطائرة على قائمة التتبع في موقع "فلايت رادار" بالفعل.
وما يدعم هذه النظرية، حقيقة أن زيلينسكي لم يغرد لمدة أربعة أيام على "تويتر"، وهو تصرف غير معتاد، قبل إعلان سفره، وهو الأمر الذي أثار شكوك الكثير من الناس.
كما يدعم هذه النظرية أيضًا حقيقة أن العديد من الأشخاص مقربون من زيلينسكي رفضوا إنكار نظرية الرحلة السرية عبر قاعدة رامشتاين، في أحاديث منفصلة مع "بيلد".
تكهن يرقى للنظرية
وهناك تكهن جامح آخر مفاده بأن الجيش التركي هو من أجلى الرئيس الأوكراني زيلينسكي يوم الثلاثاء.
خلفية ذلك أن طائرتين عسكريتين تركيتين كانتا عالقتين في كييف منذ فبراير/شباط الماضي، حلقتا يوم الثلاثاء من العاصمة الأوكرانية باتجاه إسطنبول.
وسبق الرحلة العسكرية لطائرتي النقل العسكريتين التركيتين مفاوضات طويلة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأوكراني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومع ذلك، بصرف النظر عن التزامن الواضح بين الرحلات الجوية التركية ورحلة زيلينسكي، لا يوجد دليل على أن الرئيس الأوكراني ربما كان على متن أي من الطائرتين التركيتين، حتى لو كان هذا هو الطريق الأسرع والأكثر أمانًا من كييف إلى واشنطن.