اليوم العالمي للمرأة.. إرادة ملكية تعزز إنجازات نساء المغرب
مجهودات ملكية للرفع من مكانة المرأة المغربية طوال أكثر من عقدين من الزمن، تكللت بإصلاحات كبرى، سياسية وحقوقية واقتصادية.
وتعيش المرأة المغربية تحولات في شتى المجالات بفعل متغيرات داخلية وخارجية واتساع وسائل الاتصال والتواصل وتطورها، ما يشير إلى أن المغرب قطع خطوات مهمة في مجال المشاريع الكبرى لتعزيز مكانة ودور المرأة".
وقالت ابتسام عزاوي، الناشطة والبرلمانية السابقة، إنه على المستوى السياسي والحقوقي تم إقرار مجموعة من الإصلاحات لصالح المرأة، وترجمتها إلى قوانين، تمت المصادقة عليها في البرلمان، وتساهم في تنظيم الحياة العامة والمؤسساتية بالمغرب.
وتؤكد العزاوي لـ"العين الإخبارية" أن هذه الإصلاحات تمت ترجمتها ميدانياً في العديد من المؤسسات العامة والخاصة، مشددة على أن تقدم المرأة في أي دولة لا يمكن أن يتم إلا إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية وهي "موجودة بالمغرب بفعل تعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس".
إصلاحات ميدانية
وأبرزت السياسية المغربية أن هذه الإرادة موجودة بالمملكة، وتبقى مسؤولية الفاعلين في تنزيل الإصلاحات على أرض الواقع، مؤكدة أن مجموعة من الأوراش يجب أن تكون في مستوى تطلعات المرأة المغربية التي أصبحت فاعلة بشكل أكبر خلال العقدين الأخيرين.
وأشارت إلى أن هناك إقرارا كبيرا يتجلى في أسمى وثيقة تعاقدية تجمع بين المغاربة وهي دستور 2011 الذي مكن المرأة من أدوار كبرى ومهمة داخل المجتمع.
ومن أهم الأوراش، في نظر عزاوي، مدونة الأسرة التي شكلت إصلاحا ثوريا ومجتمعيا عميقا جدا، وإضافة إلى إقرار نسبة الثلث كحد أدنى لتواجد النساء في الهيئات المنتخبة، وفتح الولوج إلى مهنة العدل أو العدول للمرأة المغربية.
ملك متفاعل
وولجت المرأة المغربية مهنة "العدول" (مأذونات شرعيات)، التي كانت حكرا على الرجال، بعد أن وافق العاهل المغربي الملك محمد السادس في عام 2018 على فتح الباب أمام النساء للعمل كـ"عدل".
وجاءت موافقة العاهل المغربي بعد أن اطلع على رأي المجلس العلمي الأعلى (مؤسسة رسمية مكلفة الإفتاء)، والذي أجاز ممارسة المرأة مهنة "العدل"، وذلك بناء على الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للمغرب، وفي مقدمتها قواعد المذهب المالكي.
في هذا الإطار، قالت عضوة المكتب التنفيذي لجمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، أمينة التوبالي، إن المنظومة القانونية عرفت بعض الإصلاحات المهمة، مثل مدونة الأسرة، مدونة الانتخابات، مدونة الشغل، القانون الجنائي.
ولفتت في حديثها مع "العين الإخبارية"، إلى تعزز المشهد التنموي بميلاد أوراش، منها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف تحسين الأداء الاقتصادي والمرتكز على الاقتصاد التضامني والتنمية الذاتية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
إدماج ونضج
وتؤكد التوبالي أن إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات التنموية جاء ليعزز أوراش الإصلاح والتحديث، التي دشنها الملك محمد السادس، حيث مكنت السلطات العمومية من إعادة التفكير في آليات العمل على مستوى التخطيط والبرمجة وتنفيذ السياسات العمومية بهدف بلوغ أعلى درجات الإنصاف والنجاعة.
كما تشكل المقاربة الجديدة للميزانيات، والتي تم تطبيقها منذ عام 2002 تكريسا لثقافة جديدة للإنفاق العمومي ترتكز على إدماج بعد النوع الاجتماعي في الميزانية؛ بما يمكن من تحقيق إنجازات مهمة على مستوى المردودية والنتائج.
وأضافت التوبالي أن هذه الإنجازات تمت في إطار مقاربة مندمجة وتدريجية ترتكز على الإرادية وتأخذ بعين الاعتبار قدرات الوزارات المنخرطة، وقد صدر تقرير النوع الاجتماعي لعام 2011 في نسخته السادسة بمشاورة مختلف القطاعات المنخرطة".
كما أشارت إلى أن تقييم السياسات العمومية من زاوية النوع الاجتماعي تم إغناؤه بتحليل لمؤشرات النجاعة سواء على مستوى ميزانية التسيير أو الاستثمار، لافتة إلى أن المغرب ملتزم بشكل راسخ بتطبيق ميزانية مستجيبة للنوع الاجتماعي، حيث تم بلوغ مستوى جديد من النضج كما يتضح من المنشور الصادر عن رئيس الحكومة بتاريخ 11 مارس/ آذار 2020.
ويحث هذا المنشور القطاعات الوزارية والمؤسسات والمقاولات العمومية على مراعاة بٌعد النوع الاجتماعي في عمليات إعداد الميزانية خلال الفترة 2021-2023، من خلال دمج خطط العمل القطاعية متوسطة الأجل، والتي تؤطر تنفيذ التزاماتها في إطار الخطة الحكومية للمساواة.
كما جاء في التقرير الخاص بالميزانية القائمة على النتائج من منظور النوع المرافق لقانون المالية برسم 2021 "أن تعزيز الالتزام وتجميع الجهود لصالح برامج تراعي النوع الاجتماعي يشكلان الخيار العملي الذي من شأنه فتح آفاق ما بعد كوفيد-19، والتي تتمثل أسسها في المساواة والإنصاف".
مساواة ومناصفة
وأبرزت الفاعلة الحقوقية، أمينة التوبالي، أن المغرب انخرط بشكلي جدي من أجل ترسيخ مبادئ المساواة والمناصفة خاصة بعد النص عليها في الفصل 19 من دستور 2011. كما أكدت أن المغرب "كان من الموقعين على أجندة أهداف التنمية المستدامة والتي تؤكد في مادتها الخامسة على ضرورة تحقيق المساواة الشاملة بحلول 2030".
كما شهدت مدونة الانتخابات عدة تعديلات من خلال مشروع قانون تقدمت به الحكومة ضمن مجلس وزاري ترأسه الملك المغربي، ما مكن من تخصيص ثلث المقاعد للمرأة في كل المجالس الجماعية ومجالس الجهات والغرف المهنية خلال الانتخابات الأخيرة.