مقتل تشارلي كيرك.. هل يبدأ «فصل مظلم» من العنف الأمريكي؟

جاء مقتل الناشط اليميني تشارلي كيرك ليُمثّل حلقة جديدة من حلقات العنف السياسي في الولايات المتحدة.
قائمة طويلة ومتزايدة من حوادث العنف السياسي شهدتها البلاد مؤخرًا، مثل محاولتي اغتيال الرئيس دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية العام الماضي، وإحراق منزل حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو في أبريل/نيسان الماضي، ومقتل النائبة الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا وزوجها في يونيو/حزيران.
وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025، وقع أكثر من 520 مخططًا أو عملًا إرهابيًا وأحداث عنف أثرت على جميع الولايات الأمريكية تقريبًا، وأسفرت عن 96 حالة وفاة و329 إصابة، بزيادة بلغت 40% مقارنة بالأشهر الستة الأولى من عام 2024، وفقًا لبيانات "دراسة الإرهاب والاستجابات للإرهاب" في جامعة ماريلاند.
كما ازدادت الهجمات التي تُوقِع إصابات جماعية – أي التي تسفر عن مقتل أو إصابة أربعة ضحايا أو أكثر – بنسبة 187.5% في النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وفي أواخر أغسطس/آب، كتب مايكل جنسن، مدير الأبحاث في منظمة "ستارت"، على تطبيق "لينكدإن" أن "العلامات التحذيرية لتزايد الاضطرابات المدنية في الولايات المتحدة واضحة" في بيانات المجموعة.
وقد يُشكّل مقتل تشارلي كيرك نقطة تحوّل في مسار العنف السياسي، لكن لم يتضح بعد الاتجاه الذي ستسير فيه الأمور، وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وعقب مقتل كيرك، شنّ تيار اليمين هجومًا على اليسار، وألغى سياسيون بارزون فعالياتهم لأسباب أمنية، كما تم إغلاق جامعات الأمريكيين من أصول أفريقية.
وفي مؤتمر صحفي، قال سبنسر كوكس، حاكم ولاية يوتا الجمهوري: "أعتقد تمامًا أن هذه نقطة تحول في التاريخ الأمريكي.. السؤال هو: أي نوع من هذه النقاط؟ هذا الفصل لم يُكتب بعد.. هل هي نهاية فصل مظلم في تاريخنا أم بداية فصل أكثر ظلمة؟".
ويقول باحثو العنف السياسي إن اللحظة الراهنة تُشبه ما كانت عليه الولايات المتحدة في ستينيات القرن الماضي، التي شهدت اغتيال الرئيس جون كينيدي والناشط مارتن لوثر كينغ جونيور في خضم فترة من التغيير الاجتماعي الهائل.
لكن الوضع الحالي قد يكون أكثر خطورة لسببين: الأول هو وسائل التواصل الاجتماعي، والثاني سهولة الوصول إلى الأسلحة الفتاكة المنتشرة على نطاق واسع، بحسب آمي بات، القائمة بأعمال المدير والمديرة التنفيذية في منظمة "ستارت".
وأشارت بات إلى التبني المتزايد لنظريات المؤامرة والشبكات الإلكترونية، ما يعني انتشار التطرف بشكل متسارع.
وهناك مجموعة عوامل تُؤثر في تصاعد العنف السياسي، من أبرزها دعم الجمهور له، حيث يشعر الناس بعدم الرضا عن الحكومة والحزبين السياسيين الرئيسيين، وفقدان الثقة في المؤسسات، كما قال لوك بومغارتنر، الباحث في برنامج التطرف بجامعة جورج واشنطن.
وقال ويليام برانيف، المدير التنفيذي لمختبر أبحاث وابتكار الاستقطاب والتطرف في الجامعة الأمريكية، إن "الأصوات البارزة قادرة على جذب الناس من خلال خلق سيناريوهات واضحة".
وأضاف بومغارتنر أن أقصى اليمين هو الأكثر ممارسةً للعنف السياسي، لكن مُرتكبي العنف اليوم لا يلتزمون بأيديولوجية واحدة.
وقال برانيف: "لا يبدأ الناس رحلتهم كخبراء في التطرف العنيف بأيديولوجية معينة.. هناك عوامل خطر كامنة في حياتهم لا تُعالج.. وغالبًا ما تكون الأيديولوجية مؤشرًا متأخرًا لشخص ينجذب نحو العنف".
ويرى خبراء أن كيفية استجابة السياسيين من مختلف الاتجاهات لحوادث العنف قد تساعد في تهدئة الخطاب أو تأجيجه.
وقالت بات إن إدانة العنف مفيدة، لكن سياق تلك الإدانات مهم، مضيفة: "هل تستغل هذه الفرصة للإشارة إلى درجة الاستقطاب داخل البلاد والتنديد بها، أم تدينها كوسيلة للاستفادة من هذا الاستقطاب؟".
وبغض النظر عن الأهداف السياسية لقاتل كيرك، استبق اليمين الجمهوري الكشف عن هويته بإعلان "الحرب"، فيما تعهّد ترامب بملاحقة "اليسار المتطرف" الذي اعتبره في تصريحات لـ"فوكس نيوز" أنه "المشكلة"، في حين رأى أن المتطرفين من اليمين يتبنون هذا النهج "لأنهم لا يريدون رؤية الجريمة".
وقال بومغارتنر إن دعوات اليمين للحرب والانتقام قد تؤدي إلى مزيد من العنف.
ويمكن لبرامج الوقاية التدخل بعد تقييم عوامل الخطر لدى الأشخاص، مثل الانعزال، أو الفصل من الخدمة، أو الصدمات النفسية غير المُعالجة، أو الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي الضارة عبر الإنترنت، أو الحصول على الأسلحة.
وتدعو بات إلى نهج صحي عام للتعامل مع الأزمة، يوفر للأشخاص المعرّضين للخطر سُبلًا بديلة تمنع العنف، مثل خدمات الاستشارة أو العلاج من تعاطي المخدرات.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA==
جزيرة ام اند امز