حصاد 2018.. كلوب "العادي" يكتب نهاية مورينيو "الاستثنائي"
نهاية رحلة جوزيه مورينيو في مانشستر يونايتد على يد نظيره الألماني يورجن كلوب تتصدر مشاهد النهايات المأساوية للمدربين في 2018
أسدل الستار على عام 2018، وسط أحداث صاخبة في ملاعب كرة القدم، التي شهدت رحيل مدربين عن مناصبهم وقدوم آخرين، لكن أبرز الراحلين بالطبع كان المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي شهد الرمق الأخير من العام والإطاحة به من تدريب فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي.
وشهد يوم 18 ديسمبر نبأ الرحيل المنتظر للمدرب البرتغالي، بعد إخفاقاته المستمرة مع "الشياطين الحمر"، ليغادر ملعب "أولد ترافورد" بعد عامين ونصف من توليه المهمة.
وكانت إدارة المان يونايتد مهمة تدريب الفريق للمدرب البرتغالي في 27 مايو/أيار 2016، لكنه اكتفى طوال نحو عامين ونصف بالتتويج بثلاثية كأس الرابطة الإنجليزية، والدرع الخيرية، والدوري الأوروبي، والتي جاءت كلها في أول مواسمه مع الفريق.
ورغم البداية القوية فإن مورينيو لم يستطع محاكاة موسمه الأول، مما عرضه للإقالة في النهاية، بعد أقل من 48 ساعة من الهزيمة أمام ليفربول، تحت قيادة المدرب الألماني يورجن كلوب، بنتيجة 3-1 في الدوري الإنجليزي.
"العادي" يطيح بـ"الاستثنائي"
وجاءت نهاية المدرب البرتغالي الذي أطلق على نفسه لقب "الاستثنائي" على يد كلوب، الذي رفض أن يتم إطلاق هذا اللقب عليه في أول يوم له مع الفريق الإنجليزي، خلال مؤتمره الصحفي الأول، بعد إعلانه مدربا للريدز، عند سؤاله حول مقارنته بمورينيو الذي كان يدرب حينها فريق تشيلسي الإنجليزي.
ولم يرغب كلوب في تحميل نفسه المزيد من الضغوط، بدخول حرب مع نظيره البرتغالي في بداية مشواره مع ليفربول، حيث صرح قائلا "لا أريد أن أصف نفسي، فأنا شخص عادي تماما.. أنا المدرب العادي وليس الاستثنائي".
وجاء موقف كلوب مغايراً لما فعله مورينيو في أول مؤتمر صحفي له، بعد توليه تدريب تشيلسي لأول مرة عام 2004، حينما قال "أنا مدرب استثنائي".
وجاء الفوز الأخير لكلوب على مورينيو ليؤكد تفوق "العادي" على "الاستثنائي"، فخلال 10 مواجهات جمعت بينهما فاز كلوب في 4 مباريات، منها مباراتان في دوري أبطال أوروبا عندما كان مدربا لبروسيا دورتموند الألماني، فيما كان مورينيو مدرباً لريال مدريد الإسباني، والمباراتان الأخريان مع ليفربول إحداهما عندما كان مورينيو مدرباً لتشيلسي، والثانية هي المباراة الأخيرة.
وعلى الجانب الآخر فإن مورينيو حسم مواجهتين فقط أمام كلوب، إحداهما عندما كان مدرباً لريال مدريد وكان كلوب مدرباً لدورتموند، والثانية العام الماضي عندما كانا مدربين ليونايتد وليفربول، بينما ظهر التعادل 4 مرات بين المدربين.
ومنح الفوز الأخير لكلوب فرصة التحليق بفريقه في صدارة الدوري الإنجليزي متقدماً على مانشستر سيتي أبرز ملاحقيه، ومنح جماهيره الأمل في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي لأول مرة في حقبة البريمييرليج، حيث كان آخر تتويج لليفربول بالدوري موسم 1989-1990.
صحوة المارد
ويبدو أن إدارة مانشستر يونايتد لم تتحمل رؤية استفاقة ليفربول الغريم اللدود لـ"الشياطين الحمر"، والذي كان البطل الأول لإنجلترا على مدار عشرات السنوات، وفرض هيمنته على الدوري الإنجليزي بنسخته القديمة، حيث توج بـ18 لقبا وقتها كأكثر فريق توج بالبطولة، بينما كان يونايتد يملك 7 ألقاب فقط، قبل أن تأتي مرحلة السير الاسكتلندي أليكس فيرجسون، الذي كون فريقاً أكل الأخضر واليابس، وتمكن من تحقيق 13 لقباً في الدوري الإنجليزي، ليتخطى "الريدز" في قائمة الأندية الأكثر تتويجاً باللقب.
ومثّل هاجس إمكانية عودة المارد الليفربولي والانهيار الذي أظهره يونايتد خلال اللقاء الأخير القشة التي قصمت ظهر مورينيو، ودفعت إدارة الشياطين الحمر إلى حسم قرارها والإطاحة به، رغم تكبد قيمة الشرط الجزائي الكبير في عقده.
والمصادفة أن الصفعة الجديدة لمورينيو جاءت مجدداً من كلوب، بل أمام ليفربول، الذي تسبب المدرب البرتغالي في إضاعة لقب الدوري عليه موسم 2013-2014 عندما كان مدرباً لتشيلسي، حيث فاز عليه في أنفيلد 2-0 في الأمتار النهائية للبطولة، ليهدي اللقب في النهاية إلى منافسه مانشستر سيتي.
تكريس عقدة.. وفك أخرى
لم تكن صفعة كلوب الأخيرة لمورينيو هي الأولى من نوعها، حيث كرست عقدة المدرب البرتغالي أمام نظيره الألماني الذي سبق له التسبب في الإطاحة به من تدريب ريال مدريد بنهاية موسم 2012-2013، الذي شهد أولى المواجهات بين المدربين.
وواجه كلوب مع فريق السابق بروسيا دورتموند نظيره مورينيو مع فريقه الأسبق ريال مدريد 4 مرات في دوري أبطال أوروبا موسم 2012-2013، منها مرتان في دور المجموعات، كتب فيهما المدرب الألماني الأسطر الأولى في كتاب تفوقه على نظيره البرتغالي، حيث فاز عليه في المواجهة الأولى مع الرأفة بهدفين مقابل هدف، وهي الخسارة الأولى وقتها بل الوحيدة لريال مورينيو في دور المجموعات طوال حقبة المدرب البرتغالي مع النادي الملكي، فيما حفظ الريال ماء وجهه بتعادل قاتل في ملعبه سانتياجو بيرنابيو بنتيجة 2-2 في الدقيقة الأخيرة من اللقاء الثاني.
ويمكن معرفة أثر ما فعله كلوب إذا علمنا أن الريال خلال 3 مواسم خاضها تحت قيادة مورينيو لم يخسر أي مباراة في دور المجموعات إلا المباراة التي خسرها أمام دورتموند كلوب، بل إنه فاز في كل لقاءاته في المواسم الثلاثة في هذا الدور باستثناء مواجهة أمام ميلان في موسم 2010-2011 انتهت بالتعادل 2-2، فيما حصد العلامة الكاملة في موسم الثاني، قبل أن يتعثر بخسارة وتعادل أمام دورتموند في الموسم الثالث، وهو ما مثل إشارة لإدارة الريال بأن مورينيو لم يعد ذلك المدرب "الاستثنائي".
وأكمل كلوب مهمة القضاء على مستقبل مورينيو في ريال مدريد، عندما تواجه الفريقان من جديد في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في الموسم ذاته، حيث تعرض الريال لضربة موجعة في الذهاب بخسارته بـ4 أهداف مقابل هدف، ولم يستطع التعويض في الإياب حيث اكتفى بالفوز 2-0، وهي النتيجة التي لم تكن كافية لعبور الملكي للنهائي، لتقرر إدارة النادي رحيل مورينيو بنهاية الموسم بالتراضي بين الطرفين.
على الجانب الآخر، فإن كلوب بفوزه الأخير على يونايتد مورينيو كسر عقدته أمام الشياطين الحمر في الدوري الإنجليزي، فقبل هذا اللقاء واجه المدرب الألماني يونايتد 5 مرات في الدوري الإنجليزي، لم يستطع تحقيق الفوز في أي منها، حيث خسر مرتين، وانتهت 3 مباريات بالتعادل، فيما كان الفوز الوحيد الذي حققه كلوب في مواجهاته ليونايتد في بطولة الدوري الأوروبي موسم 2015-2016.
بدايات النهاية
تبددت سطوة المان يونايتد على البطولات المحلية في السنوات الأخيرة، وبالتحديد منذ رحيل السير فيرجسون، رغم توالي عدة مدربين على قيادة الفريق، وكانت إدارة النادي تضع آمالا كبيرة على مورينيو من أجل إعادة الفريق إلى سابق عهده، وحمل موسمه الأولى بشارة على ذلك بتحقيق 3 بطولات، لكن الموسم الثاني الذي خرج منه الفريق خالي الوفاض كان بداية النهاية لمشوار مورينيو.
وشعرت إدارة النادي بالخطر الذي يهدد عرش "الشياطين الحمر" أكثر وأكثر في الموسم الثالث لمورينيو، حيث ساءت نتائج الفريق بشكل أكبر، وتراجع ترتيبه أكثر في جدول ترتيب البريمييرليج، حيث بات في المركز السادس مبتعداً عن المراكز المؤهلة لدوري الأبطال، مع قرب الدور الأول من نهايته، وهو المركز ذاته الذي أنهى به الفريق موسمه الأول مع مورينيو، لكنه تأهل لدوري الأبطال عبر فوزه بالدوري الأوروبي.
وعلى الرغم من أن يونايتد استطاع تحسين نتائجه في الموسم الماضي بالدوري الإنجليزي باحتلال المركز الثاني في المسابقة، فإنه تأخر بفارق كبير عن مانشستر سيتي الذي توج باللقب بفارق 19 نقطة، وهو ما مثّل مؤشراً آخر للإدارة بأن الفريق لن يجاري منافسيه المحليين، وعلى رأسهم السيتي وليفربول وتشيلسي.
ولم يحقق مورينيو خلال تواجده مع المان يونايتد النتائج المرجوة أمام كبار البريمييرليج (مانشستر سيتي وليفربول وتشيلسي وتوتنهام وأرسنال)، حيث تعرض للخسارة في 12 مباراة، خلال 29 مواجهة خاضها أمامهم، فيما فاز بـ10 لقاءات، وظهر التعادل 7 مرات.
استباحة أولد ترافورد
ومما زاد من غضب الإدارة والجماهير أن ملعب أولد ترافورد، الذي كان مسرح الأحلام بالنسبة لمشجعي الشياطين الحمر، وشهد على مر تاريخه الكثير من الصولات والجولات والانتصارات والإنجازات للفريق، بات مستباحاً لكل المنافسين في عهد مورينيو، ولم يعد يمثل ميزة للفريق، ويكفي أن نعرف أنه خلال 12 مباراة خاضها الفريق عليه هذا الموسم لم يستطع تحقيق الفوز إلا في 5 مباريات فقط عليه، بينما تعادل 5 مرات إحداها أمام ديربي كاونتي فريق الدرجة الأولى (شامبيونشيب) في كأس الرابطة بنتيجة 2-2، قبل أن يودع يونايتد البطولة بركلات الترجيح، فيما خسر مرتين أمام توتنهام في الدوري بثلاثية نظيفة، وأمام يوفنتوس في دوري الأبطال بهدف نظيف.
كل تلك العوامل تسببت في إقدام إدارة يونايتد على الإطاحة بمورينيو، وكانت السقطة الأخيرة أمام ليفربول كلوب هي الوقت الذي رأته الإدارة الأنسب لاتخاذ قرارها.
ورحل مورينيو عن يونايتد بعد 935 يوماً قضاها في أولد ترافورد، لم يقدم فيها النتائج المرجوة التي ترضي تطلعات جماهير الفريق الذي كان البطل الأول لإنجلترا في حقبة البريمييرليج.
aXA6IDE4LjIxOC4yNDUuMTc5IA==
جزيرة ام اند امز