"كوم الدكة".. معرض يتأمل أحوال الناس في حي سيد درويش

منطقة "كوم الدكة" تنقسم إلى حي راقٍ وآخر شعبي، ويصل الأخير إلى مناطق حيوية في الإسكندرية منها الميناء الشرقي ومحطة قطار الإسكندرية

لا تزال منطقة "كوم الدكة" الأثرية، بمحافظة الإسكندرية في مصر، تلهم الفنانين للاقتراب من أزقتها المتعرجة، وجدرانها العتيقة وشبابيكها الخشبية، وتكوينها المعماري المُشرب بالتراث السكندري القديم. 

ولعل آخر تلك الإلهامات معرض "كوم الدكة" للفنان المصري أشرف زكي، الذي يستضيفه جاليري "خان المغربي" بالقاهرة حتى 12 مارس/آذار المقبل.

في هذا المعرض يتلمس الفنان عبر خطوط الإسكندرية الأثرية، مُلتقطا تفاصيل تلك المنطقة المُتخمة بالتراث، فظهرت في لوحاته مشاهد البيوت الملتصقة بصورة أقرب للحميمية وليست العشوائية التي تتميز كذلك بعلوها النسبي نظرا لأنها مُقامة فوق تل.

ورغم اتكاء الفنان إلى رؤية بصرية تتسم بالاقتراب من الوصف الطبيعي للمكان دون رتوش، فإن المعرض يبدو كأنه بحث في الحكايات التي تحتضنها تلك المنطقة، لا سيما وقد اختلفت التفسيرات التاريخية حول سبب إطلاق اسم "كوم الدكة" على هذه المنطقة.

الروايات متعددة حول  هذا الاسم، منها رواية تعود إلى القرن الـ19 تفيد بأن مرور المؤرخ النويري السكندري عليها وشاهد التل الترابي المرتفع الذي تقع فوقه فرأى أنها تشبه "الدكة".

وتعود قصة التل إلى أعمال حفر ترعة المحمودية في عصر محمد علي باشا، حيث تكون هذا التل الترابي من أكوام التراب "المدكوك" ونشأ عليها هذا الحي.

ومن بين الروايات أيضا أنها سميت بهذا الاسم لأنها بُنيت على أنقاض منطقة تضم قبور عدد من الملوك القدامى، ومقابر من العصر اليوناني والروماني. 

وتتراوح لوحات المعرض من حيث أحجامها، وكذلك تنوع استخدام الفنان لظلال الأبيض والأسود وزوايا الضوء، والألوان التي سادتها الدرجات الترابية في محاولة لتلمس البعد الزمني القديم للمنطقة، كما تنوعت زوايا التقاط المنطقة القديمة.

واعتمد صاحب المعرض الرؤية البانورامية في بعض لوحاته، فيما اقترب في لوحات أخرى من زوايا نظر أقرب، سواء في نظرته للعمارة السائدة في تلك المنطقة أو أبواب المنطقة الخشبية العتيقة التي اقترب منها في أكثر من لوحة في إيحاء بملمسها العتيق أو السوق الشعبية والأزقة المتعرجة الضيقة، أو حتى النظر إلى تفاعلات أهل المنطقة القديمة مع المكان سواء من خلال تجمعاتهم في المقاهي الشعبية، أو في المحال التي توارثوها عبر التاريخ كأنهم حُراس للحرف التقليدية للمنطقة. 

وتحتل منطقة كوم الدكة إلى جانب أهميتها الأثرية، أهمية أخرى خاصة بموقعها الاستراتيجي في مدينة الإسكندرية، حيث تقع في وسط المدينة بين المسرح اليوناني الروماني وشارع فؤاد، أحد أقدم شوارع المدينة.

وتنقسم كوم الدكة إلى حي راقٍ وآخر شعبي، ويصل الأخير إلى مناطق حيوية في الإسكندرية منها الميناء الشرقي، ومحطة قطار الإسكندرية، ومنطقة محطة الرمل والمنشية ومحرم بك، وتعد مسقط رأس العديد من مشاهير الفن لعل أبرزهم الفنان الراحل سيد درويش الذي أطلق اسمه على الشارع الذي عاش به.

وحصل الفنان التشكيلي أشرف زكي على درجة الماجستير في فلسفة التصميم عن الفن الياباني بعنوان "دور الشخصية اليابانية الحديثة في فن الجرافيك المعاصر، والدكتوراه في فلسفة الفنون بالتعاون مع الجانب الياباني بعنوان "الطبيعة اليابانية وأثرها على فناني الجرافيك" في 2003.