"كوفاكس كورونا".. آلية دولية لتوزيع عادل ورخيص للقاح
كوفاكس آلية دولية أنشأتها منظمة الصحة بهدف تسريع الوصول العادل للقاح كورونا وستمتلكك أكبر محفظة من الأمصال وأكثرها تنوعا في العالم
قبل أسابيع دشنت منظمة الصحة العالمية آلية "كوفاكس" التي نجحت في استقطاب 172 بلدا حتى الآن، بما يمثل أكثر من 70% من سكان العالم، لضمان التوزيع العادل لإمدادات اللقاحات المستقبلية ضد فيروس "كوفيد-19"، خاصة الدول الفقيرة.
الآلية الدولية التي أُنشئت بالتعاون مع التحالف الدولي للقاحات والتحصين (جافي) تفتقد لأحد أهم قوتين في العالم حاليا، الولايات المتحدة والصين، اللتان ترفضان المشاركة على الأقل حتى الثلث الأخير من سبتمبر/أيلول.
وقضى الفيروس التاجي الذي ظهر في الصين لأول مرة نهاية 2019 على أكثر من مليون شخص في العالم حتى الآن، مع توقعات بأن يكون الرقم الحقيقي أعلى.
مليونا جرعة
المنظمة العالمية أعلنت مؤخرا حصول البرنامج الدولي على 3 مليارات دولار حتى الآن، وكشفت عن حاجتها إلى 35 مليار دولار أخرى، بهدف تسليم 2 مليار جرعة لدول العالم بنهاية 2021، بينها 245 مليون علاج و500 مليون اختبار.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، في تصريحات صحفية، إن "هدفنا هو الحصول على ملياري جرعة من اللقاح بحلول أواخر عام 2021. تشجعنا لرؤية عدد كبير من الدول تنضم إلى آلية كوفاكس".
وأضاف أن البرنامج يحتاج إلى ضخ فوري قدره 15 مليار دولار "لتجنب إهدار الفرصة للشراء المسبق والإنتاج وبناء المخزون، بالتوازي مع الترخيص وتعزيز البحوث ومساعدة البلدان على الاستعداد"، وفقا للمسؤول الأممي.
ووفقا لبيان سابق، فإن المنظمة العالمية طلبت من الدول القادرة ماديا التعهد بالتزامات صارمة والانضمام لهذه الآلية قبل 18 سبتمبر/أيلول، والبدء بعمليات دفع أولية قبل 9 أكتوبر/تشرين الأول كحد أقصى، إذ تبدأ وشركاؤها توقيع اتفاقات رسمية مع مصنعي اللقاحات لوضع حد للمرحلة الحرجة من الوباء.
وقال جيبريسوس، في حدث رفيع المستوى للأمم المتحدة عبر الإنترنت: "توفر كوفاكس الطريقة الوحيدة الآمنة والموثوقة لإعادة فتح الاقتصاد العالمي بأسرع ما يمكن، إن الجهود المبذولة لتوفير لقاح في عدد من البلدان لن تفتح الأبواب، الاقتصاد الدولي يعيد سبل العيش".
ودعا جميع البلدان إلى تكثيف الجهود بشكل ملحوظ خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مضيفا "الدول المتقدمة أنفقت 12 تريليون دولار على الآثار الاجتماعية للأزمة ولتحريك عجلة الاقتصادات، وبالتالي يمكننا استثمار جزء صغير من ذلك لوقف انتشار المرض في كل مكان".
لقاحات متنوعة
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية وصف "كوفاكس" بأنها ستمتلك أكبر محفظةً من اللقاحات وأكثرها تنوعا في العالم، وفقا لتصريحات إعلامية بشأن كورونا أصدرها يوم 24 أغسطس/آب.
وقال إن "هناك حاليا 9 لقاحات تشكل جزءا من هذه المحفظة الدينامية؛ التي يتم استعراضها وتحسينها باستمرار لضمان إتاحة أفضل مجموعة ممكنة من المنتجات. وهناك مناقشات جارية مع 4 منتجين آخرين، بينما يجري تقييم 9 لقاحات أخرى على المدى الأطول".
ومن المتوقع أن يكون المرفق هو الآلية الحاسمة للشراء المشترك وتجميع المخاطر عبر لقاحات متعددة، بحيث يُتاح لجميع البلدان المشارِكة في المرفق الحصول على أي لقاح تثبت مأمونيته وفعاليته.
والأهم من ذلك، فإن هذه الآلية ستمكّن من تنفيذ عملية النشر المنسق للقاحات على الصعيد العالمي، وهو ما يصب في مصلحة جميع البلدان، حتى تلك التي استثمرت مع فرادى الشركات المصنعة بشكل مستقل.
ووعدت المنظمة العالمية أن تكون الأسعار منخفضة بشكل كبير، وقالت: "نعمل مع مصنعي اللقاحات لتزويد جميع البلدان التي تنضم إلى كوفاكس بأمصال مرخصة ومعتمدة في الوقت اللازم وعلى قدم المساواة، على أن تكون الأسعار منخفضة قدر الإمكان".
وتشير البحوث الجديدة إلى أن المنافسة العالمية على جرعات اللقاح يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني مقارنة بالمساعي التعاونية، مثل مرفق كوفاكس، كما أنها قد تؤدي إلى إطالة أمد الجائحة، لأن عددا قليلا فقط من البلدان سيستحوذ على معظم الإمدادات.
تخوفات عالمية
وهناك تخوفات لدى كثير من الدول بشأن اتفاقيات الحصول على لقاح كورونا المستجد ومن سيحصل على المصل أولا، وظهر ذلك جليا في تصريحات مسؤولين دوليين خلال الأشهر السابقة.
رئيس المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها جون نكينجسونج، تحدث في مؤتمر لمنظمة الصحة قائلا: "لم نواجه أبدا موقفا يحتاج فيه العالم إلى لقاحات لنحو 7.8 مليار شخص في نفس الوقت. هذا يثير السؤال الصعب من سيحصل على اللقاح أولاً؟ من الذي يبرم اتفاقيات خاصة لتحقيقها؟".
بينما قال ممثل دولة العراق في المؤتمر الأممي ذاته: "لا ينبغي أن يكون البحث عن اللقاحات تجاريًا". وطالبت كازاخستان بضرورة "أن تبقى السياسة بعيدة عن اللقاحات".
جمهورية الدومينيكان حذرت هي الأخرى من المشكلة ذاتها، وقالت في بيان: "نطالب بأن يكون هذا اللقاح متاحا لجميع البشر على الأرض".
وبالمثل رأى الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي ضرورة أن يكون لقاح "كوفيد-19" يجب اعتباره سلعة عامة عالمية.
من يحصل أولا؟
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية رأى أن نجاح "كوفاكس" لا يتوقف على البلدان التي تنضم إليه فحسب، بل أيضا على سد الثغرات التمويلية الرئيسية لكل من أعمال البحث والتطوير ودعم الاقتصادات المنخفضة الدخل ضمن إطار المرفق.
وقال: "في البداية عندما تكون الإمدادات محدودة، من المهم توفير اللقاح للفئات الأكثر عرضة للخطر في جميع أنحاء العالم، ويشمل ذلك العاملين في مجال الصحة، لأنهم على الخطوط الأمامية في مواجهة هذه الجائحة، ولما لهم من أهمية فائقة في إنقاذ الأرواح واستقرار النظام الصحي إجمالا".
من الفئات الأكثر عرضة للخطر الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا، وأولئك الذين يعانون من أمراض معينة تزيد من تعرضهم لخطر الوفاة إذا أصيبوا بـ"كوفيد-19" والحوامل، لذا هم في مقدمة من يستحقون الحصول على اللقاح، وفقا للمسؤول الأممي.
خطة منظمة الصحة تقوم على توسيع الرقعة مستقبلا مع زيادة الإمدادات، لتشمل نشر اللقاح استناداً إلى تقييم مدى تأثر كل بلد بالفيروس.
يُشار إلى أن هناك عدد من اللقاحات في المرحلة النهائية من التجارب السريرية حالياً، ومن المتوقع أن يثبت العديد منها مأمونيتها وفعاليتها على حد سواء.
الدكتورة مها الرباط، وزيرة الصحة المصرية سابقا، المبعوث الخاص للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تحدثت عن الكيفية التي تضمن بها المنظمة العالمية وتحالف "جافي" التوزيع المنصف للقاح.
وقالت في تصريحات صحفية إن "هناك قواعد ومعايير واضحة في هذا الشأن، أولها الاحتفاظ بنحو 5% من إجمالي عدد الجرعات المتاحة جانيا كمخزون للمساعدة في التصدي لأى تفشي حاد للفيروس".
وأضافت: "إلى جانب دعم المنظمات الإنسانية بحيث تتمكن من تطعيم اللاجئين الذين قد لا يتمكنون من الوصول للقاح مثلا"، مشددة على أن لضمان التوزيع العادل لن تتلقى أي دولة جرعات تتعدى احتياج 20% من سكانها، حتى يتم تقديم هذا القدر من الجرعات لجميع البلدان في مجموعة التمويل.
وأشارت إلى أن إنتاج اللقاح سيكون بكميات محددة في البداية بحيث لا تكفي الاستجابة للطلب العالمي، لذا يعد تحديد الأولويات مهم لتحقيق التوزيع المنصف للقاح، وأيضا لضمان أفضل مردود لاستخدامه.
aXA6IDE4LjE4OC4yMDUuOTUg جزيرة ام اند امز