بفضيحة اغتيال كرديات.. فرنسا تلاحق مخابرات أردوغان
القضاء الفرنسي وجهه الاتهام للمخابرات التركية في اغتيال 3 من كوادر حزب العمال الكردستاني يسلط الأضواء على جرائم أردوغان ضد معارضيه.
تمكن القضاء الفرنسي من التقاط خيط لحل لغز مقتل 3 ناشطات كرديات قبل 5 سنوات، داخل المعهد الكردي بالعاصمة الفرنسية باريس، ليوجه الاتهام للاستخبارات التركية بالضلوع في اغتيالهن.
- حصري.. هل تورطت تركيا في صفقة سلاح جديدة لمليشيات طرابلس؟
- فورين بوليسي: 5 سيناريوهات بعد اغتيال السفير الروسي في تركيا
وكان 3 من كوادر حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا لقين حتفهن رميا بالرصاص، وهن سكينة كنسيز (54 عاما) وفيدان دوغان (28 عاما) وليلى سليماز (24 عاما).
وجاء اغتيال الناشطات في إطار مخطط يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقضاء على معارضيه، سواء داخل البلاد عبر التنكيل والزج بمئات الآلاف منهم في السجون، أو عبر ملاحقة الجاليات التركية خصوصا في فرنسا وألمانيا وهولندا التي تنشط فيها استخبارات أردوغان بشكل كبير.
وبتوجيه القضاء الفرنسي الاتهام للمخابرات التركية، تعود القضية إلى الواجهة من جديد، لتسلط الأضواء على جرائم أردوغان ضد معارضيه.
صحيفة "لوموند" الفرنسية قالت إن إعادة فتح التحقيق في اغتيال الناشطات الكرديات تأتي بناء على بلاغ قدمه أقاربهن ضد "مجهولين" اتهموهم بالضلوع في عملية الاغتيال في إطار عملية إرهابية.
قبل ذلك، وتحديدا مطلع 2017، اضطر القضاء الفرنسي لإغلاق الملف، عقب وفاة المشتبه به الرئيسي في القضية عمر جوناي، وهو تركي يبلغ 34 من العمر عاما، قبل شهر من موعد بدء محاكمته.
ومع أن الوفاة نجمت عن مضاعفات ناتجة عن ورم في المخ، إلا أن محققين فرنسيين لم يستبعدوا احتمال أن تكون المخابرات التركية على اتصال بـ"جوناي"، والأخير كان يتصرف بناء على تعليمات منها.
لكن وبعد نحو عامين من إسقاط جميع الإجراءات القضائية المتعلقة بالجريمة فُتحت باريس التحقيقات من جديد، وأسندت إلى قاضي تحقيق من وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لمكتب المدعي العام الفرنسي.
وهذه المرة، يستهدف القاضي اكتشاف المسؤولية المحتملة للمخابرات التركية في جريمة الاغتيال، خصوصا أن التحقيقات سلطت الضوء قبل وفاة المشتبه به الرئيسي على علاقته بالجهاز التركي.
وتأكدت الشكوك، ولو بصفة جزئية، حين قدمت أسر الضحايا شكوى في مارس/آذار 2018، أرفقوها بوثائق دعمت الشكوك، عززت أدلة أخرى قدمتها محاكم ألمانية وبلجيكية تنظر بدورها في قضايا اغتيالات أو محاولات استهدفت كوادر أكرادا في بلادهم.
تنفيذ الجريمة
الصحيفة الفرنسية قالت إن وثائق أخرى دفعت القضاء الفرنسي لإعادة فتح القضية أبرزها "أمر بمهمة" صادر عن المخابرات التركية، تضمن خطة تنفيذ الجريمة بأكملها.
الوثيقة نفسها أشارت إلى أن دبلوماسياً تركياً في فرنسا قد يكون أدى دورا في تنسيق عملية الاغتيال.
وفي تصريحات نقلها إعلام دولي، قال أنطوان كومتي، محامي الأسر التي تقدمت بالشكوى: "هناك أمل كبير يتملك عائلات الضحايا، يجعلنا قادرين على الحديث بيقين عن الطريقة التي دبرت بها هذه الاغتيالات، تمهيدا لإدانة الأطراف المتورطة".
اختراق جوناي الجالية الكردية
لوموند الفرنسية ذكرت أنه حتى وقت قريب قبل جريمة اغتيال الناشطات، لم يكن لـ"جوناي" أي صلة بالجالية الكردية في فرنسا، ما يؤكد الطرح القائل إنه جرى زرعه عمدا في صفوفها تمهيدا لاختراقها.
ووفق التحقيقات، فإن جوناي سافر أكثر من مرة إلى تركيا في العام الذي سبق الاغتيال، كما أن أحاديث جرى تسجيلها له أثناء زيارته من قبل أشخاص في سجنه بفرنسا، أظهرت وجود روابط وثيقة بينه وبين عناصر من المخابرات التركية في بلجيكا وألمانيا.
الشرطة الألمانية ألقت القبض على جوناي وسلمته إلى باريس، عقب هروبه إلى ألمانيا.
اغتيال أردوغان لمعارضيه
حادثة اغتيال الناشطات الكرديات في فرنسا سلّطت الضوء على تاريخ النظام التركي بقيادة أردوغان في الاغتيالات السياسية بأوروبا.
وخلص مراقبون إلى أن أيادي أنقرة الملوثة هي التي تمتد في كل مرة لتقطف روح أي معارض، عبر تجنيد مواطنين من جالياتها بالقارة العجوز أو تكليف عناصر استخباراتها مباشرة بذلك.
مسلسل اغتيالات أساسية تنفذها مخابرات أردوغان لحصد رؤوس المعارضين وحتى مسؤولين أو دبلوماسيين أجانب ممن يقلقون أنقرة بشكل أو بآخر، تعزيزا لدعائم ديكتاتورية باتت مفضوحة في الداخل والخارج.
ومن أبرز الاغتيالات التي تورطت فيها أنقرة، قتل السفير الروسي ندري كارلوف في ديسمبر/كانون الأول 2016، والذي قضى برصاص شرطي من قوات القمع التركية.
أما أهم البلدان الأوروبية التي تنشط فيها المخابرات التركية ضد معارضي أردوغان، فهي بلا شك هولندا.
ففي هذا البلد، سخرت أنقرة مجموعة من الأذرع والمنظمات، مثل وكالة التعاون والتنسيق «تيكا»، وتجمعات الجاليات والعشائر التركية الرسمية، إضافة إلى إدارة الشؤون الدينية، فضلا عن مكاتب الوكالات الإخبارية الحكومية.
الصحفي التركي يوسف أوزكان قال، في تصريحات إعلامية، إن المخابرات التركية أنشأت مركز قيادة سريا بمدينة لاهاي الهولندية، لرصد المعارضين الأكراد في أوروبا، وتتبع أنشطتهم، بهدف اختراق قياداتهم تمهيدا لتصفيتهم.
aXA6IDQ0LjIxMS4zNC4xNzgg جزيرة ام اند امز