على خطى بوتو.. الكردية "ريواز فائق" تتحدى "هيمنة الرجال"
بأزيائها التقليدية الكردية الملونة، وبملامحها الجادة، تدير ريواز فائق، من وراء كرسي أنيق شؤون برلمان كردستان العراق، دون مساعدة رجل.
السياسية الكردية المتمردة على واقع المرأة تشبّه في كردستان العراق برئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بناظير بوتو، وتلقى دعما كبيرا من بنات جنسها، لتغيير واقع كرّسه الرجال.
ريواز فائق واحدة من امرأتين فقط تتوليان رئاسة برلمان في الشرق الأوسط، إلى جانب فوزية زينال رئيسة برلمان مملكة البحرين.
تكسر فائق، كل القواعد في إقليم كردستان العراق؛ حيث تسيطر مجموعة صغيرة من السياسيين الرجال وعائلتان على كافة مفاصل الحياة السياسية.
السيدة الكردية البالغة من العمر 43 عاماً معروفة بصراحتها، وملابسها الملونة، حتى خلال إدارتها شؤون برلمان الإقليم ذي الحكم الذاتي في شمال العراق، وحيث ثمان من بين عشر نساء هن ربات منازل فحسب.
كانت فائق تدرك التحديات الكبيرة أمامها حينما انتخبت في العام 2019 رئيسة للبرلمان الذي كانت دخلته نائبة قبل ست سنوات، لا سيما أنها عضو في إدارة الاتحاد الوطني الكردستاني صاحب النفوذ في السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان، لكنه يشكل أقلية في أربيل حيث مقر البرلمان.
ميول سياسية مبكرة
مبكرا بدأت ميول فائق للسياسة، فانضمت في العمر 15 عاماً، إلى المعارضة الشيوعية، قبل أن تلتحق بالاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يرأسه حينها رئيس العراق الراحل جلال طالباني.
وتقول فائق في حديث لـ"فرانس برس" إن طالباني، الذي لعبت زوجته هيرو دوراً في شؤون الحزب، كان "يؤمن فعلاً بالنساء وقدراتهن".
لكن اليوم، "وعلى الرغم من أن المجتمع أكثر انفتاحاً وتسامحاً في قضية مشاركة النساء في السياسة، توجد نساء سياسيات أقل في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني"، حسب قولها.
وتضيف حاملة شهادة الدكتوراه في الحقوق أن هناك "هيمنة ذكورية، وتمييزا وإساءات جنسية" في كل الأحزاب السياسية، فيما باتت النساء "رهينات للمكاسب الشخصية والسياسية للسياسيين الرجال".
ولا تجامل رئيسة البرلمان بكلماتها عندما تنتقد من تصفهم بـ"السياسيين الزائفين"، فهم بالنسبة لها مجرد شخصيات إعلامية في بلد لكل وسائل الإعلام فيه توجه سياسي أو تبعية حزبية.
ولا تملك النساء في هذا المجتمع العشائري الذي يمنعهن من حضور مراسم دفن أو مجالس عشائرية، أية مساحة لإثبات أنفسهن أو رفع صوتهن، حتى ولو كان ذلك من أجل محاولة تغيير تقاليد تسمح حتى اليوم بقتلهنّ تحت مسمى جرائم "الشرف"، أو لوقف انتحار فتيات ونساء نتيجة القمع.
بالنسبة للناشطة في مجال حقوق المرأة آفان جاف، تعني فائق بالنسبة لكردستان ما كانت تعنيه "بناظير بوتو" في باكستان؛ التي كانت أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في بلد مسلمح إذ غيّرت فائق "رؤية السياسة الكردية" و"منحت أملاً للنساء الكرديات بحضورها القوي".
اعتداء على الهواء
في أواخر آذار/مارس، ألقى نائب من المعارضة حذاءه بوجه فائق بينما كانت ترأس جلسة برلمانية.
وتروي الناشطة جاف أن "ذلك نقل مباشرة على الهواء، لكنها لم تفقد أعصابها ولا هدوءها لثانية واحدة".
بعد ذلك، أثارت فائق مفاجأة في بلد يخشى فيه السياسيون والناشطون الانتقادات التي توجه لهم علناً، بقولها: "لو كان ذلك استهدافاً شخصياً لي، فأنا أسامح، لكن إن كان استهدافاً للبرلمان، فهذا أمر لا يمكنني التغاضي عنه إطلاقاً".
وترفض فائق، وهي أم لشابين، أن تكون "محاطة برجال مسلحين"، في بلد يرتبط فيه رجال السياسة والمجموعات المسلحة بشكل وثيق.
وتقول إن مواقفها وتصرفاتها الخارجة عن المألوف تسببت لها بعزلة داخل حزبها نفسه، مضيفةً "في البداية، كانت تلك العزلة تخيفني، لكنها اليوم تجعلني أقوى".
وتولت فائق إدارة جلسات تصويت على قوانين هادفة للحد من المخدرات وتهريب النفط في الإقليم؛ لكن ذلك لم يحميها من انتقاد مراد عبدالله، وهو ممرض كردي شاب، يرى أنها لا تفعل ما يكفي بشأن القضايا الاجتماعية في الإقليم الذي يشهد تكرارا تظاهرات ضد الغلاء المعيشي والفساد.
aXA6IDMuMTQzLjIzNy4xNDAg جزيرة ام اند امز