هل يتسبب استقلال كردستان في عقوبات اقتصادية وصراع مسلح مع بغداد؟
رغم التوترات والعزلة الدولية، استمر الأكراد في الأجواء الاحتفالية في العاصمة آربيل وخرجت مسيرات حاشدة دعما للاستقلال عن حكومة بغداد
لم تعدل الحكومة الإقليمية الكردية عن قرارها لاستفتاء استقلال إقليم كردستان عن العراق المقرر الاثنين، رغم معارضة بغداد وتركيا، إضافة إلى حلفاء مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ورغم التوترات الدولية والعزلة، استمر الأكراد في الأجواء الاحتفالية في العاصمة الكردية آربيل، علاوة على خروج مسيرات حاشدة دعما للاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد.
ويقول الأكراد إن معارضة الاستفتاء تقوي من موقفهم وقضيتهم، وإنهم على استعداد لأي عواقب مدعومين بتاريخ من القمع لم يكسرهم أو يقضي على رغبتهم في تحديد المصير.
واتفق مسؤولون من الأحزاب الكردية الرئيسية على عقد الاستفتاء في كركوك، المدينة الغنية بالبترول. ويعتبر الأكراد كركوك عاصمتهم الثقافية ويرونها مركزا لصراع مستمر منذ قرن من الزمان من أجل الحكم الذاتي.
وطالما كانت هذه المدينة المتنازع عليها بين الحكومتين محورا رئيسيا حول الاستفتاء.. وتقع كركوك قانونا تحت سيطرة الحكومة المركزية، لكن يسيطر عليها الأكراد منذ 2014، عندما هجرتها قوات الأمن العراقية بعد استيلاء تنظيم داعش الإرهابي عليها.
وفي تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، قالت إنه ربما على القيادات الكردية توقع ضغط اقتصادي مع إصرارهم المضي قدما في الاستفتاء رغما عن رغبة بغداد وأعضاء بارزين بالمجتمع الدولي، على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
وسعى مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان، إلى تخفيف توقعات الأكراد حيال نتائج الاستفتاء، فضلا عن طمأنة الحلفاء الدوليين، بقوله إن الاستفتاء لن يرسم حدود كردستان، لكنه سيجعل بغداد تطبق سياسات تجعلهما جيرانا جيدين.
ومن جانبه، حذر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، من عواقب هذا الاستفتاء الذي لن تعترف به حكومة بغداد على حد قوله في كلمة ألقى بها عبر التلفزيون. داعيا الأكراد إلى التدبر في دوافع رئيسهم، مفترضا أن الاستفتاء مجرد حيلة لتشتيت انتباههم عن الصعوبات الاقتصادية في كردستان والمشاحنات بين الأحزاب الكردية.
وأضاف أنهم سيقومون بكل ما هو لازم لحماية وحدة العراق. وتعهد العبادي باستخدام القوة إذا اندلعت الاضطرابات في مناطق متنازع عليها نتيجة للاستفتاء.
وبعد ساعات من خطابه، أصدرت حكومة العبادي أمرا بتسليم الحكومة الإقليمية الكردية جميع المطارات والحدود للحكومة الفيدرالية، وطلبت من دول أجنبية التعامل التجاري مع بغداد فقط، ويشمل ذلك مبيعات البترول. لكن لم تكن هناك أي استجابة من قبل السلطات الكردية حتى وقت متأخر من الأحد.
وتقوم حكومة كردستان مستقلة بتصدير حوالي 600 ألف برميل بترول يوميا، وكان ذلك سببا مهما من أسباب الصراع بين الحكومتين العراقيتين. وفي حالة إجراء الاستفتاء يمكن أن يتسبب في عقوبات اقتصادية من قبل حكومة بغداد، إضافة إلى تهديد اندلاع صراع مسلح، حسب واشنطن بوست.
ومنذ 1991 يدير الأكراد العراقيون أراضيهم الممثلة في ثلاث محافظات تقع شمال العراق، بعد تدخل الولايات المتحدة بعد الحملة التي شنها صدام حسين لسحق الثورات الكردية.
وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، اعترفت الحكومة المركزية رسميا بالحكم الكردي لإقليم كردستان، وتم التوصل إلى اتفاق لمشاركة العائدات من أجل المساعدة على تمويل قوات الأمن الكردية.
لكن منذ 2014، قطعت بغداد جميع المدفوعات احتجاجا على استيلاء قوات البيشمركة الكردية على كركوك وتصدير الحكومة الكردية للبترول من هناك بصورة مستقلة. ورغم التعاون العسكري غير المسبوق بين الطرفين لطرد داعش من العراق إلا أن المأزق السياسي بينهما يزداد سوءا، حسب قول واشنطن بوست.
وحذرت الولايات المتحدة من أن الاستفتاء سيقوض المعركة ضد داعش، داعية بغداد والأكراد إلى استئناف المفاوضات من أجل إصلاح علاقتهما الممزقة. لكن تقول القيادات الكردية أن الاستفتاء سيقوي موقفهم في المحادثات بعد سنوات من نقض العهود من قبل بغداد.