الكويت تجدد الولاء لـ"أمير الإنسانية" في أعيادها الوطنية
المتتبع لسيرة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يدرك ارتباطها الوثيق بالمناسبات الوطنية في الكويت سواء الاستقلال أو التحرير.
يحتفل الكويتيون، الثلاثاء، بالذكرى الـ59 للاستقلال والـ29 للتحرير بمشاعر الحب والتقدير لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
إحياء الذكرى، يأتي هذا العام دون أجواء احتفالية بعد قرار مجلس الوزراء الكويتي، الإثنين، وقف الاحتفال بالأعياد الوطنية الشعبية بسبب فيروس كورونا المستجد حتى إشعار آخر.
وتحتفل الكويت في 25 فبراير/شباط من كل عام بعيدها الوطني وهو ذكرى استقلالها من الاستعمار البريطاني قبل 59 عاما، واليوم التالي بعيد تحريرها من الغزو العراقي.
ويتزامن ذلك مع تواصل الاحتفالات بالذكرى الـ14 لتولي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في 29 يناير/كانون ثاني 2006.
ويستغل الكويتيون تلك المناسبات الوطنية لتجديد الولاء لأمير البلاد والتعبير عن مشاعر الفخر والاعتزاز بالإنجازات التنموية التي تحققت في عهده، والأدوار المهمة التي قام بها خلال المناصب التي تولاها وخصوصا بعد الاستقلال وخلال فترة الغزو العراقي.
والمتتبع لسيرة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يدرك ارتباطها الوثيق بالمناسبات الوطنية في الكويت سواء الاستقلال أو التحرير.
فبعد استقلال دولة الكويت عام 1961 عين الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عضوا في المجلس التأسيسي الذي عهدت إليه مهمة وضع دستور البلاد، ثم عين في أول تشكيل وزاري عام 1962 كأول وزير إعلام في تاريخ البلاد.
كما أن الشيخ صباح الأحمد هو أول من رفع علم الكويت فوق مبنى الأمم المتحدة في شهر مايو/أيار عام 1963 بعد قبول عضويتها في المنظمة الدولية حين كان يتولى حقيبة الخارجية.
أيضا أدت الدبلوماسية الكويتية بقيادة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان يتولى حقيبة الخارجية خلال الغزو العراقي عام 1990 دورا مهما في حشد الرأي العام الدولي لدعم ومساندة الشرعية الكويتية ودعمها لطرد القوات العراقية وتحرير الكويت.
مولده ونشأته
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الحاكم الـ15 لدولة الكويت هو الابن الرابع للشيخ أحمد الجابر الصباح الحاكم العاشر للكويت.
ولد في 16 يونيو/حزيران عام 1929، وتوسم فيه والده الفطنة والذكاء منذ صغر سنه، فأدخله المدرسة المباركية ومن ثم أوفده إلى بعض الدول لاسيما الأجنبية منها للدراسة واكتساب الخبرات والمهارات السياسية التي ساعدته في ممارسة العمل بالشأن العام.
وكان الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يرافق والده برحلاته الخارجية، الأمر الذي ساعده في اكتساب خبرة في المسائل السياسية خلال وقت مبكر، وأعطاه دراية بالدول ومعرفة بالمسؤولين وعدد من الأشخاص البارزين من أفراد شعوب تلك الدول، ما كان ذخيرة له في مستقبل حياته عن سلوك الحكام وتقديرهم للأمور.
أول منصب
بدأ حياته السياسية الأولى وتمرس في العمل العام ولم يكن قد تجاوز الـ25 عاما من عمره عندما تم تعيينه في 19 يوليو/تموز عام 1954 عضوا في اللجنة التنفيذية العليا التي عهد إليها بمهمة تنظيم مصالح ودوائر الحكومة الرئيسية ووضع خطط عملها ومتابعة تنفيذ تلك الخطط.
وفي عام 1955 تولى منصب رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، حيث قام بتنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، كما أولى اهتماما بالفنون وعلى رأسها المسرح، فأنشأ أول مركز لرعاية الفنون الشعبية في الكويت عام 1956.
ثم في 1957 أضيفت إلى مهامه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر؛ إذ عمل على إصدار الجريدة الرسمية للكويت "الكويت اليوم"، وتم إنشاء مطبعة الحكومة لتلبية احتياجاتها من المطبوعات ووقتها تم إصدار مجلة "العربي".
وأبدى أمير الكويت اهتماما بارزا بإحياء التراث العربي وإعادة نشر الكتب والمخطوطات القديمة، وتشكيل لجنة خاصة لمشروع كتابة تاريخ بلاده، وإصدار قانون المطبوعات والنشر الذي كان له دور مميز في تحقيق الصحافة المحلية مكانة مرموقة بين مثيلاتها في الدول العربية.
أدوار مهمة بعد الاستقلال
بعد استقلال دولة الكويت في 19 يونيو/حزيران عام 1961 عين الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عضوا في المجلس التأسيسي الذي عهدت إليه مهمة وضع دستور البلاد، ثم عين في أول تشكيل وزاري عام 1962 وزيرا للإرشاد والأنباء، التي تحول اسمها بعد ذلك لوزارة الإعلام، ليكون أول وزير لها في تاريخ الكويت.
وفي 28 يناير/كانون الثاني 1963، وبعد إجراء أول انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء مجلس الأمة عين الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وزيرا للخارجية، لتبدأ مسيرته مع العمل السياسي الخارجي والدبلوماسية التي برع فيها ليستحق عن جدارة لقب مهندس السياسة الخارجية الكويتية وعميد الدبلوماسيين في العالم، بعد أن قضى 40 عاما على رأس تلك الوزارة المهمة قائدا لسفينتها.
وإبان عمله وزيرا للخارجية، كان الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أول من رفع علم الكويت فوق سواري منظمة الأمم المتحدة في شهر مايو/ أيار من العام 1963 بعد قبول عضويتها في المنظمة الدولية.
كما شارك في الجلسة الخاصة للجمعية العامة للمنظمة الدولية التي عقدت لهذا الغرض حيث ألقى كلمة قال فيها إن "انتماء الكويت إلى النشاط الدولي يدل بوضوح على أن الاستقلال والعضوية في الأمم المتحدة ليسا نهاية بحد ذاتها بل وسيلتان للمشاركة في المسؤولية لتحقيق حياة أفضل لشعبها وشعوب الدول الأخرى".
وبذل طوال سنوات قيادته لوزارة الخارجية جهدا كبيرا في تعزيز وتنمية علاقات الكويت الخارجية مع مختلف دول العالم، كما قام بالعديد من الوساطات التي أسهمت في حل العديد من الأزمات.
قيادة المعركة الدبلوماسية
إبان الغزو العراقي للكويت في أغسطس/آب عام 1990، كان الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يتولى حقيبة الخارجية، وأدت الدبلوماسية الكويتية بقيادته دورا مهما في حشد الرأي العام الدولي لدعم ومساندة الشرعية الكويتية.
ورتّبت الدبلوماسية الكويتية عقد العديد من المؤتمرات التي أسهمت في كسب الرأي العام الدولي الداعم للقضية الكويتية.
وأدى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حينذاك دورًا كبيرًا في حشد التأييد الدبلوماسي العربي والدولي لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية استنادًا إلى خبرته الدبلوماسية الكبيرة منذ بداية تسلمه حقيبة وزارة الخارجية عام 1963 ونجاحه في توثيق علاقات دولة الكويت بالأمم المتحدة ومنظماتها ودولها الأعضاء.
ونجحت الجهود الدبلوماسية في كسب الكويت مساندة دولية، ووقف العالم أجمع مناصرا للحق الكويتي في وجه غزو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والذي أثمر صدور قرار مجلس الأمن رقم 678 الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية لتحرير الكويت.
وبفضل العبقرية السياسية للشيخ صباح الذي يعد مؤسس الدبلوماسية الكويتية المعاصرة عبرت الكويت عقوداً مليئة بالأحداث الجسام، دون أن تفرط في شيء من كرامتها وحقوقها الوطنية، فضلا عما اكتسبته من احترام وتقدير عظيمتين في محيطها الإقليمي وعلى المستوى الدولي.
مسؤوليات عديدة
ونظرا إلى ما يتمتع به من فطنة وذكاء وقدرة فائقة على تحمل المسؤولية، فقد أسندت إليه العديد من المناصب، إضافة إلى منصب وزير الخارجية، حيث عين وزيرا للإعلام بالوكالة في الفترة من 2 فبراير/شباط 1971 حتى 3 فبراير/شباط 1975.
وفي 16 فبراير/شباط 1978 عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء الكويتي، ثم في 4 مارس/آذار 1981 تسلم حقيبة الإعلام بالوكالة، إضافة إلى وزارة الخارجية حتى 9 فبراير/شباط 1982.
ويوم 3 مارس/آذار 1985 عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية حتى 18 أكتوبر/تشرين الأول 1992 عندما تولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية.
وأسندت إليه مهمة تشكيل الحكومة الكويتية بالنيابة عن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح بسبب ظروفه الصحية، وذلك يوم 14 فبراير/شباط 2001.
رئاسة الوزراء
في 13 يوليو/تموز 2003، صدر مرسوم أميري بتعيين الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رئيسا لمجلس الوزراء، ليسجل نجاحا جديدا في قيادة دفة السياسة الداخلية، كما نجح على مدار 40 عاما في قيادة السياسة الخارجية لبلاده.
منذ اللحظات الأولى لتوليه منصب رئاسة الوزراء، حرص الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على تبني رؤية شاملة وعميقة للتنمية في الكويت تطول مختلف قطاعات الدولة، وعلى رأسها القطاع الاقتصادي، فقام بتشجيع القطاع الخاص وفتح فرص العمل الحر أمام الشباب من خلال دعم المشروعات الصغيرة.
واستمر في مسيرة العطاء رئيسا للحكومة الكويتية حتى يناير/كانون الثاني عام 2006، عندما اجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارا بالإجماع بتزكية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أميرا للبلاد، وفقا للمادة 3 من قانون توارث الإمارة الصادر عام 1964.
نهضة تنموية
وانطلاقا من هذا القرار ومبايعة أسرة آل الصباح، عرض الأمر وفقا للدستور على مجلس الأمة الذي عقد جلستين يوم الأحد 29 يناير/كانون الثاني 2006، خصصت الأولى لمبايعة أعضاء مجلس الأمة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أميرا للبلاد، فيما خصصت الجلسة الثانية لتأديته القسم الدستوري بحضور جميع الوزراء، ليصبح أول أمير منذ عام 1965 يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.
وعقب توليه الحكم، أولى أهمية خاصة لبناء المجتمع الكويتي والحفاظ على وحدته وتماسك نسيجه الاجتماعي إيمانا منه بأن وحدة الصف الكويتي هي الحصن المنيع لمواجهة التحديات الخارجية التي تشهدها المنطقة.
ومنذ ذلك اليوم التاريخي، وعلى مدى 14 عاما من تولي الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم شهدت البلاد نهضة تنموية شاملة.
وتم افتتاح مجموعة من المشاريع الضخمة، من أبرزها مدينة "صباح الأحمد البحرية" التي تعد أول مدينة ينفذها القطاع الخاص كاملا، ما يدل على تشجيعه على إعطاء دور أكبر للمساهمة في تنمية الكويت وتنشيط عجلة الاقتصاد.
أيضا من أبرز تلك المشاريع "مركز عبدالله السالم الثقافي" و"مدينة الكويت لرياضة المحركات" و"مدينة الجهراء الطبية" و"مبنى الركاب الجديد رقم 4" في مطار الكويت الدولي و"مستشفى جابر الأحمد"، بالإضافة إلى تصدير أول شحنة نفط خفيف.
وفي عام 2019 افتتح الشيخ صباح (جسر الشيخ جابر) الذي يعد من أبرز المشاريع العملاقة في البلاد ورابع أطول جسر بحري على مستوى العالم كما تم افتتاح متحف (قصر السلام) الذي يعد من أهم الصروح التاريخية والمعمارية في الكويت،
إلى جانب ذلك تم افتتاح مركز (سلوى صباح الأحمد الصباح) للخلايا الجذعية الذي يعد الأول في منطقة الخليج، ومركز (جابر الأحمد الثقافي) وغيره الكثير من المرافق على المستوى العالمي.
ومن المشاريع التنموية المهمة والعملاقة التي تشهدها الكويت، ويرتقب افتتاحها بشكل رسمي قريباً مشروع (مصفاة الزور)، ومشروع مدينة صباح السالم الجامعية.
وعلى المستوى الخارجي واصلت الدبلوماسية الكويتية نجاحاتها في مختلف دوائر تفاعلاتها العربية والإقليمية والعالمية، وأسهم بحكمته وحنكته في إنهاء العديد من الأزمات، والوساطة لحل العديد من خلافات، وإقامة علاقات طيبة ومتوازنة مع مختلف دول العالم.
وتبوأت الكويت -نتيجة لسياساته ورؤيته الحكيمة القائمة على تولي زمام المبادرات في العمل الخيري الإنساني– مركزا مرموقا بين دول العالم خلال السنوات الماضية استحقت به أن يتم اختيارها من قبل الأمم المتحدة في 9 سبتمبر/أيلول 2014 "مركزا للعمل الإنساني" ومنحه لقب "قائدا للعمل الإنساني".
الكويت الجديدة
ويواصل الشيخ صباح الأحمد، مسيرة الحب والعطاء للكويت وأهلها، وجهوده المتواصلة للحفاظ على استقرار الكويت وتحقيق الخير والازدهار لأبنائها وقفزات تنموية ونقلات نوعية لتسريع الخطى نحو تحقيق رؤية (كويت جديدة 2035) الرامية إلى تحويل البلاد لمركز مالي وتجاري إقليمي ودولي، كبداية لمرحلة جديدة والحفاظ عليها كواحة أمن وأمان واستقرار .
وبفضل هذه الإنجازات يحيي الكويتيون أعيادهم الوطنية، وسط التفاف شعبي حول القيادة، وتجديد الولاء لها والتعبير عن مشاعر العرفان والتقدير لجهودها وإنجازاتها ولتلك السيرة والمسيرة الحافلة بالعطاء.
aXA6IDE4LjIyNC41NS42MyA=
جزيرة ام اند امز