مشروع قانون العمل الجديد 2025 في مصر.. لحظة تاريخية للعامل والمستثمر

بعد انتظار دام أكثر من 8 سنوات، خرج مشروع قانون العمل الجديد إلى النور، بعدما أقرّه مجلس النواب المصري في جلسة وُصفت بأنها لحظة تاريخية في مسار التشريع العمالي.
القانون الجديد لا يكتفي بتعديلات شكلية، بل يضمن حزمة من الإصلاحات الجذرية لمنظومة العمل في مصر، واضعًا نصب عينيه هدفًا استراتيجيًا، وهو خلق توازن حقيقي بين حقوق العمال وضمانات أصحاب الأعمال، في إطار بيئة تشريعية جاذبة للاستثمار وملتزمة بالمعايير الدولية.
تحريك المياه الراكدة
وزير العمل المصري، محمد جبران، كشف في تصريحاته لوسائل إعلام محلية، كواليس عودة مشروع القانون إلى مسار التشريع بعد سنوات من التجاهل، قائلاً إن التحرك الفعلي جاء استجابة لتوجيهات مباشرة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال احتفالية عيد العمال العام الماضي، مضيفًا: "وجَّه الرئيس بشكل واضح بضرورة إدخال قانون العمل إلى مجلس النواب ومناقشته، ومنذ حوالي 6 أشهر بدأنا العمل على دراسة كل بند من بنوده بدقة، بندًا تلو الآخر، حتى وصلنا إلى الصيغة النهائية".
- كراسة شروط بنك الإسكان والتعمير.. الدليل الشامل للوحدات السكنية 2025
- «المركزي المصري» يصدر قرارا مهما بشأن العمل في البنوك
قانون يخاطب 30 مليون مصري
القانون الجديد يمس حياة نحو 30 مليون عامل مصري، بحسب تصريحات الوزير، الذي أكد أن إعداد مشروع القانون مرّ بحوار مجتمعي واسع، شاركت فيه اتحادات العمال، ومنظمات أصحاب الأعمال، وممثلون عن منظمات دولية، ما أفرز حالة نادرة من التوافق الوطني حول بنود القانون.
جبران أوضح أن القانون لا يُنصف طرفًا على حساب الآخر، بل يسعى لإرساء مبدأ الشراكة العادلة، مؤكداً على أنه قانون متوازن، يكفل حماية حقوق العامل، ويُعزّز في الوقت ذاته مناخًا مشجعًا لأصحاب الأعمال.
محكمة عمالية لأول مرة
واحدة من أبرز ملامح القانون هي استحداث محكمة عمالية متخصصة، تختص بالفصل في النزاعات العمالية خلال مدة لا تتجاوز 90 يومًا، في خطوة تهدف لتقليص أمد التقاضي الذي طالما أرهق العامل وصاحب العمل معًا.
وتُعد هذه المحكمة نقلة نوعية في مسار العدالة الاجتماعية.
إلغاء الحبس لصاحب العمل
القانون يضع حدًا لفوضى استمارة (6) التي كانت تُستخدم لفصل العمال بشكل تعسفي، حيث أوجب اعتمادها رسميًا من مكاتب العمل، كما ألغى عقوبة الحبس في القضايا العمالية ضد أصحاب الأعمال، مكتفيًا بتدرج في العقوبات الإدارية والمالية، في رسالة واضحة للمستثمرين بأن مصر ترحب بالاستثمار في بيئة قانونية آمنة.
الوزير أشار إلى أن القانون نظم ساعات العمل بحسب طبيعة كل قطاع، خاصة في المناطق الصحراوية والمناجم وحقول البترول، مراعيًا مشقة هذه الأعمال، كما ألزم المنشآت بتطبيق اشتراطات السلامة والصحة المهنية، من خلال جهات امتثال مستقلة، للفصل في النزاعات وتخفيف حدة الخلافات بين العمال وأصحاب الأعمال.
وفي سابقة تشريعية، أقر القانون حقوقًا واضحة للعمالة غير المنتظمة، بما يشمل آليات التأمين الاجتماعي والصحي، وهي الفئة التي طالما كانت خارج مظلة الحماية، مما يعكس توجه الدولة نحو شمول اجتماعي حقيقي.
ومواكبة للواقع الرقمي المتغير، اعترف القانون بأنماط العمل الحديثة مثل العمل عن بُعد، والوظائف الجزئية، والعمل من خلال التطبيقات الذكية، مثل شركات النقل التشاركي، حيث تم وضع أطر تعاقدية تنظم العلاقة بين العامل ومزود الخدمة، لتقنين ما كان يُدار في الظل لعقود.
لا تحرش وتنمر في بيئة العمل
القانون الجديد لم يغفل الجانب الإنساني داخل بيئة العمل، حيث تضمن موادًا صريحة لمواجهة التحرش والتنمر، ما يعزز بيئة عمل آمنة ومحترمة للجميع، خصوصًا للنساء والشباب.
ومن أبرز الإضافات أيضًا، إنشاء المجلس القومي للأجور بنص قانوني واضح، مع تحديد صلاحياته وآلية عمله، ليكون جهة مستقلة مسؤولة عن تحقيق عدالة الأجر وربطه بمعدلات الإنتاج، في خطوة طال انتظارها لضبط السوق وتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي.
وأكد وزير العمل على أن القانون الجديد يعكس التزام مصر الكامل باتفاقيات العمل الدولية، موضحًا أنه تم الأخذ بالملاحظات التي وردت من منظمة العمل الدولية، بما يعزز من دستورية القانون ويمنع الطعن عليه.
وقال جبران: "تم إعداد هذا القانون لضمان حصول العامل على كامل حقوقه، ولتمكين أصحاب الأعمال من العمل في بيئة تشريعية واضحة ومنظمة".
aXA6IDE4LjIxNi4yMDIuNjEg جزيرة ام اند امز