تنظيم الإخوان والنظام الإيراني هما من تسببا في كل مشاكل المنطقة بنية التوسع واسترجاع أمجاد الماضي التي يعيشان بها في خيالهما
بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية والحرب الباردة من جهة والحرب الحالية ضد الإرهاب من جهة أخرى هناك اختلافات وخلافات تتسارع بمسافات يصعب تحديدها.
الحرب اليوم يقودها أعداء التسامح والتعايش، يصطادون في المياه العكرة، حيث الفقر والجهل والحاجة، أو الحيرة الوجودية التي تأزم الشباب في الغرب بحثا عن هويتهم، والتي فقدوها مع فقدان الروابط العائلية والانتماء الاجتماعي
لقد كان الأعداء والحلفاء معروفين لدى الجميع في الحربين العالميتين، ومن ثم كان اتباع استراتيجيات عسكرية تقليدية بتكتيك عصري وقتها مساعداً في حل المشكل في بضع سنوات على الرغم من ملايين الضحايا.
لقد كانت الحرب الباردة قصة ممتعة للسياسيين واعتمدت على العقل والاستخبارات وانتهت بسقوط الاتحاد السوفيتي وانتصار الولايات المتحدة الأمريكية إلى حين، أما الحرب اليوم فتحدياتها أكبر؛ لأن أخطارها خفية، إنها ليست حرب جيوش ولا حكومات ولا دول، هي حرب أيديولوجيات استغلها الإيرانيون والأتراك الذين يشحنون الشعوب والجماعات بالأفكار الدينية والطائفية المغلوطة، والتي صنعوها في محاولة لتمديد جذور الشر والتوسع، متشبعين بتطرفهم وروح كراهية الآخر فيهم.
الحرب اليوم يقودها أعداء التسامح والتعايش، يصطادون في المياه العكرة، حيث الفقر والجهل والحاجة، أو الحيرة الوجودية التي تأزم الشباب في الغرب بحثا عن هويتهم، والتي فقدوها مع فقدان الروابط العائلية والانتماء الاجتماعي.
والحلول الآن ليست في ترسانة الأسلحة أو في استعراض قوى مادية، إن العقل وحده القادر وعلى أمد غير قصير أن يحلّ هذه الإشكاليات العميقة، فيجب أن يجند المجتمع والثقافة والتعليم والإعلام والحكومات بكل أجهزتها لمكافحة الأيديولوجيات المزمنة؛ لأن الموارد المكرسة لها هائلة، وتتطلب معالجة هذه الأيدولوجيات فترة طويلة.
وسار الاتحاد الأوروبي نحو مساعي مكافحة هذه الأيديولوجيات منذ 3 سنوات، والتي استعرضها خلال مؤتمر عقد في بروكسيل الثلاثاء الماضي حول محاربة التطرف عبر البرامج التربوية، وعرض الممثل عن المفوضية الأوروبية خطر الأيديولوجيات العرقية والدينية على المجتمعات الأوروبية، كما تحدث عن "الجهاديين" وأشار إلى الإسلاموفوبيا والسبب وراء التركيز عليها، مجيباً بأن ذلك يعود للأدلة الموجودة على الأرض، وسمى الجهاديين بـ"الظاهرة".
وهي ظاهرة ترتكز على الأيديولوجيات الدينية، والتي نجحت في تغيير عقول أبنائنا خلال بضعة أشهر، لتضيع عمرا من العمل على إعدادهم ليكونوا مواطنين صالحين ويكملوا المسيرة من أجل مصالح مجتمعاتهم.
أما بالنسبة للفكر الإرهابي فإن قبوله يبرر بالفقر والحاجة، وغالبا التحجج بنظرية المؤامرة، لكن الحقيقة الحتمية التي يجب أن نواجهها هي إعادة النظر في الأنظمة التعليمية والثقافة الاجتماعية.
وهو ما يسعى إليه الاتحاد الأوروبي، فهو يحاول عبر مؤسساته إدخال ثقافة المواطنة وتعزيز مفهومها في البرامج التعليمية، وأيضاً تدريب المدرسين على كيفية التعامل مع الطلبة في حالات ملاحظة تصرفات غريبة، مثل اعتماد إهانة الآخر أو التحقير من شأنه بسبب العرق أو الدين، كما يجري التركيز والحديث أوروبيا عن تحويل المدارس إلى مختبرات للديمقراطية، تسعى بالأساس لمكافحة التطرف.
لكن المشكلة الحقيقية والأساسية التي تواجهها مثل هذه البرامج هي تأهيل المدرسين، فالمدرس أينما كان إذا لم يجد التحفيز المادي أولاً، ولم يكن واعياً بالقدر الكافي بالمخاطر التي تنشأ في المدرسة فلن يكون له تأثير فاعل.
والمشكلة الثاني هو أن يقتنع المدرسون أنفسهم بخطورة التطرف، ولا يكونون عنصريين تجاه زملائهم أو طلابهم على أساس العرق أو اللون أو الدين.
إن تنظيم الإخوان المسلمين والنظام الإيراني هما من تسببا في كل المشاكل التي تمر بها المنطقة حالياً، بنية التوسع واسترجاع أمجاد الماضي التي يعيشان بها في خيالهما، ولم يجدا حلا للتوسع أو التقدم سوى العمل على استغلال الخلافات الطائفية وإحيائها، وترسيخ ثقافة رفض الآخر والتكفير من أجل مصالحهما.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة