"البيتكوين" وتمويل الإرهاب.. صراع افتراضي مفتوح
خبراء يدعون لتقنيات عربية أكثر تطوراً لمواجهة حيل الجماعات المسلحة لغسل الأموال ودعم الإرهاب.
حذر خبراء من تنامي عمليات تمويل الجماعات الإرهابية، عبر وسائل تكنولوجية متطورة، ومنها العملات الإلكترونية "بيتكوين"، والتي ذاع صيتها خلال السنوات الماضية، داعين في تصريحات لـ"العين الإخبارية" الأجهزة الأمنية في الدول العربية إلى تحديث قدراتها بشكل مستمر لرصد وتتبع مسارات تمويل تلك الجماعات الممولة من دول وأجهزة استخباراتية.
وقبل أيام، ناقش مسؤولون من نحو 40 دولة ومنظمة دولية بمؤتمر في القاهرة، تعزيز التعاون الدولي في مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفي توصياته طالب المشاركون بتعاون جاد لإيجاد تقنيات ذات كفاءة عالية تكفل رصد وتتبع منابع تمويل الإرهاب وتحقيقها بغيّة منع وصول الأموال والدعم بصوره كافة ليد الجماعات الإرهابية.
ويشكل تمويل الإرهاب هاجسا دوليا، خصوصا في الشرق الأوسط الذي يشهد نزاعات مسلحة متصاعدة في اليمن وسوريا وليبيا، ومنذ سنوات أصبحت العملة المشفرة "بيتكوين" جزءا من أدوات تمويل الجماعات الإرهابية.
- الإفتاء المصرية: "البيتكوين" حرام شرعا ووسيلة لتمويل الإرهاب
- إيران لجأت لبيتكوين هربا من العقوبات فزاد نزيف الاقتصاد
والبيتكوين هي عملة إلكترونية يتم تداولها عبر الإنترنت، ولا تخضع لرقابة بنك مركزي أو سلطة دولة معينة، ولأنها تستخدم عبر الإنترنت وليس لها وجود مادي، فيسهل نقلها، كما أن عمليات تداولها السرية والمشفرة تعطي ميزة أخرى تجعل مستخدميها غير خاضعين للملاحقة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أظهرت دراسة إيطالية نشرتها مجلة "بيزنس إنسايدر إيطاليا" الإلكترونية، زيادة عمليات تمويل الإرهاب عبر الـبيتكوين، وكشفت الدراسة عن أن مؤيدي الجماعات الإرهابية والمتعاطفين معها يستخدمون العملة المشفرة ويروجون لها منذ 6 سنوات على الأقل، وذكرت الدراسة أن المعاملات السرية لتمويل الإرهاب أمر ينذر بالخطر ليس من الناحية الاقتصادية فحسب، بل من جهة الدعاية أيضا.
أحمد زغلول شحاتة الباحث المهتم بشؤون الجماعات الإسلامية، يرى أن قدرة الأجهزة الأمنية على مواجهة تلك التقنيات مرتبطة بعدة أمور أهمها؛ "مدى التقنيات الفنية المستخدمة عبر الأجهزة والأدوات الفنية المختصة بالتتبع، وكذلك القدرة الفنية -المهارية- لرجال الأمن المختصين، وأيضا مدى تطور التشريعات المنظمة لمثل هذه الوسائل الحديثة".
وبينما تتبع الحكومات العربية طريقة أسهل وهي منع التعامل مع بيتكوين، تذهب دول أخرى لوضع ضوابط لاستخدام التقنية المراد عدم استخدامها بشكل خاطئ.
وأكد شحاتة لـ"العين الإخبارية" أن "الصراع سيظل مفتوحا بين القانوني وغير القانوني، فكلما استطاعات الأجهزة الأمنية تحديث أدواتها المتعددة لمكافحة الممارسات غير القانونية كلما سعت الجماعات الخارجة عن القانون إلى تطوير أساليب تهربها من الرقابة وانتهاك التحصينات الأمنية القائمة"، مشيرا إلى أنه "في حال تم التضييق على عمليات البيتكوين ستتطور إلى نمط آخر يتيح استمرار حركة أموال الجماعات الإرهابية".
ويعتبر مراقبون أن إجمالي ما تحصل عليه تنظيمات إرهابية من البيتكوين ربما يظل حتى الآن محدودًا لأن هذه التنظيمات تعتمد بشكل رئيسي على مزيج من التبرعات من مؤسسات خيرية، لكن الهزائم المتتالية لتنظيم "داعش" في العراق وسوريا قد يجعله مجبرا على البحث عن بدائل أخرى، وهو ما توفره عملة البيتكوين.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، دعت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الفسطينية، مؤيديها في العالم إلى تقديم الدعم المالي لها من خلال عملة "بيتكوين" الرقمية الافتراضية، وكتب أبوعبيدة الناطق باسم القسام في تغريدة نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعا فيها إلى دعم الحركة ماليا من خلال عملة البيتكوين عبر آليات لم يعلن عنها حاليا، لكن سيتم الكشف عنها قريبا.
وسبق أن نشر تنظيم "داعش" عنوانًا على "الدارك ويب" عام 2015، ليتمكن أفراده من إرسال الأموال باستخدام بيتكوين، وفي نفس العام، قبض على مراهق من ولاية فرجينيا الأمريكية بعدما نشر تغريدة عن كيفية التبرع لتنظيم داعش باستخدام العملة، أيضا فتحت تفجيرات باريس التي وقعت في نوفمبر 2015، الحديث عن احتمالية استخدام بيتكوين في تمويل العملية.
ويؤكد اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، أن المواجهة مع الجماعات الإرهابية ستظل مفتوحة في ظل تمويل دولي مكثف لها، خاصة من جانب دولتي قطر وتركيا، لكنه أشار إلى نجاحات عربية كبيرة الآن في مكافحة تلك الجماعات، وانكماش مصادر تمويلها، مستدلا بالتراجع الواضح لتنظيم داعش في سوريا والعراق وسيناء، وكذلك مستوى وإمكانيات العمليات الإرهابية التي تجري حاليا من حين لآخر، والتي بدأ يتضح ضعف إمكانيتها المادية والتدريبية، واعتمادها وسائل بدائية و"ذئاب منفردة".
وأوضح اللواء بسيوني لـ"العين الإخبارية" أن تكاتف الدول العربية، لا سيما دول الرباعي العربي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) ساهم في مكافحة أوسع للجماعات الإرهابية ووقف جزء كبير من عمليات تمويلها، إلا أنه لاستمرار ذلك، يتطلب الأمر مضاهاة التطورات التكنولوجية السريعة، لمحاصرة الجماعات الإرهابية.
aXA6IDMuMTQ1LjE2Ny41OCA= جزيرة ام اند امز