من نمو كبير إلى انكماش حاد.. فاتورة الحرب تعصف بروسيا وأوكرانيا
قبل الحرب كانت روسيا وأوكرانيا مرشحتان بقوة لتحقيق معدلات نمو جيدة فيما بدا أنه بداية انتعاش من تداعيات جائحة كورونا.
لكن أحكام الحرب بين البلدين دفنت هذه التوقعات واستبدلتها بأخرى قاتمة، وربما يكون القادم أكثر سوءا في ظل الموقف العسكري غير الحاسم على الجبهتين.
واليوم، توقّع البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية الخميس أن ينكمش الاقتصاد الروسي بـ10% العام الجاري ويتراجع إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني بنسبة تصل إلى 20% في ظل "أكبر صدمة في الإمدادات" منذ 50 عاما تتسبب بها الحرب.
أحلام ما قبل الحرب
وقبل الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/ شباط، توقّع المصرف الذي يتّخذ من لندن مقرًا بأن ينمو إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني بـ3,5 في المئة هذا العام وبأن يحقق الاقتصاد الروسي تحسنا بنسبة 3%.
وذكر المصرف، الذي أصدر توقّعات طارئة، أنه أول مؤسسة مالية دولية تحدّث توقعات النمو منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا الشهر الماضي.
وأفاد بأن التوقّعات الأخيرة قائمة على فرضية "أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غضون بضعة أشهر، ليعقبه بعد وقت قصير انطلاق جهود كبيرة لإعادة الإعمار في أوكرانيا".
ماذا عن المستقبل؟
وفي ظل سيناريو كهذا، يفترض بأن ينتعش إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني بنسبة 23% العام المقبل، بينما يتوقع ألّا تحقق روسيا الخاضعة لعقوبات اقتصادية غربية شديدة أي نمو.
وقال المصرف "يتوقع أن تبقى العقوبات المفروضة على روسيا في المستقبل المنظور، لتؤدي إلى ركود الاقتصاد الروسي في 2023، مع تداعيات سلبية بالنسبة لعدد من الدول المجاورة في شرق أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى".
وتابع "بوجود هذا الكم الكبير من الضبابية، ينوي المصرف إصدار توقعات إضافية في الأشهر المقبلة، آخذا في الاعتبار أي تطورات جديدة".
الجيران.. ضحايا
وتواجه بيلاروس المحاذية لكل من أوكرانيا وروسيا، عقوبات غربية أيضا على خلفية دورها في النزاع. ويتوقع بأن ينكمش اقتصادها بنسبة 3% هذا العام وبأن تشهد ركودا في 2023.
وتأسس البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية عام 1991 لمساعدة الدول السوفيتية سابقا على التحوّل إلى اقتصادات السوق الحر، لكنه وسّع نطاق نشاطه لاحقا ليشمل دولا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتوقع المصرف بأن تحقق منطقة استثماره، باستثناء روسيا وبيلاروس، نموا بنسبة 1,7% هذا العام، مقارنة بتوقعاته السابقة بأن تبلغ النسبة 4,2% في نوفمبر/تشرين الثاني.
ويتوقع بأن يتسارع النمو لاحقا ليصل إلى 5% عام 2023.
وحذّر المصرف من أن هذه "التوقّعات خاضعة لضبابية عالية بشكل استثنائي، بما في ذلك مخاطر سلبية كبيرة في حال تصاعدت الأعمال العدائية أو فرضت قيود على صادرات الغاز وغيره من السلع الأساسية من روسيا".
أكبر صدمة إمدادات
وأضاف أن اقتصاد العالم يواجه "أكبر صدمة إمدادات منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي على أقل تقدير"، مشيرا إلى أن "روسيا وأوكرانيا تمدّان (العالم) بحصة كبيرة بشكل غير متناسب من السلع الأساسية التي تشمل القمح والذرة والأسمدة والتيتانيوم والنيكل".
وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد لدى المصرف بياتا يافورتشيك إن الضغوط الناجمة عن التضخم، التي كانت مرتفعة حتى قبل الحرب، "ستزداد الآن بالتأكيد، وهو أمر ستكون له تداعيات غير متناسبة على العديد من الدول ذات الدخل الأكثر انخفاضا" حيث يستثمر البنك، "كما على الشرائح الأفقر من السكان في معظم الدول".
وكشف المصرف في وقت سابق هذا الشهر عن حزمة "صمود" بقيمة ملياري يورو (2,2 مليار دولار) لمساعدة المواطنين والشركات والبلدان المتأثّرة بحرب أوكرانيا، بما في ذلك تلك التي تستقبل لاجئين.
وقال إن "أوروبا شهدت أيضا أكبر موجة نزوح قسري منذ الحرب العالمية الثانية، ويدرس التقرير العواقب المحتملة لهجرة من هذا النوع".
وتابع أن "العمال المهرة من أوكرانيا قد يدعمون بعض الاقتصادات في الأمد البعيد، خصوصا في الدول التي تعاني من شيخوخة السكان".
لكن "على الأمد القريب، تواجه الاقتصادات ضغوطات مالية وتحديات إدارية في وقت تزيد توفير السكن والرعاية الصحية والتعليم".
وأفاد البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، الذي دان الحرب الروسية الأوكرانية، الثلاثاء أنه سيغلق مكاتبه في موسكو ومينسك "كنتيجة لا يمكن تجنّبها للأعمال التي قامت بها جمهورية روسيا الاتحادية بمساعدة بيلاروس".
ولم تنخرط المجموعة في أي مشاريع استثمارية جديدة في روسيا منذ عام 2014، عندما غزت موسكو ومن ثم ضمت القرم.
ويقدم المصرف عادة بياناته الاقتصادية المحدّثة في مايو/أيار ونوفمبر/تشرين الثاني.
aXA6IDE4LjIyMy4yMDkuMTI5IA== جزيرة ام اند امز