قصر أباجيفار.. شاهد بديع على آخر الممالك الإسلامية في إثيوبيا (صور)
يقف قصر أباجيفار بمدينة جيما بإقليم أوروميا، شامخا منذ 144 عاما شاهدا على آثار آخر الممالك الإسلامية في إثيوبيا.
وشيد القصر ضمن آثار آخر الممالك الإسلامية في إثيوبيا، بجانب الآثار العتيقة الأخرى من مقبرة ملك أباجيفار.
والقصر الذي شيد على بعد 7 كيلومترات من المدينة، على ارتفاع 2020 قدما، يطل من على جبل في منطقة تعرف بـ"جرين"، كمقر سياسي وإداري للملوك الذين تعاقبوا في حكم آخر مملكة إسلامية بإثيوبيا، وإن كان للملك 4 قصور أخرى لكن قصر أباجيفار يعد الأهم والأكبر في القصور التي سبقته.
وقال عالم الآثار والمتحدث باسم متحف جيما، نجيب رايا، إن ملك أباجيفار اختار هذه المنطقة الجبلية لأسباب عديدة منها السيطرة على مركز التجارة واستراتيجية الموقع لمتابعة ورصد جميع الأنشطة من داخل القصر فضلا عن وعيه الصحي والوقاية من الأمراض المعدية التي انتشرت في تلك الفترة.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن قصر أباجيفار شيد في السبعينيات من القرن الـ18، أي قبل 144 عاما، ويعد أكبر قصر في المنطقة.
وتابع: "القصر أشرف على تصميمه المهندس الهندي، تكام تاليموشي، أحد أمهر الفنانين في الفنون الخشبية والفنون الجميلة".
ولفت إلى أنه قبل تشييد القصر تم الانتهاء من بناء المسجد الذي يقع داخل السور، مضيفا أن فكرة بناء المسجد هي من ثقافة شعب جيما التي تركز أولا على بناء المسجد.
وأكمل: "المواد التي استخدمت في تشييد القصر والمسجد، هي الطين والجير المخلوط بمواد كالبيض والقمح بالحجارة الجيرية"، مشيرا إلى أنهم استخدموا مسامير كانت تنتج في المنطقة، بمشاركة نحو 3 آلاف من أبناء قومية الأورومو.
قصر أباجيفار، به 29 غرفة و54 شباك و65 بوابة، بجانب مسجد كبير، وغرف مخصصة للنوم وصالة للوجبات واستراحة الضيوف، ومحصن بقلعة ذات 4 بوابات ترصد من خلالها جميع الجهات.
وأشار الباحث الإثيوبي إلى أن الباب الأول يعرف بباب شوا الذي يتوجه إلى العاصمة أديس أبابا، وباب كفا والثالث يعرف بباب ليمو والرابع باب داورو، وجميعها أسماء لمناطق رئيسية في تلك الحقبة.
والملك أباجيفار (1878 – 1932م)، الذي شيد له القصر، هو الملك محمد بن داود بن علي بن دِنْغِلا ولد سنة 1863م، حفظ القرآن في سن مبكرة على يد والدته، ومن ثم درس التوحيد والفقه، حتى أصبح ملكا لجما في العام 1878 خلفا لوالده داود بن علي المعروف بـ"أبا غمول"، وهو ثامن ملوك (جيما) الإسلامية.
وعرف أباجيفار التواصل المباشر مع الدول العربية منها المملكة العربية السعودية ومصر وعمان، وهو ما تعبر عنه الهدايا والآثار التاريخية الإسلامية الموجودة بمتحف المدينة القومي.
ويوجد قبره أمام مسجد "أفورتما" بمقابر حفاظ القرآن إلى جوار مقبرة ابنته زوجة ملك إياسو الذي حكم إثيوبيا من 12 ديسمبر 1913 حتى 27 سبتمبر 1916.
وتقع منطقة (جيما) في جنوب غرب إثيوبيا، على بعد 335 كيلو مترا من العاصمة أديس أبابا وعدد سكانها يتجاوز 3 ملايين نسمة، وما زال الطابع الإسلامي ظاهرا على سكانها، وتشتهر بالعسل والبن والمواشي والمنتجات الزراعية الأخرى.
وتعد مدينة جيما، التي تحتضن القصر إحدى أهم المدن بإقليم أوروميا الإثيوبي، حيث تحتل المدينة العريقة مكانة تاريخية ليس كونها مهدا للبن الإثيوبي في أكبر أقاليم البلاد مساحة وتعدادا، وإنما أيضا كإحدى معالم الحضارة الإسلامية بالبلاد ومواقعها التاريخية ووجهتها السياحية على المستويين العالمي والمحلي.
وكان لأباطرة جيما تواصل مباشر مع دول الهند والفرس ودول عربية، وهذه الفترة لمنطقة جيما كانت تعرف بالعصر الذهبي حيث وصلت شهرة المنطقة إلى القمة في مختلف المنتجات الخشبية والملابس والمعادن والجلود.
لكن القصر النابض بالتاريخ الإسلامي وعراقة البلاد وشعب المنطقة، التفتت إليه يد العناية كما شيدته من قبل يد الحضارة، فهو الآن يشهد ترميما، ليحفظ هذا التاريخ الضارب في أعماق الماضي والمعبر عن أصالة الإنسان والمكان.
ولم يكن قصر أباجيفار وحده هو المعبر عن تاريخ وحضارة مدينة جيما فهناك المتحف القومي الذي هو الآخر يمثل معلما يحتفظ بأهم ما شهدته المنطقة من حضارة إسلامية وتاريخ إنسان المنطقة الذي ربطته الحضارة بآخرين من شتى بقاع الأرض من الهند والفرس والعرب.
aXA6IDMuMTMzLjExNy4xMTMg
جزيرة ام اند امز