"على بلد المحبوب".. كتاب يوثق حكاية باخرة مصرية أغرقها الألمان
من خبر صغير بصحيفة نهاية الحرب العالمية الثانية بدأت رحلة بحث امتدت نحو عامين كشف فيها الكاتب أحمد خير الدين خبابا الباخرة زمزم.
الباخرة زمزم التي تباهى بها المصريون حين نقلت الحجاج لأول مرة، أغرقها النازيون في المحيط الأطلنطي.. انشغل الكاتب لمعرفة الدوافع وراء مهاجمتها ومصير من عليها، وأسباب اختفاء أخبارها من صحافتنا، وفارق التعامل مع ركابها الأمريكيين وطاقمها المصري.
على بلد المحبوب.. رحلة زمزم الأخيرة
وفي كتابه الجديد "على بلد المحبوب.. رحلة زمزم الأخيرة" الذي يصدر عن دار الشروق في معرض القاهرة الدولي للكتاب يروي الكاتب بالوثائق والصور والمقابلات -التي تنشر للمرة الأولى- حكاية زمزم وطاقمها وركابها، ويتتبع الرحلة التي بدأت بين الإسكندرية ونيويورك، لكنها انتهت بين جحيم المعارك البحرية في المحيط الأطلنطي، وسنوات البرد والقهر في معتقلات النازية.
وقال الكاتب: "هناك شيء بالغ الرمزية فيما جرى لهذه السفينة القديمة وركابها وطاقمها في الأيام الأولى لهذه الحرب.. حكايات هؤلاء الناجين توضح كيف أن تقلبات هذه الحرب الكاسحة ازدرت سيادة الدول وأنكرت حياد مواطنيها الذين طالتهم خلال مساراتها، سواء كانوا بحارة مصريين أو شباب أمريكيين".
وأوضح أن خبراً صغيراً نشر في جريدة قديمة تعود إلى عام 1945 عن عودة أحد أفراد طاقم زمزم من المعتقل في ألمانيا فتح شهيته إلى خوض غمار البحث عن السفينة التي مر على غرقها ثمانون عاما خاصة وأن نجاح تجربة الحج على متنها فتح الباب أمام بنك مصر في هذا التوقيت إلى شراء "باخرة" أخرى سميت الكوثر لغرض نقل الحجاج من ميناء السويس إلى ميناء جدة.
مصير سفينة زمزم
في رحلة البحث عن مصير السفينة المجهول تبين للكاتب أن الباخرة المصرية كانت قد أبحرت لـ6 سنوات كاملة قبل أن تختفي في ظروف غامضة، بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية التي أجبرت مصر حينها على الدخول في المعركة الدولية، وسط قوى الحلفاء والمحور، وفرضت الحرب قواعدها على مصر وانتشر الجنود الإنجليز في شوارع مصر.
النتيجة التي توصل لها الكاتب بعد عامين من البحث هو أنه ومع بداية الحرب العالمية الثانية، بدأ الإنجليز استخدام السفن المصرية استغلالاً لصالحهم ولغير أغراض التي خصصت لها، لأن مصر لم تعلن الحرب رسميا رغم خطورة الأمر لأن البحر المتوسط والمحيط الاطلنطي في ذلك التوقيت كانا ساحة للمعارك.
وثق الكاتب معلوماته عن الحادث من ناجين كانوا أطفالا حينها، وحكى من تبقى منهم على قيد الحياة كيف كانت أهوال الهجوم على السفينة حتى غرقها في المحيط وذكريات عودتهم من الرحلة والأثر الذي تركته في نفوسهم.
كما استعان بوثائق من الأرشيف الدبلوماسي الألماني والأرشيف الوطني الأمريكي والمتحف العسكري الكندي تنشر للمرة الأولى.
وفي غمار الغوص في البحث عن حقيقة ما تعرضت له السفينة في الأرشيف المصري والألماني والأمريكي، ولقاء بعض الناجين من هذا الحادث والدين كانوا أطفالا حينها، يتضح اختلاف التعامل بين الركاب الأمريكيين والطاقم المصري..
وبين الكاتب من خلال حكايات هؤلاء الناجين كيف أن تقلبات هذه الحرب الكاسحة ازدرت سيادة الدول وأنكرت حياد مواطنيها الذين طالتهم خلال مساراتها سواء كانوا بحارة مصريين أو شباب أمريكيين، هناك شيء بالغ الرمزية فيما جرى لهذه السفينة القديمة وركابها وطاقمها في الأيام الأولى لهذه الحرب.
ووضع الكاتب يده على أهمية دور الصحافة على مر التاريخ وعملية التوثيق، وكشف كذلك اختلاف مستوى التوثيق للأحداث الكبيرة كالحرب العالمية الثانية في الأرشيف الرسمي في مصر والولايات المتحدة وكندا وألمانيا، وشكل المتابعة الصحفية للمعارك حينها في المطبوعات المصرية كالأهرام وروز اليوسف والمصور وآخر ساعة والمقطم.
من هو أحمد خير الدين؟
أحمد خير الدين كاتب ومذيع مصري ولد في دمياط عام 1987، وحصل على ليسانس الآداب والتربية قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية عام 2009، وعمل في عدد من القنوات الإخبارية المصرية والعربية، ونشرت مقالاته في عدة صحف ومواقع إلكترونية، صدر لها كتابان: من الشباك عام 2017، وبعلم الوصول عام 2019.