"صدام الأنابيب" وصراع النفوذ.. ماذا يفعل لافروف في العراق؟
سياق عالمي متغير باستمرار وحركة متسارعة على رقعة شطرنج الشرق الأوسط، تحيط بزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العراق.
وكان وزير الخارجية الروسي وصل، مساء أمس الأحد، إلى العاصمة بغداد، في زيارة تستمر حتى صباح الثلاثاء، التقى خلالها حتى الآن الرئاسات الثلاث، وعقد مؤتمراً صحفياً مع نظيره العراقي، تطرقا خلاله إلى أهم المحاور التي تم مناقشتها خلال الزيارة.
هذه الزيارة تسبق حركة في الاتجاه المقابل، إذ من المقرر أن يجري وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين زيارة إلى الولايات المتحدة الأربعاء، يبحث خلالها العديد من القضايا، وفي مقدمتها أزمة الدولار التي تضرب البلاد منذ شهور.
ومنذ أواخر العام الماضي تسجل أسعار صرف الدولار ارتفاعاً متصاعداً وغير مسبوق منذ نحو عقدين، في العراق، جراء فرض الخزانة الأمريكية والبنك الفيدرالي إجراءات لاحتواء التضخم، أجبرت بدورها البنك المركزي العراقي على إجراءات تقيدية للاقتصاد.
حقول النفط
الأكاديمي وأستاذ الاقتصاد نبيل المرسومي قال، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "روسيا تقع في دائرة الاتهام حول استنزاف الدولار من الداخل العراقي، بالإضافة إلى سوريا وإيران، ومن المتوقع أن تشهد زيارة لافروف لبغداد مناقشة ذلك الأمر قبيل انطلاق وزير الخارجية حسين نحو واشنطن بعد يومين".
ويضيف المرسومي أن "البعد الآخر للزيارة وهو غير معلن يشمل حقول النفط والاستثمارات الروسية المتحققة على الأرض في العراق وتطويرها خلال السنوات المقبلة".
ولدى روسيا استثمارات كبيرة في مجال النفط والغاز في العراق، إذ تعمل شركتا "كاز بروم" و"لوك أويل" الروسيتين ضمن مشاريع عملاقة في جنوب البلاد يصل كلفتهما إلى مليارات الدولارات سنوياً.
وفي وقت سابق اليوم، قال فؤاد حسين خلال مؤتمر صحفي مع لافروف إن العراق سيناقش مع واشنطن هذا الأسبوع كيفية سداد مستحقات شركات الطاقة الروسية، على الرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا.
"خطوط الإمداد"
وعن هذه النقطة على وجه التحديد، يقول المرسومي إن "روسيا تشعر بالقلق على مصالحها في العراق وتحاول تأمين خطوط إمدادها الاستراتيجية".
"تأمين خطوط الإمداد" الذي أشار إليه المرسومي، يتمثل في "محاولة تحويل مسار الخط النفطي "كركوك-جيهان التركي" باتجاه الأراضي السورية ضمن مشروع قائم منذ سنوات، في محاولة للسيطرة على مجرى الطاقة والخلاص من الكماشة الأوروبية في ظل العقوبات المفروضة على موسكو عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا".
بالإضافة إلى ذلك، كما يشير المسرومي، فإن هناك تهديدا آخر لروسيا ينبع من كردستان العراق، إذ تشهد المنطقة تطوير حقول نفط وغاز "خور مور"، والغازي، "وجمجمال" من خلال مشاريع طموحة، كما تم الانتهاء مؤخرا من تدشين خط أنابيب باتجاه تركيا من المنتظر أن يبدأ تصدير نفط "كردستان العراق" من خلاله في عام 2027.
هذا الخط والغاز المستخرج من الحقول الخاضعة للتطوير في كردستان "يمكن أن يساهما في تعويض أوروبا بإمدادات تحتاجها القارة بشكل عاجل، بعد مقاطعة الغاز الروسي"، وهو ما تحاول موسكو احتواءه، وفق المسرومي.
ووفق الأكاديمي العراقي نفسه، فإن هناك مساعي روسية أيضاً من المتوقع أن تكون حاضرة في أجندة زيارة لافروف، لـ"إحياء خط النفط العراقي السوري المتوقف منذ سنوات، رغم أن عودته تحتاج لوقت طويل وهو مرتبط بطبيعة الصراع العالمي ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والمحور الروسي الصيني".
البعد السياسي
أما عن البعد السياسي للزيارة فيقول الأكاديمي العراقي إحسان الشمري إن "زيارة لافروف تصنف تحت إطار استراتيجية التدافع وإثبات الوجود أمام الولايات المتحدة في مناطق نفوذها، وبالتالي هي زيارة تحد".
ومضى موضحا "تسعى روسيا إلى إيجاد موطئ قدم لها على الجغرافية السياسية والأمنية والاقتصادية في توقيت مهم، يحتدم فيه الصراع الدولي في منطقة الشرق الأوسط".
وتابع خلال حديث لـ"العين الإخبارية" أن "روسيا تركز على ثلاثة مجالات في العراق، أولها بعقود تسليح تضمن بحد كبير استقطاب بغداد إلى صفها، وهو اتجاه يدفع باتجاهه أغلب رؤساء الفصائل المسلحة في العراق، وثانيها يرتبط بالشركات النفطية الاستثمارية العاملة في الطاقة والغاز ".
والأمر الثالث، وفق المصدر ذاته، يتمثل في تحقيق تنسيق عالي المستوى فيما يرتبط بقضايا المنطقة، قبل أن يضيف "قد يكون الوجود الروسي في سوريا هو من يدفعها للمزيد من التفاهمات في الشرق الأوسط".
aXA6IDMuMTM4LjExNC4xNDAg جزيرة ام اند امز