لوبورجيه 2025.. مواجهة غير متكافئة بين إيرباص وبوينغ في ظل كارثة جوية دامية

منذ عقود، تتنازع شركتا إيرباص الأوروبية وبوينغ الأمريكية على ريادة قطاع الطيران المدني والتجاري، في منافسة تعد من الأشد ضراوة في عالم الصناعات الثقيلة.
وتتجلى هذه المنافسة ليس فقط في حجم المبيعات أو العقود الموقعة، بل أيضًا في الابتكار، والكفاءة، والاستجابة للمتغيرات البيئية والاقتصادية، ناهيك عن الحروب الخفية حول النفوذ الجيوسياسي والتكنولوجي.
وبينما تسعى كل من الشركتين لتأكيد موقعها كمزود رئيسي لحلول الطيران العالمية، فإن معرض لوبورجيه الدولي للطيران يشكل سنويًا ساحة حاسمة لاستعراض القوة والقدرة على استقطاب الزبائن من شركات الطيران والحكومات. وفي نسخة عام 2025، اكتسب هذا التنافس بعدًا استثنائيًا بسبب الحادث المأساوي لطائرة "بوينغ 787 دريملاينر"، والذي ألقى بظلاله الثقيلة على الفعاليات، وأعاد خلط الأوراق بين الشركتين المتنافستين.
وافتتح معرض لوبورجيه الدولي للطيران لهذا العام في أجواء يسودها الحزن والحذر، بعد أربعة أيام فقط من حادثة تحطم طائرة بوينغ 787 دريملاينر التابعة لشركة إير إنديا، والتي أودت بحياة 279 شخصًا، وفقًا لحصيلة مؤقتة. وهذه المأساة، التي لا تزال أسبابها غامضة حتى الآن، تركت بصماتها على فعاليات المعرض وأثرت بشكل واضح على ديناميكية المنافسة بين عملاقي الطيران، إيرباص وبوينغ.
كارثة جوية تخيم بظلالها على الحدث
وصدمت حادثة تحطم طائرة "دريملاينر" المجتمع الدولي، كونها الحادث الأول من نوعه لهذا الطراز المعروف بسمعته الممتازة في السلامة والأداء، بحسب صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية.
وقد أعرب مسؤولو إيرباص، خلال كل مؤتمراتهم الصحفية التي أُقيمت للإعلان عن الصفقات الجديدة، عن تعازيهم لعائلات الضحايا، وبدأت كل العروض بعبارات من قبيل: "نُفكّر في العائلات التي فُجعت بهذه المأساة"، في إشارة إلى حجم التأثر الجماعي داخل القطاع.
بوينغ... حضور باهت وانسحاب غير معلن
على خلفية الحادثة، اختارت شركة بوينغ الأمريكية تبني موقف حذر ومنسحب، حيث قلصت من ظهورها الإعلامي ولم تقدم على تنظيم فعاليات كبرى أو الإعلان عن صفقات جديدة. هذا التراجع اللافت عزز شعورًا عامًا بأن العملاق الأمريكي يعاني من أزمة ثقة قد تُهدد سمعته على المدى القصير، وربما الطويل، في سوق يزداد فيه التنافس ضراوة.
أحد المتخصصين في الصناعة، وهو ممثل عن شركة توريد كبرى، صرح قائلاً: "إنه وضع كارثي بالنسبة لبوينغ، ولكنه أيضًا أنباء سيئة لكل قطاع الطيران، الذي يسعى دومًا لتأكيد معايير الأمان أمام الرأي العام".
إيرباص تستغل الفرصة… بهدوء
في المقابل، واصلت إيرباص بروزها بقوة في المعرض، حيث احتل جناحها موقعًا استراتيجيًا في المعرض، واستمرت في عقد مؤتمرات صحفية متتالية للإعلان عن عقود توريد جديدة.
ورغم التزامها بلغة الاحترام والمواساة تجاه ما حصل، لم تخفِ الشركة الأوروبية نيتها في تعزيز موقعها القيادي داخل الصناعة، من خلال الترويج لقدراتها التكنولوجية، وكفاءتها الإنتاجية، خاصة فيما يتعلق بالطائرات الصديقة للبيئة وتلك المجهزة بأنظمة الذكاء الاصطناعي.
أبعاد تتجاوز المنافسة التقليدية
يبدو أن معرض لوبورجيه هذا العام ليس فقط ساحة لعرض الإنجازات التكنولوجية، بل أيضًا مرآة لأزمة ثقة عميقة يمر بها قطاع الطيران المدني، حيث تُطرح أسئلة جوهرية حول السلامة، والرقابة، وطبيعة العلاقات بين المصنعين وشركات الطيران.
وإذا كانت إيرباص قد خرجت منتصرة، ولو مؤقتًا، في هذه الجولة من الصراع، فإن التحديات التي تواجه الصناعة لا تزال جماعية، كما تشير الأصوات المتعددة في المعرض.
وبينما تراجعت بوينغ إعلاميًا بعد حادث مأساوي راح ضحيته المئات، في المقابل، حافظت إيرباص على زخمها وحضورها القوي في المعرض، فيما عم القلق القطاع بأسره بشأن معايير السلامة وثقة المسافرين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA==
جزيرة ام اند امز