لوفيجارو: أردوغان طمس إرث مؤسس تركيا وتعمد تشويهه
المؤرخون يتهمون أرودغان بالازدواجية والانتهازية ويفندون أكاذيبه بتزييف التاريخ.
بعد أيام من احتفال تركيا بمرور نحو 95 عاماً على تأسيس الدولة التركية حللت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية علاقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالعلمانية، مضيفة أن المؤرخين يتهمونه بالازدواجية والانتهازية وتزييف التاريخ.
وأوضحت الصحيفة "وجد أردوغان أن مكافحة سياسة أتاتورك غير مجدية فزعم فجأة الاهتمام بالمبادئ العلمانية، لخداع الأتراك واستقطاب قاعدة من الوسطيين والعلمانيين في الانتخابات الرئاسية المبكرة، ثم عاد عقب انقضاء الموعد الانتخابي إلى خطابه المتطرف، الذي يكشف عن مدى كرهه لمؤسس الدولة التركية".
- صحيفة فرنسية: أردوغان يعاني حمى الدولة العثمانية
- مجلة فرنسية تندد بحضور أردوغان "مئوية الحرب العالمية": مولع بالقتال
وتحت عنوان "ما مكانة أتاتورك في تركيا الجديدة لأردوغان؟" أفادت الصحيفة بأن "آثار كمال الدين أتاتورك مؤسس الدولة التركية اختفت منذ وصول حزب أردوغان "العدالة والتنمية" إلى السلطة عام 2002، إذ يحاول أعضاؤه بشتى الطرق طمس إرث أتاتورك وتشويه صورته في كتب التاريخ".
ونقلت الصحيفة عن المؤرخ المتخصص في تركيا المعاصرة سينان ميدان قوله "إن خطابات أردوغان مليئة بالمغالطات وتزييف سيرة أتاتورك"، موضحاً أن "الرئيس التركي لا يتوقف في خطاباته أمام أنصاره القوميين عن وصف أتاتورك بالسكير وسارق الأبجدية العربية، فضلا عن اتهامه بتحويل المساجد إلى مقرات حزبية وإعدام الأئمة إثر رفضهم ارتداء القبعة".
تفنيد أكاذيب أردوغان
وفند المؤرخ التركي أكاذيب أردوغان، إذ أفاد "فيما يتعلق بإعدام الأئمة الذين ذكرهم أردوغان فقد قاد عام 1925 زعيمان دينيان، وهما الشيخان سعيد وعاطف الاسكليبي، ثورة مسلحة في محاولة للانقلاب على الجمهورية التركية وتأسيس خلافة".
وأردف المؤرخ "خلال تلك الثورة المسلحة دنس المتظاهرون عددا من المساجد، ولكن أردوغان يتهم الأجانب بارتكاب هذه الجريمة، وهي مغالطة تاريخية"، مشيرا إلى تجديد ما يفوق 126 مسجدا في عهد أتاتورك".
وبخصوص أكذوبة أردوغان الثالثة، حول مسؤولية نظام أتاتورك في إضاعة اللغة العربية والقطع معها، لفت المؤرخ ميدان إلى أن الأتراك كانوا يكتبون لغتهم بالحروف العربية والفارسية، بيْد أنهم وجدوا صعوبة في النطق والكتابة، ما دعاهم إلى استبدالها بحروف مستوحاة من الحروف الهجائية "جوك تورك" والاتروسكان واللاتينية، ومنذ ذلك الوقت ارتفع معدل الإلمام بالقراءة والكتابة في تركيا من 7 إلى 27% وتحديدا خلال الفترة من 1928 حتى 1935، وهو رقم قياسي عالمي".
طمس قيم الجمهورية التركية
وأوردت الصحيفة "اقتناعا من أردوغان بضرورة طمس معالم تركيا الجديدة قام بتغيير أسماء عشرات الملاعب والمراكز الثقافية في إسطنبول التي تحمل اسم مصطفى كمال أتاتورك بأسماء أخرى، وخلال افتتاح قصره الفخم الذي بدأ بناءه عام 2014 لم يتردد أردوغان في دعوة شخصيات إسلامية محافظة مثيرة للجدل ومعروفة بكرهها أتاتورك، ومن بينها رئيس مؤسسة العلوم وحكماء العثمانيين".
من جهته، ذكر الكاتب التركي سونر كاغايتاي، مؤلف كتاب "السلطان الجديد" ومدير برنامج الأبحاث التركية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن "أردوغان غير مناهج التعليم من التسامح إلى نشر فكر الجهاد والتطرف، وتولى تقليل الإشارات إلى مبادئ الجمهورية في المدارس، وحظر نظرية التطور، واستخدام عبارات في الكتب المدرسية مثل الكفاح الروحي والجهاد في سبيل الله".
تزييف التاريخ
وأضاف "أردوغان يريد إعادة تشكيل المشهد الاجتماعي والثقافي لدى الأتراك عبر تزييف التاريخ وإعادة كتابته وفق آرائه وتوجهاته، وهي طريقة فعالة لطمس المبادئ التي اعتمدت عليها القيم الجمهورية".
وتابع الباحث التركي "أردوغان يؤهل شعبه لإعادة الإمبراطورية العثمانية، إذ لاقت عملية إعادة قراءة التاريخ العثماني التي يدعو إليها استجابة واسعة، خصوصا في بعض الأقاليم التركية على الأطراف".
وقال أيضا "نظام أردوغان يكرس وسائل الدولة لترسيخ تلك الفكرة في المراكز الثقافية وبث المسلسلات التي تتناول تاريخ الخلافة العثمانية، وتفتخر بأباطيرها، مثل عبدالحميد أو سليم الأول، وهو ما يترجم السعي إلى استحضار تلك الحقبة، فضلا عن تعزيز هذه الثقافة بتدشين متحف بانوراما 1453 منذ عام 2009.
تأهيل الأتراك للخلافة العثمانية والتلاعب بالرموز
ووفق المؤرخ سنان ميدان فإن أردوغان لا يتوقف عن استخدام الرموز، موضحاً أنه استضاف قمة إسطنبول الرباعية، التي ضمت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في قصر السلطان محمد السادس، آخر سلطان عثماني، ذلك الخائن الذي يحاول أردوغان تصويره بطلاً".
وأوضح أنه استكمالاً للتلاعب بالرموز صمم أردوغان مطار إسطنبول ليحل محل مطار أتاتورك، وزوده بلمسات العثمانيين الجدد، كما تعمد افتتاحه يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول، الموافق إعلان الجمهورية التي أسسها مصطفى كمال.
وحسب صحيفة "لوفيجارو" أن أردوغان أبدى اهتماما مفاجئا بأتاتورك خلال الفترة الماضية، من باب الانتهازية وجذب أصوات من اليمين الوسط والعلمانيين في الانتخابات الرئاسية، لكنه سرعان ما عاد إلى حقيقة خطابه المتطرف".
aXA6IDEzLjU5LjczLjI0OCA= جزيرة ام اند امز