إدانة لوبان.. اليمين العالمي ينتفض ضد سلطة القضاء

يستغلّ قادة أقصى اليمين والشعبويون إدانة مارين لوبان لترويج روايتهم الخاصة والهجوم على سلطة المحاكم.
"أنا مارين!" كانت رسالة التضامن المقتضبة التي نشرها فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، على مواقع التواصل الاجتماعي بعد إدانة زعيمة أقصى اليمين في فرنسا، مارين لوبان، باختلاس أموال البرلمان الأوروبي ومنعها من الترشح للمناصب العامة.
وبعد أوربان توالت رسائل التضامن من البرازيل إلى بلجيكا، لتكشف عن كيفية استغلال قادة أقصى اليمين والشعبويون الحكم لترويج روايتهم الخاصة ومزاعمهم بأن بعض أنظمة العدالة تُستخدم كأداة وحشية لإسكات إرادة الشعب.
ولم يهتم هؤلاء بالدور الذي لعبته لوبان وأكثر من 20 شخصًا آخرين في عملية احتيال قال الادعاء إنها تضمنت تحويل أكثر من 4 ملايين يورو من أموال البرلمان الأوروبي لصالح حزبها "التجمع الوطني" وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
والخميس الماضي، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من بين منتقدي الحكم على لوبان بالسجن 4 سنوات، منها سنتان مع وقف التنفيذ، وسنتان خارج السجن مع سوار إلكتروني.
وعلى منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، كتب ترامب "إن حملة الملاحقة القضائية ضد مارين لوبان مثال آخر على لجوء اليساريين الأوروبيين إلى الحرب القانونية لإسكات حرية التعبير، وفرض الرقابة على خصمهم السياسي، وهذه المرة ذهبوا إلى حد سجنه"، واصفًا تهمتها بأنها "بسيطة" وأضاف: "أطلقوا سراح مارين لوبان".
أما الملياردير الأمريكي ومستشار ترامب المقرب إيلون ماسك فكتب "عندما يعجز اليسار المتطرف عن الفوز عبر التصويت الديمقراطي، يسيئون استخدام النظام القانوني لسجن خصومهم" وقال "هذه هي عادتهم في جميع أنحاء العالم".
وفي روسيا، وصف المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الحكم بأنه جزء من نمط أوسع نطاقًا من العواصم الأوروبية "التي تدوس على الأعراف الديمقراطية".
أما نائب رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو سالفيني، فشبه الحكم بقرارات المحاكم في رومانيا التي ألغت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وأيدت قرارا بمنع المرشح الأوفر حظًا من الترشح وسط شكوك في تدخل روسي.
وكتب سالفيني "غالبًا ما يطمئن من يخشون حكم الناخبين إلى حكم المحاكم" وقال "في باريس، أدانوا مارين لوبان ويريدون إقصاءها عن الحياة السياسية وهو مشهد بشع نشهده أيضًا في دول أخرى مثل رومانيا".
لكن خبراء القانون ردوا على هذه الادعاءات وقال ماتيو كاربنتييه، أستاذ القانون في جامعة تولوز كابيتول، مستشهدًا بالحكم الذي يزيد على 150 صفحة والذي أصدره القضاة الثلاثة "القرار مُبرَّر للغاية، فقد أصدرت المحكمة حكمًا يبدو لي قاطعًا في جوهره وخاليًا من أي نزاع حقيقي محتمل" وأضاف "لو لم تُخالف لوبان القانون، لما أُدينت".
وأضاف كاربنتييه "إنه أمر مثير للاهتمام، لأن هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين يطالبون بعقوبات رادعة للمخالفين للقانون، وبأن تكون العدالة صارمة" مشيرا إلى دعوة لوبان في 2013 إلى حرمان السياسيين المدانين بارتكاب أفعال إجرامية أثناء توليهم مناصبهم من الأهلية مدى الحياة.
واعتبر كاربنتييه أن لوبان والمدافعين عنها "لا يحبذون سيادة القانون، فهم يستخدمون العدالة دائمًا وفقط كأداة سياسية".
ومع اصطفاف شخصيات أقصى اليمين خلفها، لم تتردد لوبان وهي مرشحة رئاسية 3 مرات، في تأجيج الموقف وقالت لأنصارها وهي تتعهد بالطعن في الحكم "لقد أطلق النظام قنبلة نووية.. إذا كانوا يستخدمون هذا السلاح القوي ضدنا، فمن الواضح أننا على وشك الفوز في الانتخابات."
لكن وراء هذا التهديد تكمن معضلة لوبان وحزبها وفقا لما ذكرته سيليا بيلين، التي ترأس مكتب باريس للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية التي قالت "مع هذا القرار، أعتقد أننا وصلنا بالفعل إلى مفترق طرق بالنسبة لحزب لتجمع الوطني.. إذا أرادوا الاستفادة من هذا، فعليهم أن يصبحوا مناهضين للنظام تمامًا وأن يصرخوا بأعلى صوتهم".
وأضافت بيلين "أكدوا بوضوح أن النظام ضدهم، وأنهم ممنوعون من الحكم، وأنهم يريدون استغلال صدى أقصى اليمين الأوروبي والأمريكي."
ويهدد هذا النهج بعرقلة مساعي لوبان المستمرة منذ عقد لتحسين صورة الحزب والتي تجلت في وقت سابق من العام عندما ألغى جوردان بارديلا، الذراع الأيمن للوبان، فجأةً خططه لإلقاء خطاب في مؤتمر العمل السياسي المحافظ الأمريكي بعدما أظهر الأمريكي ستيف بانون ما وصفه بارديلا بأنه "إشارة تُلمح إلى الأيديولوجية النازية".
لكن رواية لوبان ومؤيديها حول العالم تختلف عن رأي الكثيرين في فرنسا وفقا لاستطلاع رأي أجرته قناة "BFMTV " الفرنسية عقب صدور الحكم حيث أعرب 57% من المشاركين عن اعتقادهم بأن المحاكم قد حققت العدالة دون تحيز.