ذكرى الطائف.. تمسك لبناني بـ"الهوية" ودعم سعودي للحفاظ على السيادة
أزمات ومناكفات ومحاولات محلية وإقليمية بتغيير هوية لبنان ونظامه والانقلاب على "اتفاق الطائف" الذي أنهى حربا أهلية استمرت 15 عاما 1989.
مخاطر استشعرتها المملكة العربية السعودية وسعت لتفاديها لمنع انزلاق لبنان إلى الهاوية، وتفجر الأوضاع من جديد خاصة أن البلاد تعيش أزمات متلاحقة وفراغاً رئاسياً ينذر بعواقب وخيمة، حيث تسعى لإخراج اتفاق الطائف من الخلافات في لبنان وسياسة المناكفات.
مسؤولية السعودية تجاه لبنان وأمنه وعروبته ظهرت جلية في تنظيمها، اليوم السبت، مؤتمرا لإحياء الذكرى الـ33 لـ"اتفاق الطائف" بقصر الأونيسكو في بيروت، والذي يطلق رسالة ودلالات بارزة حيال الاتجاهات السعودية والعربية عموماً في حماية الميثاق والتزام الدستور ورفض أي مس بهما.
الاحتفال الذي نظمته السفارة السعودية في لبنان جاء في وقت تنشط فيه حركة المملكة على خطّ الدفاع عن "اتفاق الطائف" وتنطلق منه لمقاربتها الاستحقاقات اللبنانية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية.
وشدد المتحدثون خلال المؤتمر على دور "اتفاق الطائف" في إنهاء الحرب الأهلية ،التي خلفت نحو 120 ألف قتيل، وأكثر من 300 ألف جريح، على ضرورة التمسك به واستكمال تطبيقه للخروج من الوضع الراهن في لبنان.
الحفاظ على السيادة
وخلال افتتاح أعمال "منتدى الطائف"، أكد السفير السعودي لدى لبنان، وليد البخاري، أن "المؤتمر يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره، والمحافظة على الميثاق الوطني".
وتابع: "لبنان بأمس الحاجة لتجسيد العيش المشترك التي عالجها اتفاق الطائف بمحورية الكيان اللبناني والحفاظ على عروبته، ونعول على حكمة القادة اللبنانيين، وتطلعات الشعب الذي يسعى للعيش باستقرار"، مشدّداً على أن "الرئيس الفرنسي أكد لنا أنّه لن يكون هناك أيّ نية أو طرح لنقاش الطائف أو تغيير النظام في لبنان".
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، شدد على أن "اتفاق الطائف يكتسب أهمية قصوى باعتباره ركيزة أساسيّة لإنهاء الحرب الأهلية في لبنان قبل نحو 30 عاما، والسعودية لم تترك لبنان وهي إلى جانبه".
وحول أهمية ذكرى الاتفاق، قال إنّ "هذا اليوم رمزيته مهمة جدا، والمؤتمر المنعقد يؤكد مجددا أن السعودية لم تترك لبنان، والحضور الكبير هنا يشير إلى تثبيت مضامين اتفاق الطائف الذي ما يزال الاتفاق الأصلح للبنان".
وأكّد حرص الحكومة على القيام بواجباتنا، ولأن الدستور والقوانين تنصّ على القيام بتصريف الأعمال سنقوم بها بكل أمانة ومسؤولية وحس وطني، ولا أعتقد أن أي وزير سيتقاعس عن هذا الدور الوطني".
شخصية الرئيس
أما رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة، فقد سعى للتأكيد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية الآن لتكتمل السلطات الدستورية وإنهاء الفراغ الرئاسي الذي تعيشه البلاد.
وقال السنيورة يجب الالتفات إلى وضع ممارسة صحيحة لتنفيذ اتفاق الطائف واستكمال تطبيقه، ويجب أن يكون الرئيس شخصية مؤمنة باتفاق الطائف والعودة إلى تطبيقه بشكل صحيح.
الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، شدد على أن اتفاق الطائف تمكن من إنهاء الحرب في لبنان، متوجها بالتحية لكل من ساهم في إتمام هذا الاتفاق قبل 33 عاما، مؤكدا أهمية الاتفاق ودوره في حماية لبنان بعد الحرب التي عصفت به.
وبدوره، أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أنّه "قبل البحث في تعديل الطائف يجب تطبيقه، والمهم انتخاب رئيس للجمهورية"، متسائلاً: "من قال إنّنا نعارض إلغاء الطائفيّة السياسيّة؟".
واعتبر المطران بولس مطر "نحن في لبنان إخوة بالوطنية والعروبة والإنسانية، فنرجو من اللبنانيين وضع خلافاتهم تحت سقف الأخوّة وليس فوقها".
وأضاف: "عودتنا إلى الطائف فرصة للبنان، والنظام السياسي خاضع للتبديل ضمن حوار يجب ألّا يتوقّف، والحوار واجب علينا بمحبة وأخوّة".
أمّا المنسقة العامة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، فدعت إلى "شحذ الهمم لتطبيق اتفاق الطائف التاريخي بما يضمن استقراره"، معتبرة أنّ "الاتفاق وضع نظاماً سياسياً جديداً يلبّي طموحات اللبنانيين من خلال تبنّي الإصلاحات وتنفيذها وتأسيس الانتماء الوطني".
الاتفاق الذي جرى التصديق عليه في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1989 نص على تحديد مبادئ عامة وجملة إصلاحات سياسية واقتصادية وبنيوية، ولم تطبق جميعها، وكانت أبرز البنود، هي الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، كما أنه لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، بالإضافة إلى العمل على تحقيق عدالة اجتماعية شاملة، من خلال الإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي، وإلغاء الطائفية السياسية، واللامركزية الإدارية، كما إنشاء مجلس شيوخ.
aXA6IDMuMTQ0LjIxLjIwNiA= جزيرة ام اند امز