«تنازلات» إسرائيلية وتقدم «بطيء».. الوصفة «الآمنة» لنزع سلاح حزب الله

في خضم الجدل الدائر حول مستقبل سلاح حزب الله، تبدو موازين القوة الداخلية في لبنان مغايرة لما كانت عليه في العقود الماضية.
فالحزب، الذي طالما استند إلى سردية ما يعرف بـ«المقاومة»، يمر اليوم بمرحلة ضعف سياسي وشعبي غير مسبوقة، تجعله أبعد ما يكون عن خيار إشعال حرب أهلية جديدة، يدرك مسبقًا أنها ستكلفه أثمانا لا يستطيع تحملها.
ورغم ذلك، يبقى سلاح حزب الله عنصرًا شائكًا في معادلة الاستقرار اللبناني، خاصة مع تصاعد الضغوط الأمريكية التي تسعى لفرض تحرك داخلي ينزع عن الحزب ورقته الأقوى.
فهل يتمكن لبنان من نزع سلاح حزب الله؟
يقول موقع «ريسبونسبل ستيتكرافت» الأمريكي، إن نزع سلاح حزب الله إلى حد ما أمر قابل للتحقيق، بشرط أن تكون العملية تدريجية ومحدودة.
وقالت مريم فريدة، مؤلفة كتاب «الدين وحزب الله»: «لا أعتقد أن حزب الله سيُشعل حربًا أهلية، لأنه سيُدرك خسارته على تلك الجبهة، وعليه أن يتحلى بالاستراتيجية كما هو الحال دائمًا».
وأضافت: «إن الديناميكيات المتغيرة، سواءً مع الدعم الإقليمي والمحلي [أو غيابه]، ستسمح بنزع السلاح تدريجيًا، حتى لو كان رمزيًا، كما حدث مع المخيمات الفلسطينية»، في إشارة إلى تسليم الأسلحة مؤخرًا للجيش اللبناني في عدة مخيمات للاجئين حول بيروت.
ورغم ذلك، حذر الموقع الأمريكي من أن الضغط على القوات المسلحة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله يحمل في طياته خطر الصراع الداخلي، وخاصة إذا تم ذلك على عجل ودون تنازلات إسرائيلية متبادلة.
إلا أن السفير الأمريكي في تركيا توم براك بدد هذه المخاوف، قائلاً: «أعلم أنهم [مسؤولو الحكومة اللبنانية] لا يريدون حربًا أهلية. لن تكون هناك حرب أهلية. حزب الله في أسوأ حالاته في التاريخ»، مؤكدًا استعداد واشنطن للمساعدة.
ورغم ذلك، أقرّ براك بأنّ استمرار احتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية، وغاراتها الجوية المتكررة على أهداف مزعومة لحزب الله، وكذلك في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، لا يُعزز فرص نزع سلاحه. وعندما سُئل عن الحوافز التي يملكها حزب الله لنزع سلاحه، أجاب: «لا شيء».
وأثارت التصريحات الأخيرة للسفير الأمريكي في تركيا توم براك، حول ضرورة نزع سلاح حزب الله دهشة الزعماء اللبنانيين، الذين يشعرون بالقلق من أن أية محاولة بالقوة لتنفيذ رغبات واشنطن قد تؤدي إلى انزلاق البلاد إلى العنف الطائفي وربما حتى الحرب الأهلية.
وكان براك، الذي يشغل أيضًا منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، قال في تصريحات مؤخرا: «لا نريد تسليح [القوات المسلحة اللبنانية] ليتمكنوا من محاربة إسرائيل؟ لا أعتقد ذلك. إذًا أنتم تُسلّحونهم ليتمكنوا من محاربة شعبهم، حزب الله. حزب الله عدونا. وإيران عدونا أيضًا».
تنازل؟
لكن تريث الزعماء اللبنانيين في تبنّي نهج أكثر صدامية لا يمكن فهمه كتنازل مباشر أمام حزب الله، بقدر ما يعكس حرصًا على تجنب كابوس الصراع الأهلي، بحسب الموقع الأمريكي، الذي أشار إلى أن المسألة لم تعد مجرد «تفكيك ميليشيا»، بل صارت مرتبطة بتوازنات طائفية دقيقة، وبذاكرة جماعية ما زالت مثقلة بسنوات الدم.
وفي حين لا توجد سجلات لبنانية رسمية للتحقق من التركيبة الطائفية للجيش اللبناني، فإن مركز أبحاث ألما الإسرائيلي يقدر أن السنة يشكلون ما بين 35-45% من الجيش، والشيعة ما بين 40-50%، مع توزيع الباقي بين المسيحيين والدروز.
لذلك فمن المتوقع أن يتولى الجنود السنة «المهمة الشاقة» إذا حاول الجيش نزع سلاح حزب الله بالقوة، وهو ما يثير احتمال اندلاع القتال بين الجنود السنة والشيعة.
وأشار مايكل يونج من مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت إلى أن أي محاولة من جانب القوات المسلحة اللبنانية لنزع سلاح الحركة بالقوة سوف تقابل بمقاومة شرسة من جانب حزب الله.
وحذر يونغ، وهو صحافي لبناني مخضرم غير معروف بتعاطفه مع حزب الله، من أن «حرباً أهلية تستفزها الولايات المتحدة ضد حزب الله وتؤدي إلى طريق مسدود قاتل هي أكثر خطورة بكثير من التقدم ببطء والتوصل في نهاية المطاف إلى تسوية مؤقتة مع الحزب تتجنب الصراع الداخلي».
غضب داخلي
وأعرب براك عن إحباطه من فشل الحكومة اللبنانية في التحرك ضد حزب الله، محذرا من أن «إسرائيل ستتولى أمر حزب الله نيابة عنكم».
تصريحات أثارت عاصفة من الغضب في بيروت، رد عليها رئيس الوزراء نواف سلام قائلا، إنه «تفاجأ» بتصريحات براك، ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من جميع الأراضي اللبنانية التي احتلتها منذ الخريف الماضي ووقف غاراتها الجوية المستمرة ضد أهداف مزعومة لحزب الله في جنوب لبنان، والتي أسفرت إحداها عن مقتل أربعة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال، الأسبوع الماضي.
واتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف المقرب لحزب الله، براك بمحاولة تحويل الجيش اللبناني إلى «حارس حدود لإسرائيل»، في حين أكد الرئيس جوزيف عون أن نزع سلاح حزب الله بالقوة غير وارد حالياً وأنه ملتزم بالحفاظ على وحدة البلاد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز