تحذيرات من توريط لبنان بحرب.. ومطالبات باسترداد الدولة من حزب الله

حالة من القلق والتوتر تسود لبنان خشية جرّ مليشيا "حزب الله" البلاد إلى حرب مع إسرائيل إثر قصف متبادل.

تسود حالة من القلق والتوتر في لبنان من جرّ مليشيا "حزب الله" البلاد إلى حرب مع إسرائيل إثر قصف متبادل.

يأتي ذلك وسط مطالبات بأن تكون الدولة ومؤسساتها هي صاحبة قرار الحرب والسلم والانتهاء من وضع استراتيجية دفاعية. 

• "يونيفيل" تدعو لضبط النفس إثر التصعيد بجنوبي لبنان
• الجامعة العربية تحذر من التصعيد العسكري جنوبي لبنان

وأعلنت مليشيا "حزب الله"، أمس الأحد، تدمير آلية عسكرية إسرائيلية عند طريق ثكنة أفيفيم قرب الحدود، فيما رد الجيش الإسرائيلي باستهداف الخلية التي أطلقت الصواريخ، إضافة إلى إطلاق نحو 100 قذيفة مدفعية باتجاه مصادر النيران جنوبي لبنان.

ومنذ اللحظة الأولى للتصعيد العسكري عند الحدود الجنوبية الأسبوع الماضي، سجّلت حركة نزوح كثيفة من البلدات الحدودية في جنوب لبنان، وفق شهود عيان لـ"العين الإخبارية".

ويعيش اللبنانيون حالة من الخوف من اندلاع حرب في أي لحظة، وقد بدأ عدد كبير منهم يعدّ العدة لها عبر شراء المؤونة اللازمة من المواد الغذائية، كما أنهى بعضهم إجازاتهم الصيفية باكرا عائدين الى بيروت من الجنوب خوفا من انفلات الأمور في أي لحظة.

** الاستراتيجية الدفاعية

وبرزت مطالبات لبنانية بوضع استراتيجية دفاعية تضع حدا لتفرد مليشيا حزب الله بقرار الحرب والسلم، بينها تصريحات رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع.

ودعا جعجع رئيس الجمهوريّة ميشال عون إلى اتّخاذ موقف واضحٍ وحاسمٍ وشفّافٍ من مسألة القرار الاستراتيجي التي لا تحتمل المزايدات وطرح الموضوع على مجلس الوزراء بالتّوازي مع توجيه رسالةٍ إلى مجلس النوّاب يضع الجميع فيها أمام مسؤوليّاتهم.

وأكد، في كلمة باحتفال للقوات اللبنانية، أنه "من المؤسف أنّ العهد الذي أردناه عهد استعادة الدولة من الدويلة (في إشارة إلى حزب الله)، لم يكن حتّى اليوم على قدر كل هذه الآمال والدولة القويّة التي أردنا قيامها باتت اليوم تخسر أكثر فأكثر من رصيدها ومقوّمات وجودها في شتّى المجالات والميادين".

ويتعلق مصطلح الاستراتيجية الدفاعية بالخلاف بين الدولة اللبنانية من جانب، ومليشيا حزب الله وحلفائها من جانب آخر، حول من يحق له امتلاك السلاح في البلاد والدفاع عنها.

وتسبب هذا الخلاف، وإصرار المليشيا على الاحتفاظ بترسانة من الأسلحة الممولة من إيران، في إفشال جولات الحوار الوطني، وإدخال لبنان في أزمات سياسية ودستورية وأمنية أزهقت العديد من الأرواح في تفجيرات إرهابية أو اشتباكات بين الفرقاء.

** احتمالان

وفيما نقلت وسائل إعلام لبنانية عن مليشيا حزب الله قوله إن العملية لم تكن ردا على سقوط الطائرتين المسيرتين في معقله في الضاحية الجنوبية في بيروت إنما على مقتل اثنين من عناصره الأسبوع الماضي في قصف إسرائيلي على مركز له في سوريا، شكّك الخبير العسكري العميد المتقاعد، خليل الحلو، في دقة التصريحات.

وقال الحلو، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنها ليست المرة الأولى التي يقتل فيها عناصر للحزب في سوريا نتيجة القصف الإسرائيلي، داعيا الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ الخطوات المناسبة قبل فوات الأوان.

ورغم وصف إسرائيل التصعيد مع حزب الله بأنه "محدود النطاق"، وإعلانها انتهاء تبادل إطلاق النار، اعتبر الخبير العسكري أنه وانطلاقا من التجارب السابقة مع إسرائيل، يمكن القول إن هناك احتمالين: "الأول أن تصدق إسرائيل فيما أعلنته ويكون الرد انتهى هنا وتأكيدها عدم وقوع إصابات".

وأوضح أن الثاني أن تكون قد لجأت إلى الخدعة وهو ما قامت به سابقا في حروب أخرى، وبالتالي أن تعمد إلى الرد الكبير لاحقا أو في الساعات المقبلة وعندها سيكون أيضا أمين عام حزب الله حسن نصر الله قد أخطأ في الحسابات وأدخل لبنان في حرب مجددا على غرار ما حصل عام 2006 وعاد بعدها وقال لو كنت أعلم".

وفي عام 2006، خاضت إسرائيل وحزب الله مواجهة عسكرية دامية لمدة شهر أسفر عن مقتل أكثر من 1000 مدني، معظمهم لبنانيون.

ومع ترجيحه عدم الوصول إلى حرب في هذا الوقت بين حزب الله وإسرائيل، قال الحلو إن الكرة اليوم من جهة هي في مرمى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وطبيعة الرد على ضربة حزب الله، ومن جهة أخرى في مرمى الحكومة اللبنانية التي تحوّلت إلى صندوق بريد والتي بات عليها إعادة النظر في التسوية التي سلّمت البلاد إلى مليشيا حزب الله، لتعود بعدها وتلجأ إلى الأمريكان حينا والأوروبيين حينا آخر للتهدئة وعدم التصعيد.

** أين الدولة؟

بدوره، قال رئيس حزب الكتائب اللبنانية، سامي الجميل، من أن الدولة اللبنانية تتصرّف وكأنها غير معنية بحماية شعبها، "حزب الله أصبح الدولة وجمهوريتنا هي الدويلة".

وأضاف أن "ما نشهده اليوم مهين ومعيب بحق الشعب اللبناني ودستور البلد وجيشه فيما الدولة تتفرج على من يقرر ويهدد عنا من دون إذننا".

وأكد أن "الدفاع عن لبنان وهو واجب الدولة اللبنانية والجيش اللبناني والمسؤولين اللبنانيين".

وتابع: "لا يجوز أن نبقى بانتظار موعد الضربة، أهي اليوم أو غدا"، ومتسائلا "هل لدينا بلد ودولة ورئيس ووزراء ونواب ودولة أم لا؟".

** توريط لبنان

رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، فؤاد السنيورة، قال إن "ما وقع يوم أمس الأحد، على الحدود مع إسرائيل جرى في تغييب كامل للدولة اللبنانية"، محذّراً من "انفراد حزب باتخاذ المواقف ومحاولة توريط البلاد".

وأضاف السنيورة، في حديث تلفزيوني، أنّه "من غير المقبول أن يبادر حزب الله إلى القيام بعملية من هذا النوع"، معتبراً "ما حدث غير مقبول كما أنه يطرح قضية الاستراتيجية الدفاعية للبنان.

وأشار إلى أنّ لبنان يواجه مخاطر كبيرة، ولا يحتاج إلى مخاطر إضافية تأتي عن طريق توريط حزب الله للدولة اللبنانية وللشعب اللبناني في الشكل الذي رأيناه خلال هذه الأيام.

واعتبر أنّ "مواجهة يوم الأحد على الحدود انتهت كما لو أنّها مرتبة سابقاً بين الطرفين، ليس بالضرورة من خلال اتصال مباشر، بل من خلال أي عمل تقوم به بعض الأطراف، بحيث أدى إلى تنفيس الاحتقان الذي كان ساريا.

وأشار إلى أنّ "المواجهة انتهت على الحدود بخسارة حديد في الجانب الإسرائيلي وشجر في الجانب اللبناني".

وأكد أنه "لم يعد من المبرر ولا المقبول أن يكون مصير اللبنانيين معلقاً على قرار غير لبناني يتولاه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ويملي على لبنان النتائج".

وعقب الأحداث، استنفر المسؤولون اللبنانيون ترقبا لما ستؤول إليه الأمور وجرت اتصالات على أعلى المستويات فيما تجدّدت تحذيرات من تفرد حزب الله بقرار السلم والحرب وجر البلاد إلى الحرب.

وأجرى رئيس الحكومة، سعد الحريري، اتصالين هاتفيين بكل من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ومستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل بون؛ طالبا تدخل المجتمع الدولي في مواجهة تطور الأوضاع على الحدود الجنوبية.

كما أجرى الحريري اتصالات برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري وقائد الجيش العماد جوزيف عون لبحث مجريات الأوضاع.

وأعلن الناطق باسم قوات اليونيفيل الدولية العاملة في جنوب لبنان، أندريا تننتي، أن قيادة "اليونيفيل"، تتابع "عملية إطلاق النار عبر الخط الأزرق، وفي الوقت نفسه، يجري رئيس بعثتها وقائدها العام اللواء ستيفانو دل كول، اتصالات مع الأطراف، ويحثهم على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، طالبا وقف جميع الأنشطة، التي تعرض وقف الأعمال العدائية للخطر.