رفض لبناني لشرعنة سلاح حزب الله ومطالب باستراتيجية دفاعية
فرقاء لبنان يتفقون على مطالبة العالم بالضغط على إسرائيل للالتزام بالقوانين الدولية، ويرفضون محاولات حزب الله الظهور على أنه صاحب القرار
رغم الإجماع اللبناني على رفض الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية الأحد الماضي، إلا أن محاولات حزب الله الظهور على أنه الجهة المتحكمة بقرار الحرب والسلم، ضربت بعرض الحائط الآمال المعقودة للتوصل لاستراتيجية دفاعية موحدة في المدى القريب.
- حراك لبناني لاحتواء التصعيد بين "حزب الله" وإسرائيل
- بعد حادثة الطائرتين.. رفض لبناني لانفراد مليشيا حزب الله بقرار الحرب
ومع توافق الفرقاء على مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للالتزام بالقوانين الدولية، رأى البعض أن تعاطي المسؤولين مع الحادثة أظهر لبنان وكأنه يقف خلف قرار حزب الله الذي توعّد أمينه العام حسن نصرالله بالرد، والذي يفترض أن يكون من السلطة، وهو ما جعل حلفاء الحزب يعتبرون أنه بات أقوى من أي وقت مضى، واعتبر خصومه سلوك السلطة جنوحا نحو التسليم بسلاحه وهذا مرفوض، مؤكدين ضرورة الإسراع ببحث الاستراتيجية الدفاعية.
حتى إن منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان يان كوبيتش أعرب خلال لقائه رئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل قبل يومين، عن "خشيته من تراخي الدولة اللبنانية تجاه إمساكها بسيادتها".
وهذا الواقع عبّر عنه أيضا الوزير السابق معين المرعبي معتبرا في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن الدولة اللبنانية مستمرة بالتنازل عن دورها، وكأن حادثة الطائرتين لا تعني المسؤولين، والمجلس الأعلى للدفاع لم ينعقد إلا بعد مرور يومين على الاعتداء وبعدما كان حسن نصرالله أصدر موقفه غير آبه بموقف لبنان، واصفا ما حصل بـ"الفضيحة".
ويرى المرعبي أن حزب الله يستخدم الأراضي اللبنانية لخدمة مشروعه الإيراني، مضيفا: "مع استنكارنا ورفضنا الشديد للاعتداء الإسرائيلي، نرفض أن يتحول لبنان إلى قاعدة إيرانية فداء لطهران ومشروعها".
ويعتبر الخبير العسكري العميد المتقاعد طنوس معوّض "أن السلطة في لبنان باتت تتعامل مع حزب الله كأمر واقع مسلّمة بدور سلاحه، وهذا ما نرفضه".
وأشار معوّض في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن مجريات الأمور في الفترة الأخيرة تدل على أن حزب الله بات أكثر قوّة في لبنان، وخير دليل تعاطي السلطة مع حادثة الطائرتين، فموقف الدولة التي يفترض أن تكون المسؤولة عن حماية المؤسسات والدستور لم يكن طبيعيا وليس مقبولا".
الانتقاد نفسه جاء على لسان الوزير والنائب السابق بطرس حرب الذي اعتبر أن حزب الله تفرّد بقرار الرد، قائلا: "القرار اتخذ من حزب الله بالرد على إسرائيل، وللأسف الحكومة والسلطة السياسية في لبنان لم يكن لهما علاقة بالأمر"، مبديًا خشيته من أن يجر القرار الذي اتخذ من خارج الحكومة لبنان إلى حالة لا يستطيع تحمل نتائجها.
وأكد حرب أهمية "أن تأخذ المؤسسات الدستورية القرار في لبنان"، معبرا عن أسفه "أن القرار اتخذ وكأن هذه المؤسسات تؤقلم نفسها مع قرار لا علاقة للسلطة السياسية به".
الاستراتيجية الدفاعية على المحك
وأعادت المستجدات الأخيرة الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية والمطالبة بها، وهي التي سبق لرئيس الجمهورية ميشال عون أن وعد ببحثها بعد تشكيل الحكومة، ليعود قبل أسابيع ويقول إن مقاييسها تبدلت وهو ما لاقى ردود أفعال معترضة، أما اليوم وبعد حادثة الطائرتين فيبدو أن البحث بها بات أكثر صعوبة بدل أن يكون حافزا لذلك، وهو ما ألمح إليه وزير الإعلام جمال الجراح بعد جلسة الحكومة، الثلاثاء الماضي، التي بحثت الاعتداء الإسرائيلي.
وقال حينها الجراح في رد على سؤال حول حصر قرار السلم والحرب بيد الدولة ومجلس الوزراء: "هذا مطلب دائم لمعظم القوى السياسية، وهو متروك إلى حين بت الاستراتيجية الدفاعية التي يعمل عليها الرئيس ميشال عون والحكومة اللبنانية، وهي ستناقش كسلة متكاملة، ولكن ليس في هذا الجو حيث تمارس الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وعلينا انتظار هدوء الأجواء".
ويرى خصوم حزب الله في سلوك السلطة اللبنانية اليوم جنوحا نحو التسليم بسلاحه، مؤكدين ضرورة الإسراع ببحث الاستراتيجية الدفاعية، ومحذرين من أن يتحول الجيش اللبناني إلى غطاء لهذا السلاح.
وكان واضحا رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في موقفه تجاه هذا الأمر، حيث قال في حديث تلفزيوني يوم أمس: "إن ما حصل يؤكد مجدداً الحاجة إلى طرح المسألة المتعلقة بالاستراتيجية الدفاعية للبنان، وضرورة وضعها على طاولة البحث؛ لأنه لم يعد من الممكن أن تبقى الحكومة اللبنانية في موقع المتلقي، بينما يبقى قرار الحرب والسلم في يد حزب الله".
وفيما يؤكد العميد طنوس ضرورة البحث بالاستراتيجية الدفاعية، معتبرا أنها الوحيدة القادرة على إنقاذ لبنان سياسيا وأمنيا واقتصاديا، مستغربا اعتبار الحكومة أن الوقت غير ملائم لبحثها، يرفض المرعبي "أن يكون الحل عبر دمج عناصره بالجيش اللبناني ما يعني تحويل الجيش اللبناني إلى غطاء لحزب الله وهذا نرفضه"، مؤكدا "أساس الدستور اللبناني هو أن يحمي الجيش وحده الأرض والحدود".
ويضيف: "لا يمكن القبول إلا بتسليم حزب الله سلاحه، وإلا فالبلد معرض للانهيار".
من جهته، يشدّد العميد طنوس على أنه وإن تم الاتفاق مع حزب الله على أن يكون عناصره مجموعة احتياط في الجيش اللبناني، فيجب أن يكون القرار النهائي للقيادة العسكرية؛ لأنه لا يمكن أن يكون هناك دولتان في دولة واحدة".
aXA6IDE4LjIxOC4yLjE5MSA=
جزيرة ام اند امز