قوى سياسية لبنانية ترفض دعوات حزب الله وتطالب بحكومة خبراء
وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني يؤكد لـ"العين الإخبارية" أن الحل يكمن في الإسراع بتأليف حكومة تعالج الأزمة المالية والمعيشية الحادة
رفض وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال ريشار قيومجيان وقوى سياسية لبنانية، دعوات أطلقها حزب الله وفريق من السلطة الحاكمة لـ"تفعيل حكومة تصريف الأعمال" الحالية، والبدء بعقد اجتماعات مكثفة إلى حين تأليف الحكومة الجديدة، بزعم تسيير الأمور الحياتية للمواطنين.
وقال الوزير اللبناني، في تصريحات خاصة من بيروت لــ"العين الإخبارية"، إن الأولوية ينبغي أن تكون للإسراع في تشكيل حكومة اختصاصيين فقط، لمعالجة الأزمات المالية والاقتصادية الحالية، وإلا فعلى الجميع انتظار "الانهيار الحتمي"، وفقا لتحذيره.
وفي مسعى للخروج من مأزقها، بعدم ظهور أي إشارات بقرب تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، من أجل تكليف رئيس جديد للحكومة، دعا حزب الله عبر كتلته النيابية (الوفاء للمقاومة) منذ يومين إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال.
وزعمت الكتلة عقب اجتماعها الأسبوعي أن الموجبات الدستورية تفرض على الحكومة المستقيلة القيام بواجباتها في تسيير شؤون الدولة، وتحمل مسؤوليتها القانونية تجاه الشعب اللبناني في ظل ارتفاع الأسعار، وتدهور سعر العملة الوطنية.
كما انضم لدعوة تفعيل حكومة تصريف الأعمال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، قائلا إن "الأزمة ستطول"، انطلاقا من التباعد في المواقف.
وعلى إيقاع الدعوة ذاتها، قال وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد "إن الطرح باجتماع حكومة تصريف الأعمال لا يخالف الدستور، بل ينبثق منه، نظرا للضرورة القصوى التي تمر بها البلاد".
ولا تزال عقدة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بعد أكثر من شهر على استقالة سعد الحريري تراوح مكانها، في غياب ظهور أي إشارات توحي بقرب تحديد أي موعد للاستشارات النيابية الملزمة دستوريا لتكليف رئيس جديد للحكومة، وسط تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية التي دخلت يومها 45 على التوالي، للمطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ ومعالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية.
حكومة إنقاذ أو انهيار حتمي
وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال ريشار قيومجيان شدد، لـ"العين الإخبارية"، على أنه لا يرى الحل في تفعيل حكومة تصريف الأعمال، بل الإسراع بتأليف حكومة تعالج الأزمة المالية والمعيشية الحادة، تتشكل من اختصاصيين ومستقلين وتحظى بثقة الشارع اللبناني وثقة الخارج.
وقال الوزير قيومجيان إن كل وزير بالفعل يعمل ضمن نطاق وزارته في تصريف الأعمال، ويقوم بما هو مطلوب منه لتسيير أمور المواطنين".
وأضاف محذرا "يجب تشكيل حكومة خبراء بعيدا عن الحزبيين سريعا، تحمل مهمة إنقاذ البلاد، وإلا فنحن ذاهبون إلى الانهيار الحتمي"، حسب تعبيره.
ورأى الوزير الممثل عن حزب القوات اللبنانية (يمتلك كتلة نيابية تضم 15 نائبا) أن الأفق السياسي مسدود تماما ما لم يتم التعاطي بإيجابية مع مطالب الشعب في تشكيل حكومة تستجيب لأحلامه وطموحاته".
وتابع: نحن أمام حائط سد ما لم يؤخذ بعين الاعتبار إمكانية تخلي أهل القرار عن سلطتهم، وإفساح المجال أمام حكومة إنقاذية غير فاسدة تحكم البلاد.
وفي هذا الصدد أوضح قيومجيان أن "السلطة الحاكمة لا تزال للأسف تتعاطى مع الأزمة بمنطق ما قبل 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، موعد انطلاق الانتفاضة الشعبية، حيث يتعاملون بمنطق تقاسم الحصص الوزارية، وكأن الوزارات حكرا على طوائف وأحزاب معينة، وهو أمر لن تقبل به الثورة".
ودخلت المشاورات السياسية لتسمية رئيس جديد للحكومة مرة أخرى مرحلة التأزم والتعقيد، مع إصرار حزب الله والتيار الوطني الحر على تشكيل حكومة (تكنو-سياسية) وسط تصاعد الأزمات الاقتصادية والمالية.
لا حلول مرتقبة
رامي الريس مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي (كتلته النيابية من 9 نواب)، قال لـ"العين الإخبارية" إنه من الأفضل تركيز الجهود والبدء بالخطوات الدستورية من خلال الدعوة للاستشارات النيابية لتكليف شخصية تعمل على تأليف حكومة جديدة، وفي الوقت ذاته قيام الوزراء بتصريف الأعمال بحدود ما تسمح به القوانين في هذه الفترة الانتقالية.
وأعرب "الريس" عن أسفه أن "المؤشرات الراهنة لا توحي بحلول مرتقبة، لذا مطلوب تكثيف الجهود السياسية قبل فوات الأوان".
إطالة أمد الأزمة
ولم يختلف رأي الدكتور محمد السعيد الرز المحلل السياسي اللبناني عن سابقيه، إذ أكد أن تفعيل حكومة تصريف الأعمال سيؤدي إلى إطالة أمد الأزمة، وأمد الفراغ الحكومي الحالي.
وأردف "الرز" في تصريحات لـ"العين الإخبارية": الرئيس الحريري يدرك تماما أن إجراء الاجتماعات واللقاءات سوف يؤدي لتراخٍ أكثر لدى الطبقة السياسية الحاكمة التي تماطل في تشكيل الحكومة ضمن لعبة الوقت، لذا أعاد الحريري رمي الكرة لملعبها.
وشدد على أنه لا يحق لحكومة تصريف الأعمال اتخاذ قرارات أساسية تتعلق بالناحية الاقتصادية والمالية، هي فقط لتسيير الأعمال.
وتغيب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عن اجتماع مالي واقتصادي دعا إليه الرئيس الجمهورية ميشال عون في القصر الرئاسي (بعبدا)، لبحث الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد.
ورأى مراقبون أن دعوة "عون" ربما جاءت لتكريس خيار "تصريف الأعمال" على حساب أولوية إجراء الاستشارات النيابية وتأليف الحكومة الجديدة، لحصول فريق السلطة الحاكمة على الوقت الكافي لإقناع الحريري، بالموافقة على تشكيل الحكومة الجديدة التي رفض مؤخرا تشكيلها.
ففي الوقت الذي استنفد فيه الحريري جميع محاولات إقناع فريق السلطة بشروطه المتمثلة في حكومة اختصاصيين لها صلاحيات استثنائية بعيدا عن التجاذبات السياسية، يصر حزب الله والتيار الوطني الحر على إشراك وزراء سياسيين مع التكنوقراط.
aXA6IDE4LjE4OC42OC4xMTUg جزيرة ام اند امز