شغور منصب الرئيس.. حراك خارجي هل ينقذ لبنان؟
كشف مصدر سياسي لبناني عن "تحرك إيجابي" على الصعيد الدولي والعربي باتجاه التوصل إلى حل لملء الشغور الرئاسي، في ظل استمرار تصلب الكتل النيابية المؤثرة عند مواقفها من الاستحقاق الرئاسي.
ولم تفضِ جلسات الانتخاب الـ11 بمجلس النواب، منذ منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى نتيجة، ولم يجر انتخاب رئيس جديد رغم انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في ٣١ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويتمسك الثنائي الشيعي، حركة أمل وحزب الله، بترشيح النائب السابق سليمان فرنجية رئيس تيار المردة، بعد إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري دعمه "صراحة" للمرة الأولى.
لكن، ووفقا لتقارير لبنانية، لم تنجح محاولات التوصل لتوافق بين التيار الوطني الحر وحزب الله حول فرنجية خلال الأيام الماضية، ما يجعل المرشح للرئاسة بعيدا عن حاجز الـ65 صوتا التي يحتاجها لحسم المنصب من الجولة الثانية.
في مقابل استمرار بعض قوى المعارضة (الداعمة لترشيح النائب ميشال معوض) على موقفها من رفض أي مرشح من فريق حزب الله، والتهديد باللجوء للتعطيل في حال نجح هذا الفريق في تأمين فرص انتخاب فرنجية.
إلى متى سيبقى لبنان واللبنانيون وسط هذا النفق الرئاسي المظلم؟ وهل من سبيل لحل أزمة انتخاب الرئيس بعد فشل ملامح لتسوية داخلية حتى الآن، يجيب الخبير السياسي اللبناني الدكتور محمد سعيد الرز، بأنه رغم ما يبدو على السطح من مؤشر لانسداد أفق الحلول، لكن ذلك لا يعني غياب محاولات العلاج بالكامل.
ويوضح في حديث لـ"العين الإخبارية": يتصدر المشهد الرئاسي الحل الخارجي الذي فرضت وجوده وتدخله أطراف المنظومة الحاكمة في لبنان، بعدما أقفلت كل أنواع الحوار والتوافق فيما بينها، نظرا لتضارب مشاريعها ومصالحها الخاصة.
وفي هذا الإطار، يرى الرز أن مرحلة ما بعد اللقاء الخماسي في باريس (6 فبراير/شباط الماضي)، والذي ضم مصر والسعودية وقطر وأمريكا وفرنسا، بدأت تبلور مسعى حقيقيا لإيجاد مخرج مناسب لحل الأزمة، بدءا من انتخاب رئيس للجمهورية خلافا لما يروجه البعض من انسداد الأفق.
ومؤخرا، حث سفراء الدول الخمس للولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر القيادات اللبنانية على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعد الاجتماع الذي عقده ممثلون عن وزارات الخارجية والمستشارين للقيادات العليا في كل منها في باريس، الإثنين السادس من فبراير/شباط.
وفي تحرك مواز، نقلت صحف محلية عن مصادر دبلوماسية في العاصمة باريس، أن البيان الذي صدر الخميس الماضي، عن مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان يعبر عن تحرك إيجابي آخر باتجاه التوصل إلى حل لملء الشغور الرئاسي.
وكانت مجموعة الدّعم الدولية من أجل لبنان قد أعربت (الخميس) عن بالغ قلقها إزاء تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان، وذلك "مع بلوغ الفراغ الرئاسي شهره الخامس، وفي ظل غياب الإصلاحات وتصلّب المواقف وازدياد الاستقطاب".
وحضّت المجموعة في بيان، "القيادات السياسية وأعضاء البرلمان على تحمل مسؤولياتهم والعمل وفقاً للدستور واحترام اتفاق الطائف من خلال انتخاب رئيس جديد دون مزيد من التأخير".
وتضم مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان الأمم المتحدة وحكومات الصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية مع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
ومع تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل يومين بأن انتخاب الرئيس لا ينبغي أن يطول لأكثر من أسابيع، يشير الخبير السياسي اللبناني إلى أن "هناك مباحثات غير معلنة تدور حول شخص الرئيس المقبل وشخصية رئيس الحكومة الجديد تقوم بها فرنسا ووجدت موافقة أولية عند الثنائي".
في غضون ذلك، كشف "الرز" أيضا عن تقدم دور سعودي مرتقب خلال الفترة المقبلة بموافقة عربية عامة لوضع خارطة طريق إنقاذية للبنان ترتكز إلى تطبيق الدستور، واتفاق الطائف مع متابعة للتنفيذ من قبل الجامعة العربية.
وبرهن بأن أول مشهد لهذا الدور سوف يتضح بلقاء لبناني-سعودي خلال المرحلة المقبلة، يأتي مواكبا لتقارب منتظر بين الرياض ودمشق.
وأردف "كل هذه السيناريوهات محتملة والأكثر توقعا هو وصول رئيس جمهورية لبناني لا يشكل حساسية، أو خلافا مع المحيط العربي، خاصة أن أي فريق لبناني ليس بمقدوره تحمل مسؤولية الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة ومرافقها العامة".
ويعتبر "الرز" أنه حين لا يتفق المسؤولون اللبنانيون يصبح المجال مفتوحا أمام المجتمع العربي والدولي للتدخل بهدف حل الأزمة، ومنع تفاقمها وإضرارها بالأمن القومي العربي.
كما يلفت النظر إلى سقوط مزاعم الطبقة الحاكمة من الثنائي الشيعي إلى كل التيارات الأخرى بتخلي العالم والمحيط العربي عن لبنان، فهذه الطبقة هي التي أوصدت الأبواب أمام الحل الخارجي لتجني المزيد من المكاسب الذاتية، وهي نفسها التي تتسابق اليوم لطلب الحلول من المحيط العربي والدولي.
ويحذر "الرز" من أن استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان سيؤدي إلى انهيار كامل لمقومات الدولة اللبنانية، وسط تصاعد وتيرة الفوضى على جميع المستويات الأمنية والسياسية والاجتماعية والمالية.
ويدلل على أن "منسوب الجريمة، خاصة السرقة والسطو، يرتفع يوما بعد يوم فيما تنهار قيمة العملة الوطنية أمام الدولار في كل ساعة وهي تجاوزت الـ90 الف ليرة لكل دولار، ويشتد وطيس العنف السياسي المتبادل ويمتد ليطال العقائد والأديان وسط دعوات تتصاعد للإدارة الذاتية سواء بالكونفدرالية، أو التقسيم، أو اللامركزية المالية".
ويعتبر أن هذه الصورة القاتمة للوضع اللبناني حاليا تعكس حالة الفراغ التي تنتقل من الرئاسة إلى سائر المؤسسات اللبنانية التي باتت شبه مشلولة، مع إضرابات المعلمين والمصارف وموظفي الضمان الاجتماعي وإدارة فحص السيارات والآليات والجامعة الوطنية.