كتل نيابية لبنانية تحذر من تأخر تشكيل الحكومة الجديدة
مسؤولون وسياسيون يؤكدون لـ"العين الإخبارية" أن "تأخر تشكيل الحكومة يفتح أبواب شرور.. الجميع في غنى عنها بلبنان"
حذر رؤساء كتل نيابية وسياسيون لبنانيون، الأربعاء، من تأخير تحديد موعد إجراء الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة الجديدة.
وأكد المسؤولون والسياسيون لـ"العين الإخبارية" أن "التأخير يفتح أبواب شرور.. الجميع في غنى عنها بلبنان".
- احتجاجات لبنان.. رقص ويوجا وقرع للطناجر على "جثة الطائفية"
- جعجع يجدد التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط في لبنان
ويستمر الغموض الذي يكتنف طبيعة الحكومة اللبنانية المقبلة، وما إن كان التوجه لتشكيل حكومة "تكنوقراط" (خبراء) أو مختلطة (تكنو سياسية) من ممثلي الأحزاب والكتل السياسية وخبراء.
ولا تزال عقدة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعد أكثر من أسبوع على استقالة سعد الحريري، تراوح مكانها.
ولم يحدد رئيس الجمهورية أي موعد للاستشارات النيابية الملزمة دستوريا لتكليف رئيس جديد للحكومة، مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية التي تعطل عمل المصارف والمؤسسات الحكومية.
وفيما دعا تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي إلى إعادة تكليف الحريري رئيسا للحكومة، لخبرته السياسية الواسعة ورمزيته، قال "حزب الكتائب" إنه "لم يحسم أمر مرشحه، وأن شكل الحكومة الأنسب هو تكنوقراط ومستقلة".
وكانت الرئاسة اللبنانية أعلنت، في وقت سابق في بيان لها، أن موعد الاستشارات النيابية لتكليف شخصية تشكيل الحكومة الجديدة "سيحدد قريبا"، وأن الرئيس عون "يجري اتصالات ضرورية حتى يأتي التكليف طبيعيا، ما يسهل لاحقا عملية التأليف".
وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون، الأربعاء، أن الحكومة المقبلة ستضم وزراء يتمتعون بالخبرة والكفاءة، ومن ذوي السمعة الحسنة، وبعيدين عن شبهات الفساد.
يفتح أبواب شرور كثيرة
وقال رئيس تيار المستقبل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السينورة، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "تأخير الاستشارات النيابية يحمل مخالفة واضحة وصريحة للدستور والأعراف التي جرت في لبنان منذ عام 1989".
وأضاف "التأخير ضد حالة الحراك الشعبي المتصاعد، والوضع الوطني والسياسي والاقتصادي والمالي في البلاد الذي يتطلب المسارعة في تحديد موعد الاستشارات، وتشكيل حكومة مسؤولة وليست حكومة تصريف أعمال".
وزاد رئيس تيار المستقبل بأن "استمرار عدم تحديد موعد للاستشارات النيابية أمر غير مقبول، وسيفتح أبواب شرور كثيرة.. لبنان في غنى عنها".
وحذر البنك الدولي اليوم مما وصفه بـ"عواقب وخيمة" على الاقتصاد اللبناني في حال عدم تشكيل الحكومة بشكل سريع، لأجل استعادة الثقة في الاقتصاد.
وأكد السنيورة أن على جميع القوى السياسية والحزبية التوصل سريعا لحلول تتجاوب مع أفكار الشباب في الساحات، ومع ما يحتاجه لبنان من تناغم مع المتغيرات الجارية بالبلاد وحولنا، ويلبي الحاجة إلى إجراء الإصلاحات اللازمة السياسية والمالية والاقتصادية.
ونبّه في هذا الصدد إلى أن هناك مستجدات وأوضاعا شديدة الصعوبة، وعلى الجميع التقاط الإشارات بعيدا عن الحديث في المصالح الضيقة.
ساحات الانتفاضة متصلة ببعضها
كما شدد على أنه "لم يعد بالإمكان لأحد أن يتجاهل الانتفاضة التي عبّر الشباب الذي يعاني من التهميش وعدم وجود فرص عمل، ونابعة بشكل واقعي من معاناة شديدة وقلق كبير، إضافة إلى حالة الخلل في التوازن الداخلي من خلال قوى تحاول الاستفادة من مبدأ توازن القوى، وليس قوة التوازن".
وحرص السنيورة على التأكيد بأن "لبنان ما قبل تاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وقت اندلاع الانتفاضة الشعبية، يختلف عنه بعد هذا التاريخ".
ولفت إلى أن "حركة الشباب في الساحات حققت أمرا غير مسبوق، حيث إنه للمرة الأولى أصبحت الساحات كلها متصلة مع بعضها البعض على امتداد لبنان، بعيدا عن الأحزاب والعصبيات الطائفية والمذهبية التي أصبحنا نعاني منها بشدة".
ورأى السنيورة أن "الأصلح لتولي رئاسة الحكومة الجديدة هو سعد الحريري".
وأرجع ذلك إلى أن "الحريري أصبح لديه الخبرة والمعرفة التي اكتسيها في العمل السياسي والرمزية، فضلا عن الصلات التي يحظى بها، واكتسبها في علاقاته مع دوائر عربية ودولية يستطيع أن يوظفها لصالح لبنان".
محاذير جمة
ونبّه الدكتور سليم الصايغ نائب رئيس حزب الكتائب، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "التباطؤ في تحديد موعد للمشاورات النيابية له محاذير جمة".
وتابع: "يقول الرئيس إن التأجيل بسبب اختصار مدة التأليف فيأتي التكليف مقرونا بالتأليف، لكنه في الواقع اجتهاد جديد أو بدعة بعيدة عن الإبداع".
وأردف: "هذا الإجراء يحمل الرئيس تبعة التأليف، أو عدمه وكل تأخير وتبعاته، بينما المسؤول عن وضع التشكيلة هو رئيس الحكومة المكلف".
وأشار إلى أنه "فيما يتعلق بعملية التفاوض تصبح مشهدية جبران (باسيل) وسعد (الحريري) لاستنباط الحلول أمرا استفزازيا للناس الذين ثاروا على أركان التسوية الرئاسية، صاحبة المسؤولية السياسية الأولى"، حسب تعبيره.
واعتبر أن "الاستشارات ستبدأ عند الاتفاق على الحصص، مما يعني تـأجيج الثورة"، وفقا لتقديره.
وحول موقف حزب الكتائب (كتلته 3 نواب بالبرلمان) من إعادة تسمية الحريري رئيسا للوزراء، قال الصايغ: إن "قرار الحزب بالاسم لم يحسم بعد، وهناك مجموعة أسماء متداولة فيها القدر والقيمة، وما يهمنا هنا أن تكون صاحبة خبرة وكفاءة ونزيهة ومستقلة".
وبشأن الغموض الذي يكتنف طبيعة الحكومة اللبنانية المقبلة، قال الصايغ إن "شكل الحكومة الأنسب هو تكنوقراط ومستقلة، لإدارة ملفات واضحة أبرزها الإشراف على إجراء انتخابات نيابية مبكرة، والالتزام بسلة الإصلاحات المعروفة".
وكان رئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل حذر من أن "الأزمة تتفاقم مع كل يوم يؤخر تكليف شخصية لتشكيل الحكومة".
ودعا في مؤتمر صحفي أخير له إلى تشكيل حكومة جديدة من الاختصاصيين، قوامها الحياد السياسي ويتسم وزراؤها بالكفاءة لإدارة مرحلة انتقالية وتنظيم انتخابات نيابية مبكرة.
مخالفة للدستور
ومن جهته، قال رامي الريس مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي تتشكل كتلته النيابية من 9 نواب، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الاستشارات النيابية الملزمة كان من المفترض أن يدعو لها الرئيس عقب استقالة الحكومة مباشرة، وهو ما لم يحدث حتى الساعة، وفي هذا مخالفة للدستور، لأنه يسعى للانطلاق في التأليف قبل التكليف".
وشدد في هذا الصدد على أن "تحديد موعد الاستشارات لا يحتاج إلى مظاهرات، بل لقرار من رئيس الجمهورية تطبيقاً للدستور".
وحول رأي حزبه من تسمية الحريري لرئاسة الوزراء، قال الريس إنه في حال رغب الرئيس الحريري بالعودة إلى رئاسة الحكومة، فإن الحزب سيدعم ترشيحه.
وأوضح أن "الحريري رئيس كتلة نيابية كبيرة وله حيثيته التمثيلية الواسعة وموقعه في المعادلة الداخلية اللبنانية، ومن الطبيعي دعمه في حال رغب في ذلك".
وحول التصعيد المستمر في الشارع والذي بلغ ذورته الأحد الماضي مع تحرك "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه الوزير جبران باسيل، دعما لرئيس الجمهورية، قال الريس إن "المظاهرات حق مشروع في إطار النظام الديمقراطي اللبناني، ولكن رئيس الجمهورية يفترض أن يكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين وليس رئيساً لتيار!".
وكان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع جدد في حديث إذاعي، الأربعاء، التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط في لبنان.
وقال جعجع إن "أي محاولة لتشكيل حكومة إخصائيين تسميها هذه الأكثرية أمرا مرفوضا وهذا فخ"، مضيفا "نحن نريد حكومة إخصائيين مستقلين لا علاقة لهم بالأكثرية السياسية".
ودخلت استقالة سعد الحريري يومها الثامن، وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية التي أخذت منحى جديدا من خلال تعطيل عمل مصارف ومؤسسات حكومية.
واعتصم محتجون لبنانيون في مدينة طرابلس (شمال البلاد) اليوم أمام مصرف لبنان ومؤسسات حكومية.
وأجبر محتجون لبنانيون المصارف اللبنانية على الإغلاق في مناطق عدة بالبلاد، اعتراضاً على سياسات القطاع المصرفي لليوم الثاني على التوالي.
وتتواصل الاحتجاجات في لبنان للأسبوع الثالث على التوالي، للمطالبة بالإسراع في إجراء الاستشارات النيابية، وتسمية رئيس جديد للحكومة، وتحقيق مطالب المحتجين، وقطع المحتجون الطرقات في عدد من المناطق اللبنانية.