توترات تسبق الاستشارات النيابية بلبنان.. والحريري يتمسك بـ"تكنوقراط"
المصادر تشير إلى أن تكليف رئيس للحكومة سيحدث لكن المشكلة ستكون في التأليف، مع تمسك الأطراف بموقفها لجهة شكلها وصيغتها.
قبل ساعات من موعد الاستشارات النيابية اللبنانية المقررة غدا الإثنين، لتسمية رئيس الحكومة، تشهد الساحة اللبنانية تصعيدا على الأرض، عكس توترا أمنيا وسياسيا، وسط تمسك رئيس الوزراء سعد الحريري بحكومة اختصاصيين.
وفي حين لا تزال تؤكد مصادر رئاسة الجمهورية أنه لا تأجيل لموعد الاستشارات مرة ثانية بعد تأجيلها الإثنين الماضي إلى الغد، رجحت وسائل إعلام محلية التأجيل بحجة التحركات الشعبية المتصاعدة في الساعات الأخيرة.
ومع التوقعات التي تشير إلى أن التكليف سيحدث، يبدو أن المشكلة ستكون في مهمة تأليف الحكومة في ضوء تمسك الأطراف بموقفها لجهة شكلها وصيغتها.
- غموض يحيط بمصير استشارات تكليف رئيس الحكومة في لبنان
- مصادر لـ"العين الإخبارية": تكليف الحريري بتشكيل الحكومة بات محسوما
وفي هذا الإطار أكدت مصادر قريبة من الحريري الذي بات تكليفه محسوما، ما لم تحدث تطورات لاحقا، لـ"العين الإخبارية" أن الأخير لن يتراجع عن موقفه لجهة تأليف حكومة اختصاصيين قادرة على اجتياز هذه المرحلة التي يمر بها لبنان.
بينما ذكرت مصادر بالرئاسة اللبنانية لـ"العين الاخبارية" أن رئيس الجمهورية ميشال عون يرى الحل عبر تشكيل حكومة تكنوسياسية لتؤمن الغطاء لقرارات الحكومة التي يفترض أن تأخذها في المرحلة المقبلة الدقيقة في تاريخ لبنان، وهو الموقف الذي يؤيده "حزب الله" و"حركة أمل".
ووفق مواقف الكتل النيابية ولا سيما الكبرى منها، بات مؤكدا أن "التيار الوطني الحر" (تكتل لبنان القوي) لن يصوت للحريري بحسب ما سبق أن أعلن رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل كما أنه لن يشارك في الحكومة.
لكن الصورة ستتضح بشكل أكبر في الساعات المقبلة حيال الكتل الأخرى، خاصة وأن بعضها على غرار "كتلة حزب القوات اللبنانية" و"اللقاء الديمقراطي" (الحزب التقدمي الاشتراكي) ستعقد اجتماعا لها اليوم لمناقشة الأمر.
ووفق مصادر مطلعة على المباحثات السياسية، فإن "القوات" و"الاشتراكي" حليفي الحريري سيتجهان لتسميته، وذلك انطلاقا من مواقف مسؤولي الحزبين الذين لطالما أكدوا دعمهم للحريري رغم تأكيدهم على مطلب تشكيل حكومة تكنوقراط.
وكان رئيس "الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط قد أعلن أنه سيكون إلى جانب الحريري في كل خياراته، بينما قال رئيس "القوات" سمير جعجع يوم أمس "إذا رفضنا الحريري يعني علينا أن نرفض رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري".
أما على صعيد "حزب الله" و"حركة أمل" فتشير المصادر المطلعة على المباحثات لـ"العين الاخبارية" إلى احتمالين إما أن يعمد الاثنان إلى تسمية الحريري أو يتبعان سياسة تبادل الأدوار عبر تسمية "حركة أمل" (17 نائبا) له وامتناع حزب الله" (13 نائبا) عن ذلك، لتأمين ما يعرف في لبنان بالميثاقية لتكليف الحريري.
وفي هذا الإطار تقول مصادر قيادية في "تيار المستقبل" الذي يرأسه الحريري لـ"العين الاخبارية" إن الأخير لن يقبل بالتكليف إلا إذا حصل على الأكثرية النيابية أي ما لا يقل عن 65 صوتا.
ويشار إلى أن الدستور اللبناني يعطي الحق لأي شخصية أن ترفض تكليفها رغم تسميتها من قبل النواب، وهذا ما حصل عام 2011 مع والد الحريري، رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، حيث رفض التكليف عام 1998 رغم حصوله حينها على 83 صوتا.
ووفق التقديرات التي تبقى مرجحة بانتظار حسمها في استشارات يوم غد، فإن الحريري الذي كلف في الحكومة السابقة بـ111 صوتا، سيحصل هذه المرة على ما بين 65 و75 صوتا من أصل 128 نائبا، إذا امتنع حزب الله عن تسميته، ويتجاوز الـ80 إذا صوت الحزب له.
وتتوزع أصوات الكتل كالتالي: "حركة أمل" برئاسة نبيه بري (17 نائبا)، "تيار العزم" برئاسة نجيب ميقاتي (4 نواب)، "حزب القوات اللبنانية" (15 نائبا)، "الحزب التقدمي الاشتراكي" (9 نواب)، "كتلة المستقبل" (18 نائبا) كتلة "تيار المردة" بزعامة طوني فرنجية (5 نواب).
وفيما يسود الترقب حول ما ستؤول إليه الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان، تكثفت الدعوات للمظاهرات اليوم بعد الظهر ومساء في مختلف المناطق، مطالبة بتكليف شخصية من خارج الطبقة السياسية المعروفة واختيار شخصيات مستقلة واختصاصيين في الوزارات.
ويأتي هذا بعد ليلة وصفت بالعنيفة على الأرض بين مناصري حزب الله وحركة أمل من جهة، وبين المتظاهرين والقوى الأمنية من جهة أخرى.
وكانت ليلة أمس قد شهدت توترات متنقلة على الأرض على خلفية اعتداء نفذه مناصرو "حزب الله" و"حركة أمل" على القوى الأمنية التي منعتهم من الهجوم على خيم المتظاهرين في وسط بيروت.
وانتقل التوتر إلى محيط مقر البرلمان حيث دعا المتظاهرون للاحتجاج مطالبين بتكليف رئيس للحكومة من غير السياسيين ووزراء اختصاصيين.
وتعرض المحتجون، وفق ما نقلت وسائل الإعلام اللبنانية ومقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى الضرب بالعصي فيما أطلقت القوى الأمنية القنابل المسيلة للدموع.
وقال المحتجون إن من تعرضوا لهم بالضرب هم من شرطة مجلس النواب إضافة إلى شبان افتعلوا أحداث الشغب وسط بيروت، وكانوا يحملون العصي ويعتدون على المتظاهرين الذين سقط منهم عشرات الجرحى.
وبعدما لاقى تعامل القوى الأمنية مع المتظاهرين بعنف استياء لبنانيا، أصدرت وزيرة الداخلية ريا الحسن بيانا طلبت فيه إجراء تحقيق فيما حصل ليل أمس.
وكانت المديرية العامة للدفاع المدني قالت، في تغريدة على حسابها عبر "تويتر"، إن "عناصرها عملت السبت على معالجة وتضميد إصابات 54 مواطناً، ونقل 36 جريحاً إلى مستشفيات المنطقة للمعالجة".
وأعلنت من جهتها قوى الأمن أن حصيلة الإصابات في صفوفها والذين استوجب نقلهم إلى المستشفيات 20 عنصراً، إضافة إلى جرح 3 ضباط وإصابة العديد الذين عولجوا ميدانياً.
وصباح اليوم، سجل أيضا في الشمال اعتداء على مكتبين للتيار الوطني الحر في الجديدة بعكار وكذلك مكتب تيار المستقبل في خريبة الجندي مفرق كوشا.
وتستمر الاحتجاجات اللبنانية وسط إصرار شديد على الاستمرار حتى تحقيق المطالب المتمثلة في تشكيل حكومة خبراء، وتغيير كل الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد، وسط تجاهل من الطبقة السياسية الحاكمة.
aXA6IDE4LjIyNy40OC4yMzcg جزيرة ام اند امز