تطورات «خطيرة» على حدود لبنان.. قتلى وهدنة قاب قوسين من الانهيار
مع اندفاع مئات اللبنانيين منذ الصباح الباكر ومحاولتهم دخول بلدات وقرى حدودية لم ينسحب منها الجيش الإسرائيلي، قتل 22 شخصا على الأقل بنيران إسرائيلية.
وهذه الحصيلة اليومية هي الأكبر منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله فجر 27 نوفمبر/تشرين الثاني، والذي وضع حدا لنزاع بين الطرفين بدأ قبل أكثر من عام.
وبموجب الاتفاق، كان أمام القوات الإسرائيلية حتى الأحد لتنسحب من مناطق حدودية توغلت فيها خلال الحرب. لكن الدولة العبرية أكدت هذا الأسبوع أن قواتها ستبقى لما بعد المهلة، بينما اتهمها الجيش اللبناني بـ"المماطلة".
ومنذ صباح الأحد، تقدمت مواكب من مئات السيارات والدراجات النارية نحو بلدات لا يزال الجيش الإسرائيلي فيها، مثل كفر كلا وميس الجبل وحولا، بحسب ما شاهد مراسلون لوكالة فرانس برس.
ورفع كثيرون رايات حزب الله الصفراء وصورا لمقاتلين قضوا خلال الحرب، وأخرى لأمينه العام السابق حسن نصرالله الذي اغتيل بضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية في 27 سبتمبر/أيلول.
وأوضح مركز عمليات الطوارئ العامة في وزارة الصحة أن «اعتداءات العدو الإسرائيلي خلال محاولة مواطنين الدخول إلى بلداتهم التي لا تزال محتلة» أدت إلى مقتل 22 شخصا وإصابة 124 آخرين في 19 بلدة مختلفة. وكانت الوزارة تحدثت في حصيلة سابقة عن سقوط 15 قتيلا، علما أن بين القتلى جنديا لبنانيا.
وأكد الجيش اللبناني أن مقتل الجندي أتى «في سياق اعتداءاته (الجيش الإسرائيلي) المتواصلة على المواطنين وعناصر الجيش (اللبناني) في المناطق الحدودية الجنوبية».
من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أنه أطلق النار «بهدف إبعاد وإزالة تهديدات في عدة مناطق تم رصد مشتبه فيهم يقتربون منها».
وأوضح المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي: «تم اعتقال عدد من المشتبه فيهم في المنطقة بعد أن تحركوا بالقرب من القوات وشكلوا تهديدا حقيقيا».
وفي بيان أصدره الأحد، أشاد حزب الله بما اعتبره «يوما مجيدا ومشهدا من مشاهد العز والكرامة»، مؤكدا أن "شعب المقاومة أثبت مرة أخرى أنّه الشعب المتجذّر في أرضه". وطالب "المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته أمام انتهاكات العدو الإسرائيلي وجرائمه".
دور الجيش
وحاول جنود لبنانيون ثني الناس عن التقدم، لكن العديد منهم واصلوا طريقهم، بحسب مراسلي فرانس برس.
وأظهرت لقطات من ميس الجبل، جنودا لبنانيين وأشخاصا حملوا رايات لحزب الله وحليفته حركة أمل، على بعد أمتار من دبابة ميركافا وجنود إسرائيليين.
وقال علي حرب (27 عاما) على أطراف كفر كلا: "في نهاية المطاف سنعود إلى قرانا، كل الناس ستعود إلى قراها. العدو الإسرائيلي سيرحل، غصبا عنه سيرحل حتى لو كلّفنا الأمر شهداء، نحن جاهزون».
مواكبة مستمرة
وأكد الجيش اللبناني في بيان مساء الأحد أنه "يواصل مواكبة الأهالي العائدين إلى البلدات الحدودية الجنوبية والوقوف إلى جانبهم".
وأوضح أنه "يستكمل الدخول إلى عدة بلدات جنوبية والانتشار فيها، ويدعو المواطنين إلى الالتزام بتوجيهات الوحدات العسكرية".
وفتح حزب الله جبهة "إسناد" لحليفته حركة حماس غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. واعتبارا من سبتمبر/أيلول 2024، كثّفت إسرائيل غاراتها على معاقل للحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية، ونفذت عمليات توغل برية في مناطق حدودية واسعة.
ونزح نحو 900 ألف شخص في لبنان وقتل أكثر من أربعة آلاف شخص خلال المواجهات على مدى أكثر من عام، غالبيتهم منذ أيلول/سبتمبر 2024، بحسب السلطات.
وبموجب الاتفاق المبرم بوساطة أميركية، يتوجب على إسرائيل سحب قواتها خلال 60 يوما، وأن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل).
كما يتوجب على حزب الله الذي تلقى ضربات موجعة خلال الحرب، سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد حوالى 30 كيلومترا من الحدود، وتفكيك أي بنى عسكرية متبقية في الجنوب.
دعوة فرنسية للانسحاب
وتبادل لبنان وإسرائيل خلال الأسابيع الماضية الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار الذي تمّ إبرامه بوساطة أمريكية، وتشرف على تنفيذه لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل واليونيفيل.
وأعلن الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "سحب قواته التي لا تزال منتشرة في لبنان"، وذلك خلال اتصال هاتفي بينهما الأحد.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون شدد "على أهمية ألا يقوض أي شيء جهود السلطات اللبنانية الجديدة لاستعادة سلطة الدولة على كامل أراضي بلادها".
والتوتر الأحد هو الأخطر في جنوب لبنان منذ انتخاب قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيسا للجمهورية بدعم من أطراف غربيين وعرب، في التاسع من يناير/كانون الثاني.
ودعا عون سكان الجنوب إلى "ضبط النفس والثقة بالقوات المسلحة اللبنانية، الحريصة على حماية سيادتنا وأمننا وتأمين عودتكم الآمنة"، مؤكدا "أنا أتابع هذه القضية على أعلى المستويات لضمان حقوقكم وكرامتكم".
كما دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأحد "الدول التي رعت تفاهم وقف النار إلى تحمّل مسؤولياتها في ردع العدوان وإجبار العدو الإسرائيلي على الانسحاب من الأراضي التي يحتلها".
في المقابل، اعتبرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان ورئيس بعثة قوة اليونيفيل في بيان مشترك أن "الظروف ليست مهيأة بعد لعودة آمنة للمواطنين إلى قراهم" الحدودية.
وشدد البيان على وجوب "امتثال الطرفين لالتزاماتهما بموجب تفاهم نوفمبر/تشرين الثاني، والتنفيذ الكامل للقرار 1701 هو السبيل الوحيد لإغلاق الفصل المظلم الأخير من النزاع وفتح فصل جديد يبشر بالأمن والاستقرار والازدهار على جانبي الخط الأزرق".
ورغم سريان الهدنة، أعلنت إسرائيل مرارا تنفيذ ضربات ضد منشآت أو أسلحة للحزب، بينما يفيد الإعلام الرسمي اللبناني عن قيام القوات الإسرائيلية بعمليات تفخيخ وتفجير لمنازل ومبانٍ في القرى الحدودية.
وأكدت إسرائيل أن من أهداف المواجهة التي خاضتها مع حزب الله، إبعاد مقاتليه من حدودها الشمالية، والسماح لعشرات الآلاف من مواطنيها بالعودة الى منازلهم في شمال الدولة العبرية، بعدما نزحوا عنها إثر بدء تبادل القصف عبر الحدود عام 2023.
aXA6IDMuMTQ3LjgxLjE3MiA= جزيرة ام اند امز