لبنان يتجنب الانهيار الاقتصادي بهجرة الدولار.. هل يستطيع؟
وزارة الاقتصاد اللبنانية تستعد لمقاضاة الشركات اللبنانية في حال عدم استخدام الليرة في التجارة وتسعير منتجاتها
حذرت وزارة الاقتصاد اللبنانية، الخميس، بمقاضاة الشركات اللبنانية في حال عدم استخدام الليرة في التجارة وتسعير منتجاتها، في أحدث محاولة لتجنب الانهيار المالي، حيث لم تظهر على مدار أسابيع من الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة أي علامات على توقفها.
ونظرا لأن المستثمرين والمتعاملين يفقدون ثقتهم بالليرة اللبنانية فقد طالبت العديد من الشركات بتلقي مدفوعاتها بالدولار، على الرغم من تثبيت السعر القائم منذ أكثر من عقدين، فقد قام البعض بتسعير العملة المحلية بأعلى من سعر الصرف الثابت.
واستخدم وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال منصور بطيش البيان لحث "جميع التجار ومزودي الخدمات على الأراضي اللبنانية على الالتزام باعتماد الليرة اللبنانية حصرا".
وأشار في البيان إلى أن القانون المالي اللبناني يشترط أن تكون الوحدة النقدية للجمهورية اللبنانية هي الليرة اللبنانية، وقال إن القرار تبرره الحاجة إلى حماية الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، حسب ما أفادت وكالة أنباء بلومبرج.
في وقت سابق من الأسبوع الجاري، أصدرت وزارة الاتصالات قرارا مماثلا، أجبر شركات تشغيل شبكات الهاتف المحمول على بيع بطاقات إعادة الشحن المدفوعة مسبقا للموردين بالعملة المحلية وبسعر الصرف الرسمي.
وتوقع البنك الدولي أن يشهد لبنان "ركودا كبيرا" في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والمالية عليه.
وأكد البنك الدولي، أمس الأربعاء، أن الوضع في لبنان يصبح أكثر خطورة بمرور الوقت، وتحقيق التعافي ينطوي على تحديات أكبر.
وقال البنك الدولي إنه مستعد لتقديم كل الدعم الممكن إلى حكومة لبنانية جديدة في لبنان تكون ملتزمة "بالحوكمة الرشيدة.. وخلق فرص عمل لجميع اللبنانيين".
وأوضح البنك في بيان، بعد أن التقى المدير الإقليمي للبنك ساروج كومار الرئيس اللبناني ميشال عون، أن التشكيل السريع لحكومة تلبي توقعات جميع اللبنانيين هي الخطوة الأكثر إلحاحا في لبنان.
وحث البنك الدولي لبنان على اتخاذ إجراءات سريعة لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي للبلاد.
وتوقع البنك الدولي ركودا في لبنان خلال 2019 أكبر بكثير من التقدير السابق، بأن يسجل الناتج المحلي الإجمالي معدل -0.2%.
ويشهد لبنان تدهوراً اقتصادياً، تجلى في نسبة نمو شبه معدومة العام الماضي، وتراكم الديون إلى 86 مليار دولار، أي ما يعادل 150% من إجمالي الناتج المحلي، وهو من أعلى المعدلات في العالم.
وخفضت وكالة "موديز" التصنيف الائتماني للبنان مرة جديدة، ليصبح "سي إيه إيه-2" في بلد يشهد للأسبوع الثالث على التوالي تحركاً شعبياً ضد الطبقة السياسية التي يتهمها متظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية.
وكانت موديز خفضت في يناير/كانون الثاني الماضي تصنيف لبنان الطويل الأجل للديون من "بي-3" إلى "سي إيه إيه -1"، محذرة من تخفيض جديد.
وخفضت وكالة "فيتش" في 23 أغسطس/آب الماضي تصنيف لبنان درجة واحدة من "بي سلبي" إلى "سي سي سي"، بينما أبقت وكالة "ستاندارد آند بورز" تصنيف لبنان كما هو "بي سلبي/بي"، مرجحة استمرار تراجع ثقة المستثمرين ما لم تتمكن الحكومة من "تطبيق إصلاحات بنيوية لتقليل العجز في الموازنة وتحسين النشاط التجاري".
وكانت الحكومة اللبنانية تعهدت العام الماضي للمجتمع الدولي بتخفيض النفقات العامة وبمشاريع إصلاحية مقابل حصولها على قروض وهبات بقيمة 11.6 مليار دولار، إلا أنها لم تتمكن من الوفاء بالتزاماتها، وأقرت العام الحالي موازنة لـ2019 تضمنت سلسلة إجراءات تقشفية للحد من العجز.
وللمرة الأولى منذ أكثر من عقدين تراجعت قيمة الليرة اللبنانية خلال الصيف أمام الدولار، وإن كان سعر الصرف الرسمي لا يزال ثابتاً على 1507، إلا أنه تخطى الإثنين في السوق الموازية 1700 ليرة للدولار.
وفي ظل تدهور الوضع المعيشي والخشية من فرض ضرائب جديدة في إطار الإجراءات التقشفية، خرج اللبنانيون منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى الشوارع في حراك شعبي غير مسبوق، لم يستثن منطقة أو طائفة أو زعيماً.
وأمام ضغط الشارع أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري في 29 أكتوبر/تشرين الأول استقالته، بعد أيام على طرحه ورقة إصلاحات اقتصادية لم يأبه بها الشارع، الذي يطالب برحيل الطبقة السياسية كاملة، مؤكداً عدم ثقته بها.
aXA6IDE4LjIyMC4yNDIuMTYwIA==
جزيرة ام اند امز