مخاوف شح السيولة تعرقل واردات السلع في لبنان
المستوردون تلقوا إخطارات من عدة بنوك في الأيام الأخيرة بأن خطوط الائتمان غير المستخدمة قد جُمدت مؤقتا.
يواجه التجار اللبنانيون صعوبات في سداد قيمة واردات شتى السلع، مع فرض البنوك قيودا على خطوط الائتمان استجابة للمخاوف من شح السيولة بعد مظاهرات لأسابيع.
ودفعت المظاهرات، التي انطلقت شرارتها في أرجاء البلاد يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول على خلفية اقتراح الحكومة فرض ضريبة على الاتصالات عن طريق تطبيق واتساب، سعد الحريري للاستقالة من رئاسة الوزراء الأسبوع الماضي.
وتلقى المستوردون إخطارات من عدة بنوك في الأيام الأخيرة بأن خطوط الائتمان غير المستخدمة قد جُمدت مؤقتا.
وسببت الإخطارات إزعاجا كبيرا للمستوردين الذين يعتمدون على مثل تلك التسهيلات في سداد مقابل المنتجات الواردة من الخارج.
وقال هاني بحصلي المدير العام لشركة بحصلي فودز للأغذية "إنها كارثة.. لدينا شحنات لنجلبها، وفجأة لم نعد نستطيع تحويل الأموال للموردين".
وتابع "أمس كان لدي مبلغ مستحق لشركة في مصر بنحو 35 ألف دولار، ولدي غدا آخر لشركة في تايلاند. كل شئ مجمد حتى إشعار آخر".
يستورد بحصلي، وهو رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية والاستهلاكية والمشروبات التي تمثل نحو 50 بالمئة من المستوردين، منتجات بمئات الآلاف من الدولارات أسبوعيا، من المعكرونة إلى مسحوق الكاكاو.
ولم يفرض مصرف لبنان المركزي قيودا رأسمالية رسمية على البنوك التي فتحت مجددا، يوم الجمعة، بعد إغلاق استمر أسبوعين بسبب المظاهرات.
لكن في ظل التهافت على الدولار الذي يستنزف سعر الصرف الرسمي، استحدثت البنوك قيودا مؤقتة للحيلولة دون نزوح الأموال.
قيود ائتمانية مؤقتة
لم يبلغ المستوردون حتى الآن عن حدوث نقص في السلع والمنتجات وبدوا غير قلقين من خطر حدوث ذلك في الأيام القادمة، حيث يتوقعون أن تكون القيود الائتمانية مؤقتة.
لكن القيود تضع مزيدا من الضغوط على اقتصاد يعاني بالفعل في ظل نمو منعدم وتباطؤ تدفق الأموال من الخارج عندما اندلعت الاحتجاجات في 17 أكتوبر/ تشرين الأول.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات، دفعت بعض الشركات لعامليها نصف راتب فقط عن شهر أكتوبر/ تشرين الأول بينما ستلجأ شركات أخرى لنفس الإجراء في نوفمبر/ تشرين الثاني، حسبما قال موظفون.
وحددت بعض البنوك أيضا حجم الأموال التي يستطيع العملاء سحبها من الحسابات الدولارية إلى بضعة آلاف من الدولارات أسبوعيا.
وقال شادي حسين مدير تطوير الأعمال الإقليمية لدى عُبجي للمنتجات الاستهلاكية، إحدى أكبر شركات الأغذية في لبنان: "حين فتحت البنوك مجددا أُبلغنا أنه لم يعد بمقدورنا استخدام الرصيد المتبقي في التسهيلات الائتمانية القديمة التي كنا نستخدمها في سداد مستحقات الموردين".
وتابع حسين، الذي يستورد البسكويت والأغذية المعلبة ومنتجات استهلاكية أخرى، "لحسن الحظ، لدينا علاقة جيدة مع موردينا ولذا يتفهمون الموقف لبعض الوقت، لكن الوضع صعب جدا للشركات الصغيرة".
وقال سليم صفير رئيس جمعية مصارف لبنان إن البنوك تراجع الموقف كل ساعة بالتنسيق مع مصرف لبنان وتعدل مواقفها بناء على ذلك.
وتابع: "مهمتنا الرئيسية تدبير الاحتياجات الضرورية للبلاد. ونظرا للإغلاق الذي استمر أسبوعين لمخاوف أمنية، تراكمت الطلبات. ليس لدينا سياسة قيود لكننا نرتب الأولويات".
الاعتماد على الاستيراد
في ظل قطاع صناعي ضئيل وموارد طبيعية قليلة، يعتمد اقتصاد لبنان على الواردات، وبلغت وارداته 10.1 مليار دولار في النصف الأول من 2019، بزيادة 6% عن الفترة المماثلة من العام الماضي، بينما اتسع العجز التجاري، وهو مقياس لمدى زيادة الواردات على الصادرات، إلى 8.4 مليار دولار.
وقال حسين، إن القيود مصدر إزعاج إضافي لشركات تعاني بالفعل نظرا لأن إغلاق البنوك منع موظفي المبيعات من تحصيل مدفوعات من العملاء.
وضغط أيضا تباطؤ التحويلات النقدية من اللبنانيين في الخارج على احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي في الأعوام الأخيرة.
وقبل اندلاع الاحتجاجات وفي ظل شح في الدولارات الذي أوجد سوقا موازية لليرة اللبنانية، قال البنك المركزي إنه سيعطي الأولوية لاستخدام الدولار في شراء الوقود والدواء والقمح.
لكن لم تتوقف مدفوعات جميع السلع. فبعض التجار الذين لا يستخدمون خطوط الائتمان بمقدورهم تحويل الأموال إلى الموردين مباشرة.
وقال بول منصور، وهو صاحب مطحن دقيق، إنه سدد 4 مدفوعات للموردين من خلال إيداع الأموال في البنك بنفسه لإجراء التحويلات.
aXA6IDMuMTQ1LjgxLjI1MiA= جزيرة ام اند امز